[email protected]
الإنجاز في الحياة شيء مهم جدا لأن في هذا النجاح ترى صورتك الحقيقية وكينونتك في إعمار الأرض، وأن تكون لك بصمة على لوحة تاريخ حياتك الممتدة إن شاء الله.
ونظرة لصفحات التاريخ تعلم أن النجاح ليس خاصاً بالرجال وإنما أيضا تتصدره وبجدارة النساء، فتعالوا معي اليوم للوقوف على ملخص كتاب قرأته بعنوان:
مُت فارغاً.. أو Die Empty الذي صدر في عام 2003 للمؤلف الباحث د.تود هنري، ومن يتمعن بفحوى ومحتوى الكتاب الذي لخصته للقارئ العزيز يعي أهمية وضرورة إحراز النجاح في الحياة.
استلهم د.تود هنري فكرة كتابه أثناء حضوره اجتماع عمل عندما سأل مدير أميركي الحضور قائلا: ما أغنى أرض في العالم؟
طبعا لو في كويتي ملقوف لقال: الكويت وقد صدق، لكن سؤال تود هنري ليس لهذا الأمر.. وأكمل لكم الحكاية!
فأجابه أحدهم قائلا: بلاد الخليج الغنية بالنفط؟
وأضاف آخر: مناجم الألماس في أفريقيا، فعقّب المدير قائلا: بل هي المقبرة!
نعم، إنها المقبرة هي أغنى أرض في العالم، لأن ملايين البشر رحلوا عنها «أي ماتوا» وهم يحملون الكثير من الأفكار القيِّمة التي لم تخرج للنور ولم يستفد منها أحد سوى المقبرة التي دُفنوا فيها.
ألهمت هذه الإجابة تود هنري لكتابة كتابه الرائع «مُت فارغاً»، والذي بذل فيه قصارى جهده لتحفيز البشر بأن يفرّغوا ما لديهم من أفكار وطاقات كامنة في مجتمعاتهم وتحويلها إلى شيء ملموس قبل فوات الأوان، وأجمل ما قاله تود هنري في كتابه «لا تذهب إلى قبرك وأنت تحمل في داخلك أفضل ما لديك، اختر دائما أن تموت فارغاً».
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إن قامت الساعة وفي يد أحدكم فسيلة، فإن استطاع ألا تقوم حتى يغرسها فليغرسها» رواه البخاري وصححه الألباني، فتأمل معي أيها القارئ الكريم، حث النبي صلى الله عليه وسلم للأخذ بزمام المبادرة والسعي في إعمار الأرض حتى وإن قامت الساعة، وما أدراك ما الساعة!
وتتعانق مطابقة أفكار الكاتب تود هنري مع ما قاله ابن الجوزي رحمه الله أيضا، حين قال: «من أحب ألا ينقطع عمله بعد موته فلينشر العلم».
والمتأمل في هذه الفكرة سيجدها منطقية للغاية، لأننا لا نعلم متى ينقضي الأجل، فكم من عالم استوفى أجله ولم يترك للبشرية سوى القليل الذي لا يكاد يُذكر؟ وكم من مُعلِّم بخل بعلمه على تلاميذه ورحل دون ترك أثر؟ وكم من طبيب بخل بطبه عن مرضاه ومات منهم من مات دون أن يجدوا دواء لعلّاتهم؟
وكم من مثقف بخل بثقافته عن محيطه الاجتماعي وترك الجهل من حوله يستشري؟ وكم؟ وكم؟ وكم؟
فالفكرة قديمة متجددة وليست اختراعا جديدا، لكنها تحتاج الى ترويج وجهد وعمل، تحتاج إلى لفت انتباه الناس الى مضمون «مُت فارغاً»، ونحتاج نحن جميعا الى تعزيز مفهوم المسؤولية المجتمعية في نفوسنا قبل عقولنا.
الدعوة هنا مفتوحة للجميع، ولا مجال للتقاعس، فبدلا من أن نلعن الظلام الذي نحن ماكثون فيه منذ عقود فليشعل كل منا شمعة في محيطه، وليبدأ هو بالتغيير ما استطاع إليه سبيلا.
فلتبادر الآن وانشر شيئا مفيدا على وسائل التواصل الاجتماعي.
ومضة:
تخيل معي لو أن كل شخص منا شارك بمعلومة مفيدة عن عمله أو كتاب اطلع عليه أو خبرة حياتية اكتسبها أو غير ذلك مما يمكن تداوله بين بني البشر، تخيل كم الفائدة التي يمكن أن نجنيها أنا وأنت من المرور على معرفة حقيقية وخبرات عملية لدى الآخرين، ألا يمكن أن تكون هذه بداية الانتقال من حضيض التخلف إلى فضاء التقدم؟ المهم أن نبادر ونُفكِّر ونحاول تحقيق ما توصلنا إليه من أفكار، فكل الأحلام البشرية التي تحققت كانت أفكارا ومقترحات!
آخر الكلام:
ألا أدلك على بعض مما يمكن أن تقدمه للبشرية بدلا من وقوفك ساكنا دون أدنى فائدة:
٭ شارك في عمل تطوعي أو خيري.
٭ انشر محتوى كتاب مفيد.
٭ أسس أو شارك في نادي قراءة واحضر الندوات والمحاضرات والدروس.
٭ علِّم غيرك لغة جديدة تتقنها.
٭ ثقِّف غيرك بعلمك النافع.
٭ شارك خبراتك العملية مع الآخرين.
٭ ازرع شجرة لتحصد ثمرها.
٭ انصح شخصا لتجنبه الإحباطات.
٭ نظِّف من حولك وكن قدوة قبل أن تنصح الناس.
٭ ساعد محتاجا.
٭ تصدَّق ولو بالقليل، وتذكر قول الرسول صلى الله عليه وسلم «ما نَقُص مال من صدقة».
٭ اكفل يتيما.
عزيزي القارئ الكريم: توجه نحو هدفك منذ هذه اللحظة وحاول تحقيقه ولا تحتقر أي فكرة وقَيِّم خطواتك!
زبدة الحچي:
القائمة تطول، فلتصنع أنت قائمتك بنفسك، ولتُحدث فرقاً، و«مُت فارغاً».
عزيزي القارئ أتمنى لك عطلة «ويك اند» جميلة فيها أيضا تفكير عال فيما طرحناه، فلا تمت فارغاً وأفرغ عقليتك ومقترحاتك إلى منجزات تُنسب لك!