[email protected]
صديقان جمعهما الزمان في مكان ما وتحاورا، فكان هذا الحوار الذي سأعرضه لعلنا نستفيد منه في زمن كثر فيه (الحمقى) وقلّ فيه أصحاب (الحلم) لانقراضهم نتيجة الأحداث المتسارعة في العالم.. اقرأ واستمتع ولاتستعجل في الاستنباط والتحليل وتمتع فقط بالحديث الدائر.. نبدأ:
الحليم:
يا رب.. لا تجعلني (قصّابا) أي جزاراً يذبح الخرفان، ولا تجعلني (خروفا) يذبحه القصابون. وفي المشهد أكثر من مذبح!
الأحمق:
العاقل من نفسه في تعب، والناس منه في راحة، والأحمق من نفسه في راحة والناس منه في تعب!!
وكم من أحمق مرّ علينا ولم يتعظ الحمقى بعد، رغم أن أكثر الحمقى دخلوا «مزابل» التاريخ!
الحليم:
يا رب.. إذا أعطيتني قوة لا تأخذ عقلي!
الأحمق:
أحمق الناس من ظن أنه أعقل الناس!
العقول الحمقاء تتصدر المشاهد والنتائج بلايا يصعب حصرها!
الحليم:
يا رب.. ساعدني على أن أرى الناحية الأخرى من الصورة ولا تتركني أتهم (خصومي) بأنهم خونة لأنهم اختلفوا معي في الرأي!
لا.. هم اختلفوا معي و«داسوني دوس» في ليلة ظلمة طالت أعماركم ولولا رحمة ربي وفزعة الاحرار چان ما شفيت!!
الأحمق:
يا بني احفظ عني أربعا لا يضرك ما عملت معهن: أغنى الغنى العقل، وأكبر الفقر الحمق، وأوحش الوحشة العجب، وأكرم الحسب حُسن الخلق!
وأربع مني لا أرى ولا أسمع ولا أتكلم.. ولا طبنا ولا غدا الشر!
الحليم:
لئن كنت محتاجا إلى الحلم إنني
إلى الجهل في بعض الأحايين أحوجُ
وما كنت أرضى الجهل خِدْنا وصاحبا
ولكنني أرضى به حين أُحرجُ
الأحمق:
المرء يجمع والزمان يفرق
ويظل يرقعُ والخطوب تمزقُ
ولئن يعادي عاقلا خير له
من أن يكون له صديق أحمق
ومضة: اليوم يوم الجمعة وما أحوجنا إلى (الحلم) بجانبه الخلقي والصفة، فالحلم أن تحلم نائما ومستيقظا وأن تحلم ولا تغضب مهما استفزك الحمقى وما أكثرهم في الحياة.
تعالوا معي وشاهدوا شاشات التلفاز ما أكثر مستشارينا وخبرائنا ومحللينا.. من هنا بدأت هزائمنا!
آخر الكلام: للشافعي رحمه الله أبيات في الحلم جميلة وتصلح لكل زمان ومكان، خاصة بعد تزايد أعداد (الحمقى) المنظِّرين والمحللين، يقول:
يخاطبني السفيه بكل قبح
وآسف أن أكون له مجيبا
يزيد سفاهة وأزيد حلما
كعود زاده الإحراق طيبا
زبدة الحچي: عمنا أبوالعتاهية ـ رحمه الله ـ له أبيات عجيبة في وصف (الحمق) أعرضها في مسك الختام يقول:
احذر الأحمق أن تصحبه
إنما الأحمق كالثوب الخلِقْ
كلما رقعته من جانب
زعزعته الريح يوما فانخرقْ
أو كصدع في زجاج فاحش
هل ترى صدع الزجاج يلتصقْ
فإن عاتبته كي يرعوي
زاد شرا وتمادى في الحُمُقْ
يا رب ارحمنا من (الحمقى) في أمتنا فلقد كثروا وقلّ أهل (الحلم) وليس لها من دونك كاشفة!
التفت بعد صلاة الفجر لصاحبي (العوي) وقلت: ما رأيك في الحليم والأحمق؟
فقال: كلهم كور مخلبص!
قوم خل نصلي الضحى ترى أبرك وأجر يالحبيب!
أنا اتضح لي أن (صاحبي) ما زال عايش نومة الكهف!
وسيظل طويلا.. ادعوا لأمتنا.