[email protected]
قضيت أياما مع كتاب «المثقفون المزيفون» الذي كتبه باسكال بونيفاس وهو أحد أبرز المحللين الاستراتيجيين الفرنسيين، وهو صاحب كتب ذاع صيتها مثل «فهم العالم» و«لماذا كل هذه الكراهية» و«نحو الحرب العالمية الرابعة»، وهو كتاب ينتقد فيه أطروحة «صِدام الحضارات» لصموئيل هينتنغتون وكتاب «من يجرؤ على نقد إسرائيل» وهو يشغل منصب رئيس معهد العلاقات الدولية والاستراتيجية في العاصمة باريس وحاصل على دكتوراه في القانون الدولي.
ماذا يقول هذا المفكر والأكاديمي البارز؟
إنه يفضح في كتابه «المثقفون المزيفون» وكيف يصنع الإعلام خبراء في الكذب! والله كأنه يحكي مكابرة المثقفين المزيفين عندنا!
وكيف استحوذت فئة من العاملين في الإعلام والميديا من عديمي الضمير على الفضاء الإعلامي والثقافي في فرنسا.
وكيف قلبوا الحقائق بهدف توجيه الرأي العام نحو قناعات أيديولوجية أحادية البعد!
خاصة برنار هنري ليفي اليهودي الأصل وجماعته!
ويؤكد باسكال بونيفاس في مقدمة الكتاب الذي رفضت نشره (أربع عشرة دار نشر) من كبريات دور النشر الفرنسية لأنه باختصار يفضح طبقة (المثقفين المزيفين) أو «المرتزقة» كما يسميهم، انه قد راودته منذ فترة طويلة مواكبة لمواقفهم المخزية التي تدمر (الديموقراطية) وتهدد الإعلام!
ويؤكد الباحث باسكال بونيفاس أن عدم (النزاهة الفكرية) لها نجومها في فرنسا اليوم!
وهم يحظون بالتكريس الإعلامي ويشتركون في تغذية قدر كبير من الخوف غير العقلاني من خطر إسلامي مزعوم! يمثل عدوا مشتركا للعالم الحر!
ما أحوجنا الى (باسكال) «كويتي وعربي» يفضح لنا كل ما أشار اليه باسكال الفرنسي بمنتهى الشفافية والحيادية خاصة أن (المثقفين) عندنا وايد وتحت مسميات كثيرة إنهم في كل اتجاهات الحياة يمارسون الكذب ثم الكذب ثم الكذب وللأسف هناك لايزال من يصدقهم بعد أن عرّاهم الزمن ويحاولون العودة من جديد تحت مسميات براقة!
يقول باسكال بونيفاس: لطالما خشيت من ألا أكون واضحا أو دقيقا بما فيه الكفاية أو من ارتكاب خطأ والذي طالما عاقبت نفسي إذا حدث لي ذلك، يذهلني أولئك المثقفون والخبراء الذين لا يتورعون عن اللجوء الى (حجج مخادعة) وعن إطلاق الأكاذيب من أجل حصد التأييد، وتبدو وقحاتهم وانعدام ذمتهم بلا حد، وتشكل ورقة رابحة وبدلا من مقابلتهم بالاستهجان العام، يقابلون بمزيد من التهليل.
انعدام الضمير ليس أمرا بلا مزايا ويبدو خاليا من المخاطرة (الكذب الحقيقي) يسير على أحسن ما يرام.
الأخطر من أولئك الذين ينخدعون هم أولئك الذين يخدعون!
المزيفون ولكي يتمكنوا على نحو أفضل من إقناع المشاهدين أو المستمعين أو القراء يلجأون الى حجج هم أنفسهم لا يصدقونها، قد يؤمنون بقضية لكنهم يعمدون الى وسائل غير شريفة للدفاع عنها، انهم اذن (مزيفون) يصنعون عملية ثقافية مزورة من أجل ضمان انتصارهم في سوق المعتقدات الراسخة!
٭ ومضة: يقول باسكال: عندما تكذب النخب على هذا النحو، علينا ألا نستغرب إعراض الجمهور عنها والواقع ان القطيعة بين المواطنين الفرنسيين والنخب تكبر بازدياد، (المزيفون) يمهدون للديماغوجيين وهذا خطر على الديموقراطية!
٭ آخر الكلام: شكرا للأستاذ محمد الحسيني الذي أهداني هذا الكتاب الذي يدور حول انعدم النزاهة الفكرية على وجه العموم ومسؤولية الإعلام والأخلاق الخادعة في الاجندة الدولية، ودور الشعوب الواعية في صنع القرار والسياسة الخارجية، وأيضا استعار معركة (الرأي العام)، والمثقفون والخبراء وهم يواجهون الفاعلين فيها (يوضحون أو يوجّهون) وهذا رهان له قيمة!
هل إسرائيل في خطر؟
يجيب الكتاب عن هذا السؤال متسائلا: نظرا لكون إسرائيل في الموقع الأول لهذا القتال ضد البربرية والظلامية فإن من يجرؤ على انتقاد سياستها يكون بالطبع معاديا للسامية!
والمحصلة من كل هذا خلط الامور اذ مسلم يساوي إسلاميا يساوي إسلاميا أصوليا يساوي إرهابيا أو أيضا اذا لم يكن جميع المسلمين ارهابيين فإن جميع الارهابيين مسلمون!
٭ زبدة الحچي: الفاشية الإسلامية مفهوم فارغ رائج اليوم على اعتبار أن الإسلام مخيف، ولكنهم مستمرون بالرسوم الكاريكاتورية وغيرها من الأمور، انهم (مزيفون) حتى في تبريراتهم، ونظرة الى الربيع العربي نجد أن هؤلاء المزيفين يحاولون أن يجعلوا ما جاء في الربيع العربي فطريا ويبررون الأحداث في الانظمة المستبدة (جمود سياسي - محاباة - فساد - قمع - غياب الحريات.. إلخ).
والنصيحة هنا أن الإسلاميين سيمنحون الشرعية بالسلطة!
أما النزعة الإسلامية فتحارب بصناديق الاقتراع على نحو أفضل من محاربتها بالسلاح!
إنه كتاب من الوزن الثقيل فكريا، لكنه ذكرني بإخواننا وأصحابنا المثقفين، لا نقول المزيفون إنهم حقيقيون لكنهم كارثيون!