[email protected]
آه.. أبا وائل فراقك صعب!
السفير يحمل أكثر من معنى فهو رسول وهو مصلح وايضا الظريف العبقري!
قلما تجتمع هذه الصفات في شخص السفير اللهم إلا إذا كان يحمل الإشراقة وحلو الطلعة والطلة. واليوم «معكم» سنجول في رحاب من أسفر وجهه كالصبح الوضاء وإنجازاته التي تعلو الأهرامات وبرج ايفل!
وهو أيضا سفير للمحبة الكويتية ـ السعودية وهي علاقة تاريخية قديمة ونسب!
وتسألونني من هذا السفير الديبلوماسي الأعلى الذي تقصده ويترأس سفارة بلاده في الخارج ليمثل حكومة بلاده؟.. اذن انه سفير فوق العادة ومطلق الصلاحية! حاز المحبة والتكريم والحشيمة فمن هو هذا السفير الهمام؟
انه يا قارئي الكريم: «Ambassador» سرق قلوبنا واحتكر محبتنا وهو بكل ما عرفته «السنوات العشر» التي قضاها معنا كحالة ديبلوماسية متميزة «جعلته ومكنته» من احتلال «حبنا» ونفوسنا ودواويننا حتى غدا هو «المواطن الكويتي ونحن السعوديين»!
ضيف اليوم الذي اقدمه لكم في داخل الكويت وخارجها هو تاج على رؤوسنا ووسام على صدورنا، انه سعادة د.عبدالعزيز ابراهيم الفايز سفير المملكة العربية السعودية الشقيقة الكبرى لنا وهو حالة «ديبلوماسية بانورامية» نادرة ومتميزة فهو الآن من اكثر السفراء العرب ارتباطا بالشعب الكويتي بكل فئاته وتوجهاته وطبقاته.
اتسع مشهد تكريمه فالكل يحب ان يشارك في وداعه، فالناس العاديون والنخبة والمثقفون والأصوليون «المحافظون» والتربويون والديبلوماسيون والاكاديميون الكل يسأل: هل حقا د.عبدالعزيز الفايز مغادر الكويت؟ هذه المحبة وهذه التساؤلات حصاد د.عبدالعزيز الفايز طيلة عمله في بلده الثاني الكويت.
انا عندي دائما قناعة بان الذي أصله «معلم» ويمارس المهنة كرسالة ينجح في كل الوظائف، لذا تجد ان «اصطاف» السفراء القادمين دائما من قاعات المحاضرات والدروس أبلغ تأثيرا من القادمين من «الخارجية»!
وقفت طويلا امام شخصية سعادة سفير المملكة العربية السعودية في الكويت د.عبدالعزيز الفايز فوجدته من «الجيل الجميل» الذي أمضى الربع الأول من حياته في جامعة الملك سعود «دارسا ـ معيدا- استاذا ـ رئيسا للقسم»، ثم دارسا في الولايات المتحدة في جامعة بيتسبرغ ثم الدكتوراه في العلوم السياسية من جامعة ماساتشوستس وتدرج في مهن كثيرة ومارس الصحافة والإعلام وحتى الكتابة الصحافية.
لقد عمل «أستاذنا» في أكثر من مجال، استاذا مساعدا في قسم العلوم السياسية في كلية العلوم الادارية في جامعة الملك سعود (1983ـ1993) ثم رئيسا لقسم العلوم السياسية (1987ـ1988) ثم مستشارا غير متفرغ في وزارة الاعلام ثم عضوا في مجلس الشورى في دورته الأولى (1993ـ2005) ورئيس لجنة الشؤون الخارجية ثم عين سفيرا للمملكة العربية السعودية في الكويت عام 2006 خلفا لسعادة السفير أحمد اليحيى. وربما رسالة الدكتوراه التي نالها وكانت حول «وضع الدول الصغيرة الموجودة بين الدول الكبيرة» واختيار الكويت أنموذجا «قد مهدت لهذا الحب» حيث زارها عام 1981 لهذا الغرض وانا اسميه «الحب من أول نظرة»! كما يقول أهلنا القدامى: يا بختها الكويت فيك يا بووائل! بالكويتي العتيچ أيضا: يا بخت «الدمام» التي أنجبتك وأهدتك لبلدك «ابنا بارا» تدرس اليوم تجربته الناجحة ليس على صعيد النجاح الديبلوماسي وإنما في باب الانسانيات، فما أروعك سفيرا وانسانا!
ومضة:
سعادة السفير السعودي د.عبدالعزيز الفايز أقولها ومعي مئات من القراء لقد كنت «ملح» الديبلوماسية وحصادك كله «سكر» مفيد يا رجل المبادئ والقيم والأخلاق.
تستعد للرحيل وقد علمتنا الحكمة في المواقف والشجاعة عند اللزوم والعفة في أجمل مظاهرها ونتائجها والعدل ما بين كبير المقام والانسان العادي الذي كثيرا ما لجأ اليك ولم تخيب رجاءه!
كنت يا سفير المحبة حليما، كما قال الشافعي رحمه الله:
يزيد سفاهة وأزيد حلما
كعود زاده الإحراق طيبا
آخر الكلام:
نودع اليوم الانسان النبيل الجميل أبا وائل وكلنا نحمل له الذكرى الجميلة لانه وبكل صراحة لم يزرع «قمحا» وانما «شجرة» على شكل انسان!
يقول إيليا أبوماضي:
ما قيمة الانسان معتقدا
ان لم يقل للناس ما اعتقدا
زبدة الحچي
ابا وائل الحبيب: لقد ظهرت على «مسرح تاريخ الكويت» فكنت دائما صانعا للحدث، حكيما، استاذا، انسانا، فهل فوق هذا الإنجاز إنجاز؟
الكويت بلدك والشعب ناسك واليوم انت في نظرنا جميعا «حالة انسانية فذة»، اديت واجبك بإخلاص المخلصين لبلدك ولتترك لنا «حلو الذكريات» مع البلاغة الحقيقية لعملك وهي ان التواضع والتسامي في هذا الانجاز الوطني لم يحصد فقط «النجاح الديبلوماسي الماسي» وانما لمحات دالة على ما في ذاك الضمير النظيف بمعانيه اذا «قَصُرَ» وحسن التأليف له اذا طال، فإنجازاتك لا تثمن بما حققته في السنوات العشر المنصرمة.
و«لكل زمان دولة ورجال» ولا شك حبيبنا أبا وائل كنت احد «الرجال العظام» الذين نحبهم، وصدق توفيق الحكيم عندما قال: البلاغة ما فهمته العامة ورضيت به الخاصة وكذلك قول أمير الشعراء أحمد شوقي:
أبلغ الكلام ما حسن ايجازه وكثر إعجازه وتناسبت صوره وأعجازه.
د.عبدالعزيز الفايز أتعبت من بعدك أبا وائل فلقد كنا محظوظين بمعرفتك وكنت خير سفير لبلدك ونتمنى لك حياة سعيدة قادمة يا حبيب الكل، ونرحب بسعادة سفير المملكة العربية السعودية الجديد.. فأهلا وسهلا بمن رحل ومن قدم الينا فالاثنان اهلنا وعزوتنا.. وخير خلف لخير سلف.