[email protected]
ورحلت حالبة المزن!
ورحلت المربية القديرة الاستاذة فوزية السليمان!
ورحلت رفيقة درب ابن الكويت البار زوجة الفريق المتقاعد العم عبدالله عبدالرحمن الفارس!
رحلت الإنسانة الخلوقة التي خرجت المئات من الطالبات من قاعات الدرس في مدرسة الشامية المتوسطة وغيرها من المدارس التي قادتها بكل اقتدار ومهنية وتركت اثرا لا يمحى على مر الزمن!
ورحلت ام عبدالرحمن (الخيرة) التي اختارت الخير رفيقا معها طوال حياتها لتحصد المجد بعد الرحيل!
بالامس، ودعت الكويت قاطبة ابنة الديرة العزيزة الغالية الاستاذة فوزية ابراهيم السليمان عن عمر 68 عاما قضتها ما بين ادوارها العديدة (أُما ـ مربية ـ استاذة ـ مواطنة)، وقبل هذا كله «إنسانة مسلمة موحدة» تحب وتزرع الخير اينما حلت، نموذج للعطاء الوطني والتربوي والتعليمي والخيري والتطوعي!
بالامس، احتشدت مقبرة الصليبخات بكل من تعنى وحضر للمشاركة في تشييع جنازة هذه الاستاذة الفاضلة التي اعطت من جهدها وعملها الشيء الكثير كي تخرج لنا جيلا صالحا يحمل امانة الكويت.
بالامس كلما ناظرت الجموع التي تقاطرت كي تشارك في جنازتها «ترحمت» عليها ودعوت لزوجها الوفي وابنائها وحمولتها وكل ارحامها.
بالامس الاثنين ودعنا اختنا «ام عبدالرحمن» بعد ان استرد الله امانته فيها وهي كما ذكرت في بداية سطوري «حالبة المزن» وهو السحاب الذي يحمل ماء والابيض منه على وجه الخصوص، وهو ايضا «البرد الابيض»، ويا سبحان الله لو نظرنا الى كلمة «المزن» لوجدنا معانيها جذلة تليق بالاستاذة المربية فوزية السليمان، فالمزن تعني الاسراع في طلب الحاجة وهي لم ترد احدا في حياتها ما دامت قادرة على العطاء، ويقال مضى بوجهه وذهب: هذا يوم مزن اذا كان يوم فرار من العدو!
وها هي اختنا فوزية يأخذها منا هادم اللذات غداة بكى المزن واستعبر!
نعم كانت في حياتها بلسما لمن حولها ومن تعامل معها كالماء والسحاب والبرد والمزن وكل هذا حياة!
كانت «عودا اخضر» استظل به الجميع، والله يصبر اسرتها على فقدها ورحيلها.
انني اتوجه الى زميلاتها واخواتها المدرسات والوكيلات والاداريات اللائي رافقنها وبناتها الطالبات اللاتي تعلمن على يدها المباركة وعلمها واخلاقها لإكثار الدعاء لها في هذا الشهر الفضيل، فهي تستحق منا جميعا هذا الدعاء المستحق، وادعو القراء الكرام داخل الكويت وخارجها الى الدعاء طيلة هذا الشهر الفضيل لهذه المربية الفاضلة.
انا اتذكر في احدى السنوات اتصلت بي وكنت مسؤولا عن الصفحة «التربوية» في جريدة «الأنباء» وطلبت ان ازورها كي تعرض علي تجربتها اذا ما خانتني الذاكرة «بيئتي هويتي»، وزرتها فعلا واجلستني مع المسؤولة عن «الاعلام المدرسي» عندها كانت في غاية الذوق «تخجلك من دماثة الخلق» وهي بهذا الوصف تتفق مع خلق زوجها وحبابته وسمعته الطيبة عند اهل الكويت، فيا رب ارحم من فارقت واحفظ لاسرتها وليها العم ابو عبدالرحمن والذي تضرع إلى المولى، عز وجل، ان يصبره ويرزقه الطمأنينة وراحة القلب ويحفظ له اسرته الكبيرة والصغيرة، فلقد كانت فوزية تعني له كل شيء في الحياة والله يلهمه الصبر والسلوان ان شاء الله على فقدها!
ومضة: فقدت اسرة السليمان واسرة الفارس «حالبة المُزن» الأبلة الاستاذة المربية فوزية السليمان التي عرفت بحبها لأسرتها ورسالتها التربوية التعليمية وتلمس حاجات الناس ومساعدتهم في صمت عجيب ومن تابع رحلتها مع المرض يعرف كيف صبرت هذه «المرأة الغالية» على اهلها وكانت على الدوام الشامخة المؤمنة بقضاء الله وقدره في صبر عجيب!
اتذكر انني عزيتها في اختنا المربية لطيفة الفارس وقالتها لي كلمة بل حكمة ما زالت أذكرها: يا بومهند هذه فقيدة تفتقد!
نعم.. لقد رحل من حولها الكثير، العمة الوالدة «خالتها دلال الكليب» طيب الله ثراها ومثواها لطيفة الفارس، مي الفارس، مريم الفارس، موضي الفارس والعم عبدالعزيز الفارس.. رحمهم الله جميعا، وها نحن اليوم نودع اختنا فوزية السليمان الى مثواها الاخير محفوفة بالدعاء الخالص لوجه الله الكريم.
آخر الكلام: من يناظر ويعرف ويدرّس ويبحث في تاريخ الاستاذة فوزية السليمان كمدرسة ثم وكيلة وناظرة يعني انه امام «قامة» تربوية تعليمية قيادية استطاعت ان تتطور وتزرع في جيلها ومن «استؤمنت» عليهم معرفة الحقوق والواجبات وان تجتهد لتزرع وتحصد.. وقد كان فهي صاحبة المزن!
زبدة الحچي: انني اتوجه بكلماتي الختامية لابني وتلميذي د.عبدالرحمن عبدالله الفارس واقول له: عظم الله اجرك وجبر الله عزاك، الله يلهمك الصبر والسكينة واخوانك: فواز، ندى، رنا ولما، وكلنا يعلم ماذا قدمت لكم «حبيبتكم» فوزية السليمان والزوج العسكري مثقل بالمسؤوليات والمهام حتى كبرتم اليوم وهي رحلت لكن تفخر بكم كل منكم في شخصه ووظيفته مثلما ابيكم فخور بكم وهو اليوم احوج ما يكون لقربكم منه بعد ان فقد اغلى ما يملك ام السنع راعية الامانات المحبة الحنون.
وهكذا نودع اليوم 5 رمضان 1439هـ الموافق الاثنين 21 مايو 2018 اختنا الغالية فوزية السليمان ولا نقول الا ما تعلمناه في ديننا (إنا لله وإنا إليه راجعون)، ونرفع ايدينا بالدعاء: اللهم اجعل قبرها روضة من رياض الجنة، ومأواها ومنزلتها الفردوس الاعلى من الجنة، والعزاء كل العزاء لأسرتها (السليمان ـ الفارس) فإلى جنة الفردوس يا ام عبدالرحمن فقيدة الاسرة التربوية والتعليمية في الكويت وكأنني ارى المزن حزينا غداة بكى واستعبر!