[email protected]
من القصص المؤثرة في الحياة قصة: «هادي المزيدي وابن عمه صاحب المزيدي» هما ابنا عم، لكنهما توأمان (عاشا معا وماتا معا) ولهذا قصة عجيبة تذكر، أعرضها على قارئي لأخذ العبرة منها وأيضا لمسة وفاء ووقفة تقدير لمسيرتهما التربوية والتعليمية والرياضية والأخلاقية والوطنية.
كنا في فترة الثمانينيات نعيش مرحلة نقابية قوية صحيحة تقودها جمعية المعلمين في سطوة قيادية وتفاعل ومشاركة مع جمعيات النفع العام الأخرى التي تعاونت معنا في تناول الأحداث بتنسيق وتفاهم وحصد النتائج، وكان للجمعية حينذاك كادر نقابي من (المعلمين والمعلمات) يمارس عمله، مدرب يسعى لتحقيق الأهداف المرتجاة، ومن بين اللجان العاملة كانت اللجنة الرياضية بجمعية المعلمين، وكانت فيها مجموعة من الزملاء البارزين منهم هادي - بوفهد وصاحب ـ بوهاني، فتعالوا معي للتعريف بالثنائي اللذين عاشا ورحلا معا، والله له في ذلك حكمة لا يعلمها إلا هو. (إنا لله وإنا إليه راجعون).
هما ابنا عم وصديقان وجاران في قرطبة..
كثير من الزملاء في جمعية المعلمين حسبوهما في البداية أخوين توأمين!
تصوروا: عاشا منذ الصغر معا ودرسا في مدرسة واحدة والتحقا بمعهد المعلمين في التخصص نفسه وهو التربية البدنية وبعد التخرج مارسا المهنة كمدرسين للتربية البدنية ثم درجا في الترقي وأصبحا ناظرين حتى التقاعد، وفي المجال الرياضي أحبا معا (كرة اليد) ومارساها وبعد الاعتزال اصبحا حكمين دوليين حتى انهما شاركا معا في تحكيم كثير من المباريات الدولية.
كان هادي هو صاحب وكان صاحب هو هادي.. توأمان لا يفترقان!
شاء القدر أن يعيشا معا ويموتا معا، ففي يوم السبت 28 سبتمبر 2002 خلال وجودهما بأحد فنادق «مشهد» في إيران جاء (هادم اللذات) لأخينا المربي الفاضل الأستاذ صاحب المزيدي ـ بوهاني (سكتة قلبية) جاءت مشيئة الله وقد حاول أخوه وابن عمه الأخ المربي الفاضل الاستاذ هادي المزيدي - بوفهد - إيقاظه ودون فائدة، وحينها أبلغه الأطباء بأنه قضى نحبه، ولم تدم لحظات حتى (سقط) أخوه هادي - بوفهد - متأثرا بصدمة وفاة ابن عمه وصديق عمره وتوأم روحه!
هكذا هي الدنيا عاشا وماتا معا جمعتهما الكويت كأخوين وصديقين حميمين وسلكا مشوارا واحدا منذ الصغر حتى الكبر والوفاة حتى انهما ماتا في مكان واحد وزمان واحد وصلي على جثمانهما معا.
ومضة: وأنا أكتب قصتهما والله (بكيت) دمعات عليهما، فلقد كانا مثالين يحتذيان في الأخلاق، ولن أنسى انا وغيري من المعلمين من رواد الجمعية أو الذين عملوا معهما اخلاقهما العالية وروحهما المرحة واحترامهما للآخرين وكانا دائمي التواصل مع الجميع.
آخر الكلام: إنني وكثيرا من زملائي المعلمين والمعلمات في جمعية المعلمين او في الكويت في مدارس وزارة التربية نستذكر ذاك اليوم الحزين يوم نعت جمعية المعلمين الأخوين العزيزين:
هادي عبدالله المزيدي - أبوفهد
ناظر مدرسة سيد هاشم الحنيان عن عمر يناهز 57 عاما.
صاحب حبيب المزيدي - أبوهاني
ناظر مدرسة مرشد محمد سليمان عن عمر يناهز 56 عاما.
وكانت صدمة للمجتمع التعليمي والتربوي وفاة هذين القائدين لمكانتهما الكبيرة في جمعية المعلمين ودورهما الرائد في تعزيز مسيرتهما وعبر لجانها المختلفة.
زبدة الحچي: من الوفاء أن نذكر من يستحق الثناء، وقد عشت وأنا أكتب هذه السطور شريطا طويلا من المرارة بفقد هذين الفاضلين هادي وصاحب المزيدي اللذين ما كانا ليفترقا إلى ان فرقهما الموت مجتمعين، وتلك إرادة الله التي لا تغلب، ولا نملك حيالها إلا التسليم بها بقلوب مؤمنة وراضية.
كنت التقي بهما يوميا تقريبا، وكنا نتبادل الحديث حول العديد من القضايا ولمست منهما الاحترام والتعقل والحكمة خاصة وأنا امثل الإدارة وهما يمثلان اللجنة الرياضية، وإني والله احترمهما كثيرا لأنهما كانا يقولان رأيهما بصدق ويتفهمان الموقف، وكان شعارهما «الاختلاف في الرأي لا يفسد للود قضية»، والله ما أحب أن أوقظ مشاعر أهاليهما لكنهما يستحقان أن يُترحم عليهما، وتُذكر محاسن أخلاقهما، وأسأل الله عزّ وجلّ ان يرحمهما ويلهم أهلهما وذويهما وأحبابهما الصبر والسلوان. (إنا لله وإنا إليه راجعون).