[email protected]
فخامة الرئيس الفلبيني روديجو دوتيرتي حفظه الله
بتحية الإسلام أُحييكم، فالسلام عليكم ورحمة الله وبركاته، أما بعد،
سيادة الرئيس:
أكتب لكم كمواطن كويتي يناظر الأحداث المتسارعة، وهمّي كله أن تتضح لكم الحقيقة فقط فيما يخص «العمالة الفلبينية». ودعني عزيزي الأخ الرئيس أن أُعرّف لكم بلدي وشعبي المضياف عبر التاريخ والأحداث، وهو تاريخ مشرّف نفخر به كشعب كويتي وإلا ما سُمينا ببلد «الإنسانية» ولدينا قائد الإنسانية وعاصمة الإنسانية!!
سيادة الرئيس:
بلدي الكويت أنشئت قبل 400 عام مضت
واستوطنها آل الصباح الكرام وتكوّن شعبها من (أجناس وأعراق مختلفة) شكّلت ميزاييكا فريداً في قلب الجزيرة العربية وعلى هامة الخليج العربي.
سيادة الرئيس:
بلدي الكويت تأسست عام 1613 م كمدينة تجارية تأتيها الأجناس البشرية من كل مشارق الأرض ومغاربها، وعبر التاريخ كان دائما أهل الكويت شعبا ودودا ومضيافا وكريما، ومنذ عهد مؤسس الكويت الشيخ مبارك الصباح الذي حكم الكويت في 17 مايو 1896 حتى عام 1915 وفي (ذريته الحكم)، ومنذ ذاك التاريخ والكويت تتطور ضمن روعة دستور مكتوب ومطبق وحكّام يتصفون بالنزاهة في تطبيق القانون.
سيادة الرئيس:
نحن كشعب غضبنا جدا عند اكتشاف جثة فلبينية في فريزر مجمدة تعود (لوافد) غير كويتي من المواطنين العرب والذي هرب الى سورية، ونشارككم الأحزان ولتكن على ثقة بأن الشعب الكويتي الأبي لا يرضى أبدا أن (يهين أو يسمح لأحد ما بامتهان كرامة الشعب الفلبيني أو غيره من الشعوب التي لدينا منهم عمالة)، ولتعلم فخامة الرئيس أن شعبي مضياف، يحفظ الكرامات ولا يرضى بالجور ويعامل كل من يعمل على أرض الكويت بمنتهى الآدمية والاحترام. تبقى هناك (نفوس مريضة أو تعاني من خلل) وهم والحمد لله قلة (موجودون) في كل مكان في هذا العالم الكبير.
سيادة الرئيس:
الشعب الكويتي ارتبط بالشعب الفلبيني من قديم الزمان، فبعد الاستقلال والانفتاح زار كثيرا من أبناء الكويت الفلبين، وأنا أحدهم، ولا أخفيك بأن الشعب الكويتي أيضا له صلة نسب، فهناك بعض من أبناء الكويت ارتبطوا بزيجات مع الأسر الفلبينية، وايضا هناك ٢٦٥ ألف مواطن فلبيني أو أكثر يعملون في دولتنا ومطاعمنا وشركاتنا وفي بيوتنا، واستطاعت الكويت بفضل مساهماتها السخية أن تخفف آلام المشردين وضحايا الكوارث في العالم ومنها الفلبين إذ تم التبرع لمشرديها بـ 10 ملايين دولار بعد إعصار هيان المدمر عام 2013.
ونشاط الصندوق الكويتي للتنمية في الفلبين مستمر منذ سبعينيات القرن الماضي وموَّل العديد من المشاريع في قطاعات الكهرباء والطرق في إقليم مندناو وقدم قروضا بلغت تقريبا حوالي 47 مليون دولار.
سيادة الرئيس:
من حقك أن تحرص على مصالح أبناء شعبك ومن حقنا أن ندافع عن (الكويت المظلومة دائما)، وما مقتل فلبينية وتجميدها إلا واحدا من الأفعال التي تنسب لنا كشعب ونحن أبرياء من دمها!
نعم قتلت هذه المظلومة في الكويت، لكن القاتل غير كويتي، ونحن معك أول من يطالب أجهزتنا الأمنية بضرورة الاستعانة بالإنتربول لإرجاع هذا المجرم وتطبيق القانون عليه لينال الجزاء العادل.
كما لا يخفى عليكم سيادة الرئيس أن الشعب الفلبيني، ومنهم العاملون عندنا، ليسوا ملائكة، وإنما هم بشر وفيهم السوي وفيهم المجرم، فكم حادثة قتل رُوعنا بها في الكويت كانت على يد أحد مواطنيك أو الاعتداء على كبار السن والأطفال، ونعرف أن هذا أمر يحدث في كل مكان، ولهذا كله لا تعول كثيرا على أن الكويت ستنحني للطلبات غير المعقولة، وتذكر أن لدى الكويت بدائل لكننا نريد ونحترم العنصر الفلبيني ليس من خلال سياسة التهديد، وإنما لأنه عنصر يحقق ما نريده مقارنة بغيره، وعندنا الاستعداد لأن نكون «كويت بلا فلبينيين»!
على العموم، من أسباب حبنا للفلبينيين هو إجادتهم للغة الإنجليزية، وحبهم للأطفال، واشتغالهم بالتمريض والوظائف الأخرى، وقد تستطيع الفلبين أن تشل اقتصاد العالم، لكننا في الكويت استطعنا عبر كل الأزمات أن نخرج منها أقوى مما كنا، ونكره التهديد والتلويح والابتزاز.
سيادة الرئيس:
لا أُحب أن أطيل عليك وأعلم ان أمورا كثيرة تضغط عليك لاتخاذ إجراءات تخص العمالة التي بالكويت، وهي تحكمها بالأساس علاقات دولة بدولة، وعقود اتفاق، ويعز علينا ان نرى تصعيدا غير مبرر وقرارات عاجلة تصيب أبناء شعبك الكريم الذي يحظى بكل الرعاية المطلوبة.
سيادة الرئيس:
أنا أحييك على تعيين سفير بلادك سعادة الأخ ريناتو بيدرو أوفيلا الذي عمل منذ تعيينه سفيرا لكم في بلادي على دعم العلاقات الثنائية، ويمكن ان تسأله عن حجم محبة واحترام الشعب الكويتي للجالية الفلبينية التي تحظى بالتقدير وعبر كل شرائحها المختلفة.
سيادة الرئيس:
إن أي شعب يعمل في الخارج يتعرض لجرائم وهضم حقوق وهذا شيء طبيعي وحالات فردية الحكم فيها تطبيق العدالة بالقانون لا بقضية وقف العمالة، وأنت تعلم فخامة الرئيس حجم التحويلات التي تُرسل من الجالية الفلبينية لتعزز اقتصادكم، وهذا حق مشروع تُضاف له العلاقات التاريخية بين البلدين ودور الصندوق الكويتي للتنمية وكيف ساهم في تنمية مشاريع الفلبين.
سيادة الرئيس:
أنا أعرف عشرات من (مواطني) ساهموا بشكل مباشر في دعم (العاملات) عندهم في المنازل بتقديم مساعدات ليست لها علاقة بالراتب، وأيضا مئات ممن تم توفير لهم زيارة بيت الله الحرام من إخواننا المسلمين الفلبينيين.
سيادة الرئيس:
إن قضايا الدول ومصير الجاليات العاملة هنا وهناك لا تنفع به التصريحات الصحافية، بل تضر هذه العلاقات متى ما وجدت من يحرف الأمور والقضايا والتي أرى أن تحكم عبر وزارتي الخارجية بالبلدين، بعيدا عن عمليات الشحن الإعلامي ومدى تأثيره على مصالح الدول والقطاعات العاملة.
سيادة الرئيس:
إنني في هذه المساحة أحيي كل أفراد الشعب الفلبيني الذي يعمل في بلدنا الكويت ونأمل ان تُحل كل الأمور بعيدا عن التصعيد، لأننا نقدر ونحترم ونعتز بإخلاص هذا العامل الفلبيني في أوساطنا، ولا نقبل له أبدا بالامتهان وهدر الكرامة وهو في بلده الكويت بلد الإنسانية وشكراً سيادة الرئيس.