[email protected]
كنت جالسا مع الوالدة وأخي بومشعل الذي يصغرني مباشرة وقلت والله حيرة ماذا أكتب غدا؟
فقال بومشعل دون تردد اكتب عن «زوارة الجمعة» ووجه الأحفاد إلى تقصيرهم في هذه الزوارات وعدم سؤالهم عن العمام والخوال والأجداد؟
زوارة الجمعة عادة كويتية قديمة تكون (للبيت العود) أكان من طرف الأب أو الأم، ما يعني أن على الزوج أن يتزاور مع أهله ويعلّم أولاده وبناته وأيضا يزور (أهل الزوجة)، وحاليا في الكويت يخصص يوم الجمعة لقرابة الزوج ويوم السبت لأهل الزوجة أو العكس!
ما عادت الزوارة مثل قبل، وواضح من اسمها «الزوارة» مأخوذة من كلمة ومفردة أزور وهي (التعني) للمجاملة أو طلب الحاجة، ولهذا نجد مفردة تزاوروا، أي زوروا بعضكم بعضا!
في الكويت القديمة برزت مفردات مثل الدزة والملچة والزوارة، أما الدزة فهي كل ما يخص مهر العروس من مال وأشياء عينية، أما (الملچة) فهي عملية عقد النكاح، وأما الزوارة فهي كما أسلفت هي الزيارة وكان من تقاليد أهل الكويت القدامى أنه بعد مرور ثلاثة أيام على حفل الزفاف يجري أهل العروس احتفالا بسيطا تتجمل فيه العروس بمناسبة زيارة أم المعرس لها وكان يُطلق عليه (الثالث).
وفي اليوم السابع للزواج تنتقل العروس من بيت أهلها إلى بيت زوجها ويُطلق عليه يوم (التحوال) الذي يعقبه بثلاثة أيام حضور أم العروس لزيارة ابنتها في بيت حمولتها أي بيت أهل المعرس.
وبعد يوم الزوارة آخر مظهر من مظاهر الاحتفال والذي يسجل فيه قدوم العروس لزيارة أهلها مع بعض من أهل زوجها بعد مضي أسبوعين على الزواج، حيث يقام احتفال مبسط تعبيرا عن الإكرام والضيافة كونها وافدة على أهلها بعد رحيلها الأول.
ومضة: الزوارة اليوم إما النفوس طيبة وتجتمع على الخير وتنفض أو (عاد) تظهر لك (الخوازيق) مرة من جهة الكبار أو من جهالة الصغار!
الزوارة لا يعلم خوافيها إلا الله، الهدف منها إزالة الجفوة وتقوية الروابط الأسرية وإظهار احترام الكبار، ويتعلم الصغار من هذه الزوارة تقاليد وعادات طيبة، ولهذا تجد في تاريخ الكويت القديم والجديد «الزوارة» لها صدارة والتزام لأنها صلة للأرحام وإظهار المحبة والألفة ومعرفة الأحداث وتداولها ما بين أفراد الأسرة والاتفاق على المشاوير مثل زيارة مريض أو تعزية أو استقبال أو.. أو.. أو، وهي فرصة الأهل للالتقاء وفرصة أيضا للأحفاد كي يتواصلوا مع أجدادهم وأقربائهم جهة الأب أو الأم.
والأكيد هناك ناس لا تعترف بالزوارة وهذه (اليمعة) لانشغال الزوج والزوجة ويمارس (القطاعة)!
آخر الكلام: الزوارة اليوم تجمعات صامتة كل واحد ماسك جهازه النقال وله عالمه كبر الحشد أم صغر!
وهناك أسر بدأت تشترط وضع الهاتف على الصامت وتخصص له مكانا في المجلس حتى تكون الزوارة طبيعية والكل يسولف ويشارك!
بعض الزوجات تخلق آلاف الأعذار حتى لا تزور وتتحجج بمختلف الأعذار لكنها يوم زوارة أهلها دائما في كامل استعدادها! خافي الله شوية!
زبدة الحچي: أهمية (الزوارة والتزوار) هي ما تحكم هذه العلاقات الأسرية وهي ما أقصده بـ (رحماء بينهم) أي الرحمة ثم التواصي بالحق والخير والصبر على (المنغصات) وطغيان وكبر وتجبر البشر إن ركبه الشيطان وصار مفرقا لهذه المجالس الأسرية؟!
المجلس الإيماني وإزوارة أهل الرحمن لا فيها غيبة ولا نميمة وفيها ذكر الفضل والاعتراف به صغر أم كبر، وهكذا تتقارب الأنفس وتندمج.
القصة ليست (طعاما) يؤكل، فالطعام تأكله في بيتك أو في مطعم، إنما القصة (تزاور دنيوي ضروري) يقوي الروابط الاجتماعية ويحمي الأسرة الصغيرة (الزوج والزوجة والأولاد) من التفكك وأيضا الأسرة الكبيرة (الجد والجدة والأبناء) فإن كانت الزوارة على أسس من الخير، عليك بها واحرص عليها، وإن انحرفت عن أهدافها حاول تقويمها أو ابترها!
لقد علمني والدي، رحمه الله، وهو يحثني على صلة أهلي مذكِّرا دائما بالأبيات الشعرية الجميلة الحكيمة وهي:
كونوا جميعا يا بني إذا
اعترى خطب ولا تتفرقوا آحادا
تأبى الرماح إذا اجتمعن تكسرا
وإذا افترقن تكسرت أفرادا
لهذا ما دمنا اليوم الجمعة فالوصية للجميع أحسنوا (النية) لأن النية (مطية) التزموا بالزوارة وأهدافها وساعدوا على أن تنجحوها وتجنبوا فيها ما يحدث النزاعات، ترى فضل التزاور عند الله عظيم، فلك ثواب ورزق وطول عمر إن أدخلت الفرح والسرور على الكبار والصغار وأبهجت القلوب ولم تكن عاملا للفتنة والقطيعة.. تذكروا كلنا رايحين صليبخات، تقولون ماذا هناك؟
هناك المقبرة وقبر متر طول ونصف متر عرض.. وجزاء من ربك إما جنة أو نار!
اليوم الجمعة جمعكم الله على الخير وفرقكم وتداولوا كل هذه الأمور في زوارتكم حتى لا تربى قلوب الأحفاد على القطيعة واللامبالاة والعزلة والقائد الماهر من عنده زوارة ويحقق للأحفاد ما يطلبون راح وقت المطبّق والمحمّر والمچبوس لحم وفقع وأتى زمن السلطات والإيطالي والعبو!