[email protected]
يكثر في رمضان (الشكايون) الذين يعتبرون هذا الشهر فرصتهم للحديث عن النفس والأوضاع، ويعتقدون ان هذا ما يجعلهم يستريحون من الهموم والديون!
الله سبحانه وحده كاشف الكروب والهموم والغموم.
إنني أوجه القراء الكرام إلى أهمية الشكوى لله عز وجل وحده لأنه تبارك وتعالى قادر على تفريج همومك وسداد ديونك التي أغرقت نفسك بها.
إن معاناة الإنسان في الحياة أبدية فلا تكثر عزيزي الشكوى لغير الله، فالشاكي أسير ما يشكو منه، وخذوها نصيحة: كلما تعلق العبد بغير الله زادت مشكلته وتعقدت معضلته!
تعلمنا صغارا ولازلنا نحفظ: الدعاء يرد البلاء، والشكوى لغير الله مذلة!
يقول الله تبارك وتعالى: (وإذا سألك عبادي عني فإني قريب) البقرة 186.
وقنوات الاتصال مع الله مفتوحة ولا تحتاج إلى واسطة ووسيط!
صعب أن يترك الناس أمور الشكوى، فهناك زوج يشتكي وزوجة تشتكي، غني يشتكي، وفقير يتذمر، مدير يشتكي وموظف يتبرم ويبرطم!
هكذا الدنيا، هناك ظالم ومظلوم، والشكاوى تختلف أنواعها ومسبباتها، كل الديانات جاءت لتؤكد ضرورة اللجوء الى الله عز وجل لطلب الاستعانة عند الشدة.
اليوم أصبحت وتحولت عبارة (الشكوى لغير الله مذلة) يقولها من يبرر فشله لأنه يريد ان يقول (كن فيكون) ولا يعلم ان الرزق اجتهاد وعمل وأخذ بالأسباب، أما ان تجلس وتقول (الشكوى لغير الله مذلة) في اول موقف صادم مع من حولك فهذا عجز وتبرير في غير محله للأسف!
يبقى الإنسان عجولا، يريد دائما ان تلبى طلباته ويعتقد انه ينجح اذا حاول ان (يتذاكى) على من حوله، وباختصار من الآخر يريد ان ينال كل شيء ولا يريد ان يقدم شيئا في المقابل بمعنى أدق «بالتحايل»!
الله سبحانه وتعالى أبوابه مفتوحة لكل عبد يخلص في الدعاء ويبذل الأسباب، انه اتصال من العبد بالرب وهو (نجوى) ان كانت صادقة تهز الجبال!
ليتنا كبشر نؤمن يقينا فنتوكل على الله ونصبر ونحتسب ولا نستعجل بالشكوى لغير الله!
٭ ومضة: الشكوى من المخلوق الى المخلوق تنافي كمال الصبر، فالمشروع للعبد ان يجعل شكواه الى الله وحده، والصبر الجميل صبر بلا شكوى!
لكن ليست كل شكوى الى المخلوق محرمة!
بل هناك شكوى لنيل الحقوق وإزالة الضرر وإرجاع
الحقوق لأصحابها، وفي الحياة وجدنا بعد التجربة والخبرة أن هناك شكوى في محلها ووقتها وتؤتي ثمارها، وهناك أخرى مضيعة للوقت لأنها تدل على ضعف وذل وقلة صبر عند الملمات!
٭ آخر الكلام: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (يتنزل ربنا تبارك وتعالى كل ليلة إلي السماء الدنيا حين يبقى ثلث الليل الآخر يقول: من يدعوني فأستجيب له من يسألني فأعطيه من يستغفرني فأغفر له).
قال تعالى في سورة غافر (ادعوني أستجب لكم).
أقف طويلا في القرآن الكريم أمام ما قاله سيدنا يعقوب عليه السلام: (إنما أشكو بثي وحزني إلى الله) سورة يوسف الآية 86.
٭ زبدة الحچي: عزيزي القارئ وأنت في هذه الحياة اجعل القناعة رفيق دربك تغنك عن سؤال الناس!
«لو صفت النوايا لاستمرت العطايا»، و«لو زكت القلوب لانزاحت الخطوب».
المهم أحبابي (طهروا أفئدتكم)!
الجلد والتفاؤل والصبر طريقك وسلاحك كي (تعدي) في الحياة!
والتفاؤل والجزع واليأس محبطات فكونوا دائما مفاتيح خير لا مفاتيح شر!
تذكروا واعلموا انه إن ضاقت بكم الدنيا اتسعت لكم الآخرة وان أغلقت الأرض أبوابها في وجوهكم تفتحت أبواب السماء وجادت بالغوث والعطاء!
القناعة ولا غير القناعة، والرضا بما كتب الله، فالله له مقادير وأرزاق كفيل بأن يجعل معك (نفسا لوامة) هي فرجك ونصرك وسعادتك وفوزك باليقين، وما أدراك ما اليقين؟!