[email protected]
الصدقة برهان!
والصدقة تطفئ غضب الرب!
وتقي مصارع السوء!
أخذت الصدقة اسمها من «الصدق» في مساواة الفعل للقول والاعتقاد!
وهناك دور لا يُنكر ومشكور ومقدر للجمعيات الخيرية ولجان الزكوات في المناطق والمبرات في الكويت والخارج.
من فقه الصدقة: أن الله جمع بين الإعطاء والتصديق، كما جمع بين البخل والتكذيب في قوله تعالى: (فأما من أعطى واتقى وصدق بالحسنى فسنيسره لليسرى وأما من بخل واستغنى وكذب بالحسنى فسنيسره للعسرى).
الصدقة هي الوسيط ما بين الأغنياء والفقراء والمتصدقين والمحتاجين، لها دورها المشهود في سد احتياجات الناس ومحاربة الفقر والتخفيف من المجاعات والكوارث وتحريك مشاعر الناس تجاه «العوز»!
يا الله كم سدت الصدقة احتياجات الأيتام والمساكين والأرامل والمشردين وجعلت من الأغنياء (وسائل) للتخفيف من هذه الكوارث! وصدق رسولنا الكريم صلى الله عليه وسلم حينما قال: «ما نقص مال من صدقة»، لأن الله عزّ وجل ّ يزيده ويضاعفه لمن يشاء، قال تعالى: (وما أنفقتم من شيء فهو يخلفه وهو خير الرازقين - سبأ: 39).
كما أن المتصدق الكريم مشمول بدعاء الملائكة للمنفق: «اللهم أعط منفقا خلفا».
طبعا في الشريعة الإسلامية هناك فرق ما بين الصدقة والزكاة!
الصدقة أو الصدقات هي ما تصدقت به على الفقراء والمساكين ابتغاء وجه الله تعالى وطلب مثوبته وهي من القربات التي يتقرب بها الإنسان إلى ربه، وهي من البر الذي يتوجه به المسلم إلى بذل الإحسان لذوي القربى واليتامى والمساكين وابن السبيل والسائلين وفي الرقاب.
والصدقة كما ذكرت غير الزكاة التي افترضها الله تعالى على المسلمين، وقد حث الإسلام على التطوع بالمال ورغب بالصدقات، ووعد المتصدقين بأجزل الثواب، وهناك الكثير من الآيات الدالة على هذا الشأن، والزكاة لها 8 مصارف شرعية وهي للمسلم فقط، أما الصدقة فكثير من الناس يبذلها للمسلم وغير المسلم.
الصدقة من الأعمال التي ميزها الله تعالى، وهي تطهر صاحبها من الذنوب ولا تنقص بل العكس تزيد وتطفئ غضب الخطيئة كما يطفئ الماء النار.
الصدقة كما ذكرت علامة من علامات الإيمان، وأثر من آثار الإنسان الكريم، وتنفع صاحبها في الدنيا والآخرة، كما أنها سبب من أسباب الرزق وطول العمر ودفع البلاء والذكر الحسن والسمعة الطيبة.
الناس يمارسون الصدقة بين السر والعلانية، والقرآن يأمرنا أحيانا بإخفائها وأخرى بإعلانها، وقد أخذ العلماء من النصوص استحباب علانية الزكاة (صدقة الفرض)، أما صدقات التطوع ففيها تفصيل حتى لا تكون الصدقة مظنة للرياء والسمعة والبحث عن الشهرة وإعجاب المرء بعمله وهنا تكون سريتها افضل.
ومضة: للصدقة آداب عظيمة وهي أن تكون من كسب حلال لأن ربنا يخاطبنا قال تعالى: (يأيها الذين آمنوا أنفقوا من طيبات ما كسبتم - البقرة: 267).
ومن أبرز آدابها أن تخرج من أفضل المال وأحسنه قال تعالى: (لن تنالوا البر حتى تنفقوا مما تحبون - آل عمران: 92).
والمصيبة اليوم الكثير يستكثر الصدقة وديننا نهى عن هذا الأمر لقوله تعالى: (ولا تمنن تستكثر - المدثر: 6).
وأعطها للأحوج فالأحوج فإن كان من أهلك (قريبك من الاسرة) فهو اولى من غيره، فإن بذلتها لمن له علاقة رحم بك جمعت الصدقة والصلة.
آخر الكلام: ما يفسد الصدقة عزيزي القارئ أن تكون رياء أو فيها منّ وأذى قال تعالى: (قول معروف ومغفرة خير من صدقة يتبعها أذى - البقرة: 263).
دعوة لكل قارئ، لا تمرر يوما من حياتك دون صدقة، والصدقة صدقة مهما (قلّت)، بمعنى ما عندك ادفع ربع دينار، نصف دينار أقل أكثر كلها صدقات، وكما كتبنا تدفع البلاء عنك ولا تنقص وفيها أجر عظيم، وتستطيع أن تقدمها أيضا «عينية» طعام، ماء، عصائر... إلخ.
الصدقة ما خرجت عن نفس غنية لا تعرف البخل ولا تتبرم من حوائج الناس!
زبدة الحچي: للصدقة دور تكافلي في المجتمعات، ويؤكد العلماء والباحثون أن للصدقات والتبرعات دورا كبيرا في تنمية المجتمعات وتكافل الأفراد ورعاية المنكوبين الذين تضيق بهم السبل والخلاص من النكبات والكربات، كما أنها تسد حاجة الفقير والمعوز من الطعام واللباس والعلاج.
الصدقات في الكويت بَنَتْ مئات الآلاف من المساجد ودور العبادة ودور الأيتام والمراكز الصحية والمستشفيات ونشر العلم ودعم العلماء والأساتذة وحفظة القرآن وكفالة الأيتام ورعاية الفقراء والمساكين وذوي القربى وأيضا الإنفاق ودعم الجهاد في سبيل الله وهو أعلى مراتب الإيمان ومساعدة المدينين والإحسان إليهم وأيضا القروض الحسنة.
أجمل ما رأيت في حياتي «صدقة المقل» وهي من يكونون في حاجة شديدة ولكنهم (يؤثرون على أنفسهم ولو كان بهم خصاصة - الحشر: 9).
وأيضا أعرف أناسا يمارسون «صدقة الخبيئة» ولا يعلم أحد بها.
في الشهر الفضيل شهر رمضان تزداد الصدقات والزكوات لأن في شهر رمضان تتضاعف الأعمال، فالنافلة فيها تعادل الفريضة!
وكان رسولنا أجود ما يكون في رمضان فهو كالريح المرسلة.
وتبقى النصيحة: من يبخل وهو قادر على العطاء ويمنع العطاء فبخله على نفسه وهو بهذا يرتكب «حراما» يؤاخذ عليه وحرم نفسه من الأجر العظيم، وتذكر «اللهم أعط منفقا خلفا».. آمين.. مارسوا الصدقة تسعدوا!