[email protected]
أن تجلس في حضرة «المتفلسف» الفقعي فهذه مصيبة لأنه يتذاكى عليك وكأنه عالم ذرة نووي!
جلست مع حضرته وكان المطر ينزل فقال: السنة راح نأكل فقع كويتي طيب؟
نظرت إليه وقلت: شتقول «الوسم» انتهى من زمان وليس مصاحبا له المطر فكيف سنأكل فقع كويتي بالله عليك؟
فقال: الفقع يطلع بعد نزول المطر، هذا ما أنا متأكد منه!
فقلت: قرب مني واسمع عزيزي: الفقع لا يظهر إلا اذا صادف حلول «الوسم» بأمطار غزيرة ولهذا الناس تستبشر اذا حصل هذا (وسم ومطر)!
يعني كلام انه في بداية الوسم وهو 16 أكتوبر ويستمر حتى دخول المربعانية في الشتاء يعني 7 ديسمبر فهمت يا غشيم؟
وخذها مني: الفقع يتواجد في المناطق الصحراوية المهجورة اللي ما فيها «دوس» قدم بقرب نبات «الرقروق» وتنبت الفقعة في موسم الربيع بعد العواصف الرعدية.
وسر الفرحة ان الناس التي تفهم المعادلة ضمنت فقعا وفيرا وبأرخص الأثمان يا غشيم!
فقال: وليش غشيم؟
فقلت: لأنك ربطت الفقع بالمطر دون ذكر للوسم فترة تكوّن الفقع!
ثم واصلت تثقيفه حتى «لا يتليقف» في مكان آخر مثلما حصل!
فقلت شوف الفقع اسمه الكمأة وله 4 أنواع هي:
1- الزبيدي ولونه أبيض
2- الخلاص بني
3- الجبأة
4- الهبيري
وهو ينمو في التربة الطينية الناعمة قليلة الملوحة وتسمى «دمثة» أي السهلة اللينة.
وفي حديث لرسولنا الكريم صلى الله عليه وسلم يقول: الكمأة من المن وماؤها شفاء للعين.
ومن خلال التجربة يا غشيم وجدت وانا المجرب ويوافقني كثير من «العتچ» أمثالي ان الزبيدي وان كان أغلى الأسماك فهو في الفقع ايضا غالي الأثمان وله طعم عجيب في الحمسة! وباللبناني التقلاية!
وجزيرتنا العربية بها أماكن مشهورة بالفقع وكان في السابق بر الكويت مليئا جدا بالفقع لكن مع دخول العربات الرباعي والبقيات وكل أنواع المواصلات البرية التي وطئت الأرض «راح الخير» القديم وما قمنا نحصد إلا الفقع القادم لنا من الخارج من إيران والجزائر والمغرب وليبيا ومصر وتونس.
طبعا «الخلاص» أقل جودة من «الزبيدي» وهو الأكثر انتشارا، أما «الجبأة» فهو أقرب الى اللون الوردي واقل جودة من «الخلاص» أما «الهبيري» فهو «ادعم داكن» ومائل الى الأسود مثل الفقع الايراني لكنه طيب في الطبخ.
في السابق في الكويت القديمة قبل الثلاجات والفريزرات كان يقطع الى شرائح وينشر في الهواء الطلق فوق اسطح المنازل كي يستخدم في الصيف اما اليوم مع التثليج فيخزن ويستعمل طوال العام.
عشنا الزمن الجميل وأكلنا «الجراد - الفقع - الطرثوث» وتذكروا المقولة «كل رأس الحية نية ولا تأكل الفقعة نيه» هذا يعني «عسر هظم»!
ومضة: في مقولة جميلة عند البدو الرحل الذين يعرفون حق المعرفة قيمة الفقع فهو أطيب الزاد:
الزبيدي لوليدي
والجبية للبنية
والخلاسي لراسي
والهبيري لطويري
آخر الكلام: الأسعار نار هذه الأيام في «الفقع» لأنه مستورد من برة، ويحدثني صديق انه اشترى صندوقا الجمعة الماضية بـ 150 دينارا شنو ذهب؟! وبعضهم يقول ان الكيلو لا يقل عن 15 دينارا وهو اليوم شحيح، وأبلغني بعض الإخوة الأحباب من أهلنا في السعودية ان الفقع موجود في اماكنه المعتادة، وتلقينا دعوة للتفقع، ربنا يعينا نلبيها، ترى البر يطير الهم وينير الفكر خاصة اذا ما يرافقك غشيم مثل صاحبي!
وشكرا لبلدية الكويت انها خصصت موقعا لبيع الفقع وبعض النباتات الصحراوية مثل الطراثيث!
وتبقى الحقيقة: اذا جاء الفقع «صرْ» الدواء أي احجبه وإذا جاء الجراد انثر الدواء!
زبدة الحچي: قبل الاحتلال العراقي كنا نذهب الى بر السالمي في حال ظهور الفقع ونجمع ما تيسر قبل ان ينتبه هؤلاء «الماسحون للأرض» لما يشوف فقعة بحجم «التيله» أي البليه، لم تشيلها خلها تكبر!
على العموم «الفقع» انواع ومواسم والناس «أشكال وأرناق» والعادة الزميل حسن الصايغ «بوبشار» أول من يروح الدهنه والصمان ويجلب لي الفقع وعلى أمل ان يدق النقال وييبلي فقع من السلطنة لأنه رايح هناك هذه الأيام واذا مو فقع نبي الحلوى السلطانية.. الله يرزقكم الفقع يا أهل الكويت.
واختم بهذه القصيدة للشاعر صالح مصبح الذي اغراه الربيع بكتابة هذه الأبيات:
يا زين وقت الفقع والمطاليع
والفقعه بالروض الأخضر يلقطونه
نبي لنساجه ليالن مرابيع
صوب الربيع اللي تقاضت اضعونه
يا محلا شوف الزبيدي مصاليع
في حاجرن طيره يغرد لحونه
فيه ام سالم تزعج الصوت وتذيع
صوتن أهل الدبش ما ينكرونه
والعشب جاي له زهور وطواليع
متشابكن يعجبك شكله ولونه
وريح الخزامى مع هبوب الذعاذيع
ريحن حاضرن اهله زبونه
والابل في وسط المغالي مراتيع
ومقهورها على بلهان مرسونه
يا ليتنا نأخذ مع البدو أسابيع
نسلي الخاطر ونطرد اشطونه.