[email protected]
محطات الزمن المتعارف عليها.. أمس دابر، وحاضر مأمول، وغد مرتقب!
هذا الزمان متعب لأن (الزمن الجميل) رحل بناسه وأوقاته، واليوم الزمان يسرق (شبابنا) وما تبقى منا!
زمن الملهيات والجاذبات والتمثيليات الهابطة ومشتتات لا حصر لها!
يقول المتنبي:
قبحاً لوجهك يا زمان فإنه
وجه له من كل قبح برقع
إذن كما قالوا: الزمان فم لعابه الأمل، ولسانه التاريخ، ولقمته العمر، ونابه الموت!
أحيانا وأنا أقرأ لجبران خليل جبران أتوقف عند جمله ومفرداته وآرائه وأجدها (حكيمة) في الغالب، خذوا مثلا قوله: إن الحياة لا يحدها زمان، فليس الأمس سوى ذكرى اليوم، وليس الغد سوى حلم اليوم!
هذا الوقت له جيله الإلكتروني، ونحن الجيل المخضرم (حايسين) أي محتارين بين إرضاء هذا او ذاك!
لقد قالها الشاعر أبوهاني الأندلسي، رحمه الله:
وهب الدهر نفسا فاسترد
ربما جاد بخيل فحسد
خاب من يرجو زمانا دائما
تعرفُ البأساء منه والنكد
٭ ومضة: الزمن هو الزمان، وكل وقت له أهميته، فنحن اليوم في رمضان حصلنا من العشر الأوائل وهي الرحمة ودخلنا العشر من الأيام الوسط وهي المغفرة، وننتظر العشر الأواخر، وفيها العتق من النار، لهذا نرى ان أهمية الوقت في حياتنا مرتبطة ايضا بشريعتنا، فقد أقسم الله سبحانه وتعالى به في كتابه في مواضع عدة منها قوله تعالى: {والعصر إن الإنسان لفي خسر، إلا الذين آمنوا وعملوا الصالحات وتواصوا بالحق وتواصوا بالصبر} ولهذا يجب في رمضان ان تغتنم الفرصة «اغتنم خمسا قبل خمس: شبابك قبل هرمك، وصحتك قبل سقمك، وغناك قبل فقرك، وفراغك قبل شغلك، وحياتك قبل موتك».
«ازرع تحصد»، واحرص على العمل الصالح لأنه الباقي لك، ونظم وقتك، وحدد أولوياتك ووزعها على ساعات اليوم تكسب.
٭ آخر الكلام: الخطوة التي تبدأها (صح) هي إدارة الوقت وتنظيمه، اي تخطيط يومي فعال يجنبك هدر الوقت وإضاعته.
هو الحد الفاصل بين الناجحين والعاديين!
احرص على التنظيم ولا غير التنظيم هو الذي يبرمجك لعمل يومي مرتبة فيه المسؤوليات، ولا يمنع ان تمارس الترفيه والراحة والتسلية، فهذا حق جسدك عليك لأن ممارسة هذا تعود بالخير والنفع على الصحة والنفسية فتسعد ويسعد من حولك لأن (ضغوط الحياة) تتطلب ان تزيحها بضحكة وتسلية، لكن بغير هدر للأوقات كلها، فعمر الإنسان يطوى وينقضي، قال تعالى: {ويوم يحشرهم كأن لم يلبثوا إلا ساعة من النهار يتعارفون بينهم}.
تذكروا قول الشاعر:
الوقت أنفس ما عنيت بحفظه
وأراه أسهل ما عليك يضيعُ..
انتبه للأوقات والأزمنة!
٭ زبدة الحچي: لعل ما أريده يتلخص في هذه الأبيات الشعرية:
لا أشتكي زمني هذا فأظلمه
وإنما أشتكي من أهل ذا الزمن
هم الذئاب التي تحت الثياب فلا
تكن إلى أحدٍ منهم بمؤتمن
قد كان لي كنز صبر فافتقرت إلى
إنفاقه في مداراتي لهم فقني
هكذا هي الحياة، وقت يمر من العمر، يقول حاتم الطائي:
لم أبك في زمن لم أرض خلته
إلا بكيت عليه حين ينصرمُ
وقديما قالوها: من استهان بالوقت نبذه الزمن!
وهكذا عزيزي القارئ الكريم احفظ عني: إن أحببت الحياة فلا تهدر الوقت، لأن من الوقت هذه الحياة الرحبة لكن أجلها قصير جدا، بل هي والوقت كالسيف إن لم تقطعه قطعك.
رحم الله أحمد شوقي أمير الشعراء حين قال:
دقات قلب المرء قائلة له:
إن الحياة دقائق وثواني
إذن الوقت رأسمالك فاستثمره بحكمة حتى لا تقول في نهاية المطاف آه.. ضيعت الوقت فضيعني!