مستشفـى كبيـــر بلا أجهـــزة.. وأزهر يبحـث عن معين.. ووجبات «شباب امرأة» و«السفيرة عزيزة» تغازل روادها.. وعالم
التاكسي.. وهوليوود الشرق
مطار القاهرة الجديد.. عالم من الحداثة
الاطلاع على أحوال الأمم والمجتمعات عن كثب يغني عن قراءة عشرات الكتب، وقد اعتدت كلما يممت وجهي إلى إحدى الدول شرعت في تسجيل بعض مشاهداتي وانطباعاتي عن أوضاع الشعوب وخاصة الفئات المستضعفة والشرائح الفقيرة، ورغم مشقة الأسفار ونصبها إلا أن فوائدها جمة وقد لا تحصى، ومحطتي هذه المرة كانت في أم الدنيا، مصر الحضارة والتاريخ، وكان الهدف من الزيارة أن أمثل الهيئة الخيرية الإسلامية العالمية، في أعمال مؤتمر إعلامي تنسيقي عن كيفية تفعيل أنشطة الجمعيات الطوعية الخيرية إعلاميا في أحضان الأزهر الشريف وتحت رعاية إمامه الأكبر الشيخ د.محمد سيد طنطاوي.
ويوم السفر حزمت حقائبي وانطلقت إلى مطار الكويت الأثري، والهموم تجتاح أرجاء نفسي، فلا أحد في الكويت يغيب عنه الهم والكدر جراء المشاحنات والتجاذبات السياسية التي لا يكاد يخلو منها المشهد السياسي الكويتي بسبب الصراع المستمر بين السلطتين، حاولت أن أتناسي وأعيش اللحظة الراهنة، وشاء القدر أن احجز على الخطوط المصرية وسط مخاوف من تأخرها في الإقلاع وربما تغيير مسارها دون تنبيه على ركابها، وكان قد حذرني من ذلك أحد الأصدقاء، لكنني عزمت وتوكلت على الله، والحقيقة أنني وجدت السفر على الطيران المصري مريحا ويبدو أنه تغير إلى الأفضل لكي يواكب المنافسة الشرسة بين الشركات لاستقطاب الركاب، وكانت فرحتي غامرة حينما تبدى الكرم المصري في منحي وزنا يصل إلى 45 كيلوغراما، حيث كنت احمل كمية من مطبوعات الهيئة لعرضها على هامش المؤتمر الى جانب أمتعتي الخاصة.
وزاد التعامل الراقي لطاقم المضيفين والمضيفات سعادتي، فقد تركوا أثرا طيبا في نفسي نتيجة تعاملهم الإنساني والودود وتحملهم التصرفات المستفزة لبعض الركاب، وكان على متن الطائرة فريق كرة سباحة، وبعد إقلاع الطائرة بدأ الفريق في ترتيب بعض أعماله بالقرعة بين أعضائه، ولم يخل الأمر من تصرفات أزعجت بعض الركاب، ومن أن هدأت قرعة فريق السباحة حتى دخل شاب ثلاثيني في نوبة إغماء، كما دخل طفل رضيع في نوبة صياح، غير أن طاقم المضيفين كان على مستوى المسؤولية واحتوى الموقف بحكمة طوال الرحلة.
وصلنا القاهرة، وإذا بنا نرى المطار الجديد عالما آخرا من الحداثة والتحضر انه بحق ثورة في عالم الطيران العربي والعالمي، يستوعب أكثر من 32 مليون راكب سنويا، ويعد مفخرة للمصريين والعرب على السواء لأنه أقيم بأيد وعقول مصرية نجحت في استخدام التكنولوجيا وتوظيفها في إقامة هذا الصرح العملاق، وليس هذا بجديد على الخبرات والكفاءات المصرية، فهم لهم باع في ميادين كثيرة وحقول شتى.
وقبيل زيارتي للقاهرة كنت في مراجعة طبية لمستشفى الرازي، وتجاذبت أطراف الحديث مع الأخ الخلوق والطبيب الانسان د.سامي عبدالغفار الذي يقوم على علاجي، ولما علم باعتزامي السفر إلى المدينة التي لا تنام الليل، دعاني إلى زيارة مستشفى أورام العظام بجامعة المنوفية بشبين الكوم، وقد وعدته خيرا، وبالفعل عندما سنحت الفرصة، اتصلت بالأخ رئيس قسم جراحة العظام بكلية طب المنوفية د.أحمد شاهين والذي أرسل لي د.محمد ود.أسامة ليصطحباني إلى المستشفى.
ولأنني كلما حططت رحالي في عاصمة المعز التقيت أخي وزميلي وأستاذي يحيى حمزة مدير تحرير جريدة «الأنباء» الأسبق، فدعوته إلى مرافقتي إلى المحافظة التي أنجبت الرئيس الراحل محمد أنور السادات والرئيس الحالي حسني مبارك، فلم يتردد في تلبية الدعوة، وعلى مدى ساعة ونصف استغرقتها الرحلة من مدينة نصر إلى جامعة المنوفية، استذكرنا العديد من المواقف خلال فترة عمله في الكويت، وهو من الرجال الأوفياء والمخلصين بل والعاشقين للكويت وأهلها فقد عاش فيها ردحا من الزمن، وبينما كنا نستعيد عبق الماضي الجميل، ثار في خاطري تساؤل: لماذا لم توجه جمعية الصحافيين الكويتية دعوات إلى مثل هذا الرجل العظيم الذي خدم الكويت وقضى فيها زهرة شبابه وربى جيلا من الصحافيين، لتقيم له ولأمثاله أمسية عن ذكرياته الصحافية.
مستشفى جامعة المنوفية
واستفقت من هذا الخاطر على وصولنا إلى جامعة المنوفية، وهناك كان في استقبالنا العالم الكبير رئيس قسم جراحة العظام بكلية الطب د.احمد شاهين المتخصص في أورام العظام والكسور، حيث استقبلنا في مكتبه بحفاوة، ثم تفقدنا قسم جراحة العظام، وهو من الأقسام الإكلينيكية المتميزة بالمستشفى الكبير ويضم في جنباته نخبة من أكفأ جراحي العظام الذين أنهوا دراساتهم وتدريبهم في أرقى المراكز المتخصصة في كندا وبريطانيا وبلجيكا ولهم علاقة مميزة بجامعة لي?ربول بإنجلترا وقسم جراحة العظام بجامعة ميونيخ بألمانيا.
تحدث إلينا د.أحمد شاهين عن الوحدات التخصصية في القسم وهو يئن ألما ومرارة، فالمستشفى يستقبل شهريا أكثر من 1700 مراجع بينما الطاقة الاستيعابية 40 سريرا فقط.
ويواصل الطبيب الإنسان د.شاهين حديثه متعاطفا مع مراجعي المستشفي قائلا: هناك العديد من المرضى الذين نفحصهم ونشخص مشكلاتهم لكننا لا نستطيع أن نفعل لهم شيئا لعدم وجود الأجهزة الضرورية، وبسبب تزايد أعداد المرضى المصابين بالكسور والأورام، ولأن الحاجة أم الاختراع فقد فكرت هذه النخبة من الأطباء أن تنشئ بنكا للاستفادة من العظام المبتورة من بعض المرضي والتي تصلح كقطع غيار لمرضى آخرين خاصة الأطفال إذا ما حفظت بشكل علمي سليم في أجهزة خاصة.
تفقدت كل أرجاء المستشفى وأجنحته، وقابلت مرضى، واستمعت إلى آلامهم وأوجاعهم وآهاتهم المؤلمة، وزرت مرافق تنقصها الكثير من الإمكانات، وشاهدت نقص الأجهزة الضرورية في غرف العمليات، وأجمع الأطباء على أن تزايد أعداد المرجعين في قسم جراحة العظام نتيجة طبيعية لانتشار ?يروس الكبد الوبائي «تايتس» الذي يتحول مع الوقت اذا لم يكن العلاج ناجعا إلى ورم سرطاني يؤدي في النهاية إلى كسر العظام.
ويبدو أن نقصان الأجهزة كان دافعا للكادر الطبي وعلى رأسه د.شاهين الى تدشين العديد من حملات التوعية، وكان لها كبير الأثر في تخفيض نسبة الإصابة من 30% إلى 50%، لكن النسبة الأخرى المتبقية تحتاج الى رعاية خاصة، وإنني أتوجه مباشرة لاخواني المتبرعين الكرام بدعوتهم إلى المساهمة في شراء عدد من الأجهزة لتلبية احتياجات المستشفى وهي ليست باهظة التكاليف، وقد اعتدنا من أهل الخير في الكويت أن يتسابقوا في الخيرات، فهذا المستشفى يخدم محافظة المنوفية ومنطقة وسط الدلتا واحتياجاتهم كالتالي:
ـ جهاز التردد الحراري وتجري به العمليات الدقيقة في الكبد وتبلغ تكلفته 350 ألف جنيه أي ما يعادل 18.500 ألف دينار.
ـ جهاز تعقيم العظم قبل العملية وتبلغ قيمته 300 ألف جنيه بما يعادل حوالي 16 ألف دينار.
ـ براد ذو مواصفات خاصة يحفظ العظام المقطوعة وهو مجفف ومجمد تحت درجة (-86) ومتوافر في ايطاليا وهولندا والولايات المتحدة وموجود لدى بعض الشركات المصرية التي لها توكيلات ويعمل في حال انقطاع الكهرباء 6 ساعات متواصلة ويتراوح سعره من (80 ـ 100 ألف جنيه) أي 5.500 دينار.
ومن يرغب في هذا الأجر الكبير فما عليه إلا أن يتواصل عبر البريد الإلكتروني للدكتور احمد شاهين وهو: [email protected] ونقال: 0020101580400 ومكتب: 0020403332864 ومن يستطيع او يرغب في شراء هذه الأجهزة أو بعضها عن طريق بيت الزكاة الكويتي في القاهرة، كوسيط فنحن على استعداد لمساعدته، وقد أبلغني د.احمد شاهين أنهم يريدون أجهزة وليس أموالا، «فيا باغي الخير أقبل» و«ما نقص مال من صدقة» و«الصدقة تقي مصارع السوء».
حكاياتي مع التاكسي.. فاضي يا أسطى
نعود إلى المؤتمر فطيلة أيامه وأنا أخرج صباحا من فندق «فرمنت» في شارع العروبة بالقرب من المطار، وكان يسمى قبل تجديده «هيلوبوليس» لأمارس هوايتي المفضلة وأستقل أول تاكسي يقابلني مع سائقي التاكسي مستذكرا الأخ الزميل خالد الخميسي الذي اصدر كتابا بعنوان «حواديت المشاوير» ولعله واحد من الكتب الممتعة التي قرأتها وتصف بالضبط ما يدور في المجتمع المصري، وتقدمه في عمل صحافي إبداعي جميل.
وعلى مدى أيام المؤتمر الذي شاركت في أعماله استمتعت بالركوب مع تاكسيات «العقرب» وهي «العربيات» البيضاء السوداء، ورغم أنها ذات عدادات إلا أنها في الغالب لا تعمل، وفي أحسن الأحوال يدير السائق زرها لإيهام الراكب بأنه ملتزم بالقانون، لكن حقيقة الأمر ان القانون لدى هؤلاء في إجازة الى اجل غير مسمى، وأصحاب هذا النوع من التاكسي غالبا ما يكونون من كبار السن أو على الأقل من جربتهم، والغريب أنهم يعتمدون في مهنتهم على الفهلوة و«الخلاصة» التي تصل الى حد الغرور القاتل، خاصة أن بعضهم يمارس نوعا من «الاستعباط» يخرج الزبون عن طوره وحكمته لأنه يتعامل مع الزبون وكأنه حصل على صفقة، ويحاول فرض ما يريد عليه، يعني مشوار بـ 10 جنيهات أو 20 جنيها قد يطلب فيه 100 جنيه ويصرخ ويعبر عن سخطه وعدم رضاه طوال الطريق خاصة اذا كان الزبون لا يعرف خريطة المكان الذي يريد الذهاب إليه.
وشتان بين هؤلاء وبين أصحاب التاكسي الأبيض الحديث ويبدو انهم «شباب زي الورد» حيث الأدب والأخلاق، ولسان حالهم يقول انهم يريدون أن يعكسوا وجها طيبا وحضاريا عن بلدهم من خلال التعامل والسلوك الوظيفي.
وفي شوارع القاهرة بما فيها الحيان الراقيان مدينة نصر ومصر الجديدة قد عشت حكايات وأفلاما مع «سواقين التاكسي» وعرفت منهم الصادق وكثير منهم كاذبون، غير ان رابطا يجمع الكثير من هؤلاء وهو خفة الدم والتلقائية.
ركبت مع سائق تاكسي كبير في العمر قلت له: اسمك إيه يا عم الحاج؟
قال: أبو احمد.
قلت: عامل إيه إزيك إن شاء الله أنت والأسرة بخير؟
قال: نحمده، احمد تخرج ويعمل في شركة الهاتف النقال، وابنتي على وشك التخرج، وكله بفضل الله ثم هذه «العربية المهكعة» في اشارة الى سوء حالة سيارته، ويواصل: زمان «العربيات» الدودج والفورد والفيات والمرسيدس والبيجو كانت سيارات جامدة «دلوقت» كله صيني وسنتان وتحتاج إلى قطع غيار تعادل سعرها؟
سيارات زمان زي البشر، هم البشر «اليومين دول» زي «امبارح» لأ طبعا؟
والبلوة «المسيّحة» ان صاحب التاكسي عاوز كل يوم 75 جنيها و35 للبنزين لأنك لازم «تفوّل» العربية قبل تسليمها لزميلك المناوب.
وفي يوم وقفت أمام باب الفندق في انتظار تاكسي ومرت «عربية» وبعد ان تجاوز الفندق عاد إلى الخلف غير عابئ بالمرور وقواعده، وقال: معذرة يا بيه، مش تجاهل، بس سرحان، الله يكفيك شر الهم والحزن.
بادرته: مالك، خير ان شاء الله.
رد قائلا: أمي عيانة وبنتي «جنان» مريضة ولا أدري هل آخذ أمي للطبيب أم ابنتي؟
ما اقدرش على مصاريف الطبيب للاثنتين دي أمي ودي بنتي؟
قلت: مين عيانة أكثر؟ قال:
أمي ست كبيرة وابنتي صغيرة وكلتاهما مريضة، ربنا يفرجها، وعندما وصلت الى مكاني، قلت في نفسي ان قال أجرته 10 جنيهات فهو صادق، وسأعطيه ما يحل مشكلته ويزيد، وبالفعل قال: 10 جنيهات يا باشا، فأخرجت مبلغا من المال وأعطيته إياه وقلت هذا لعلاج والدتك وابنتك وأجرة «العربية» طوال اليوم، اذهب واصطحب والدتك وابنتك الى الطبيب وكن الى جوارهما اليوم حتى تتماثلا للشفاء بإذن الله، فسجد لله شكرا، وأخذ يدعو لي بأعلى صوته «ربنا يفرج همك، ربنا يكثر مالك»، وبالفعل خلال ساعتين وردني خبران مفرحان رأيت فيهما اثر هذه الدعوات المخلصة، وصدق رسولنا الكريم صلى الله عليه وسلم «ما نقص مال من صدقة.. والصدقة تقي مصارع السوء.»..
الأزهر والدعم المفقود
مازال الأزهر الشريف منارة علمية شامخة، يؤمه طلبة العلم الشرعي من جميع أنحاء العالم، فتحت لوائه عقد الملتقى الإعلامي الأول لمسؤولي الإعلام بالمنظمات الإسلامية العالمية الأعضاء بالمجلس الإسلامي العالمي للدعوة والإغاثة برعاية فضيلة الأمام الأكبر د.محمد سيد طنطاوي شيخ الأزهر رئيس المجلس الإسلامي العالمي للدعوة والإغاثة، ورغم ان الأزهر مازال أحد أهم روافد العلم والمعرفة في العالم الإسلامي إلا ان المطلع على أحواله عن كثب وبعض اجتهادات علمائه يدرك أنه تراجع كثيرا، وعندئذ علينا أن نترحم على شيوخه وآخرهم فضيلة الشيخ جاد الحق شيخ الأزهر السابق ـ رحمه الله ـ الذي عاصرته إماما جسورا محافظا على هيبته ومكانة الأزهر الشريف، وقد أدار بحكمته معارك كثيرة في سبيل الحفاظ على هذا الصرح الإسلامي العريق إدراكا منه لدور هذا المعلم الفريد ليكون خليفة الله في أرضه.
وكان الأزهر الشريف على مر القرون القلعة الشامخة التي حفظت للقرآن لغته وللحديث الشريف مكانته وللدين تعاليمه وللشريعة أحكامها وللفقه أصوله وضوابطه وللأمة الإسلامية تراثها الحضاري الفريد وأصالتها الفكرية الراسخة في مواجهة المد التغريبي والثقافي القادم من الخارج.
وكم كانت مصر عظيمة عندما احتضنت الأزهر الشريف لتنشر روح التسامح والتكافل والبعد عن التعصب وتنشر الوسطية الحقة، فعلى أرضها وثراها مشى إبراهيم الخليل أبو الأنبياء وعاش يوسف عليه السلام هاديا ونذيرا، وفي الوادي المقدس في بقعة غالية من ارض مصر ـ نزلت الرسالة على موسى كليم الله، وإلى شعب مصر جاء عيسى بن مريم ساعيا للخير والأمان فأكرم وفادته، وعلى أرضها انتشر الإسلام وكان الأزهر الشريف أداة طيبة لنشر هذا الدين العظيم وشاهدا على طيبة الشعب المصري وعظمة المكان.
لقد كان ولايزال وسيبقى هذا الأزهر الشريف على الدوام مدرسة للوطنية المصرية تعمق الولاء للوطن والانتماء لثراه المقدس فكلنا يذكر العالم الفريق عبد السلام عمر مكرم وعبدالله النديم وحسونة النواوي وسعد زغلول، ففي صحن الأزهر المبارك ارتفعت الهتافات بتماسك المصريين ـ من مسلمين وأقباط ـ في مواجهة الغاصب المحتل، فكانت المواقف أروع تجسيد لروح الإسلام وهو الانتصار الأكبر على قوى التعصب والكراهية والفتن.
لقد كان الأزهر على الدوام ودعاته الأخيار دعاة جمع الشمل وتوحيد الصف والكلمة وضد الفرقة وشق الصفوف وخرج الأزهر أجيالا من الدعاة الوسطيين الذين لا يعرفون التكفير واعتزال المجتمع وتحطيم مقوماته وبذلك برز الأزهر كنبراس وحدة لأبناء الأمة الإسلامية في مشارق الأرض ومغاربها.
إنني أدعو أرباب المال في العالم الإسلامي لتخصيص أوقاف جديدة لهذا الصرح العملاق ليواصل دوره الريادي للمحافظة على الفكر الإسلامي الوسطي ضد المفاهيم الدخيلة المستجدة والمدمرة، فهو المؤسسة الدينية التي تأمن أن ينضوي الشباب تحت مناشطها وكلياتها لأننا بكل صراحة نتطلع إلى دور اكبر للأزهر وخريجيه في العالم الإسلامي على امتداده ولتعميق الدين بين شعوب الأمة الواحدة. لقد عرف الأزهر برجاله الذين صدقوا ما عاهدوا الله عليه، وتجردوا لأداء الرسالة ولترتفع مآذن الأزهر وتعلو كلمته.
والله إنني كمواطن كويتي وعربي مسلم أفخر عندما أرى استطلاعا أو عملا إعلاميا يعلي من مكانة الأزهر لأنني كقارئ للتاريخ لا يمكن أن أنسى دور علماء الأزهر وقد جلسوا على مدى أكثر من عشرة قرون تعليما ودرسا ووفاء للأمة الإسلامية وتوجيها للمسلمين، وأن الكثير من تراث الإسلام حفظه وجلاه جهابذة صادقون من علماء الأزهر.
لقد كان شرط حفظ القرآن للدخول إلى كلياته من أسباب رفعته وأي تهاون في هذا الأمر سيجعل النطيحة والمتردية في كلياته ومعاهده.
ان في كنف ارض الكنانة عشرات الجامعات إلا أن مكانة جامعات الأزهر ومعاهده مدعاة فخر لأنها القيمة على دراسة علوم القرآن والسنة النبوية وشتى العلوم الإسلامية ومن هذه الكليات والمعاهد يرسل الأزهر دعاته إلى شتى أقطار العالم وأوساط الأقليات يقومون بأعباء الدعوة والتعليم وعلى اختلاف لغاتهم وألوانهم وأوطانهم.
ان من واجب الأمة الإسلامية أن تحتفل مجمعة بهذا الصرح وتوعز لهيئات البريد أن تصدر مجموعة من الطوابع التذكارية كما أن دور السينما والمحطات الفضائية والقنوات الإخبارية والإعلام بكل صفوفه وشرائحه ووسائله مطالبة بإبراز دور هذا المكان المرموق وان ترصد مسابقات عالمية ذات قيمة لتأصيل فكر هذا الأزهر المبارك.
وأنت تزور مصر خذ أسرتك وتفرج على معالمه ومناراته بكل المشاعر النبيلة التي يحملها المسلم لدينه خاصة إذا ما علمنا أن الأزهر وسيلتنا لأمس دابر ويوم حاضر، ولكي يضطلع الأزهر الشريف بمهمته العظمى ويؤدي رسالته الكبرى لابد من الدعم المادي وعلى شركات امتنا الإسلامية أن تولي هذا الأمر جل عنايتها.
في مدينة هوليوود الشرق
أثلج صدري كإعلامي تنظيم زيارة للمشاركين في المؤتمر إلى مدينة الإنتاج الإعلامي في القاهرة والتي يطلق عليها اليوم «هوليوود الشرق» التي تعتبر واحدة من أكبر المدن الإنتاجية في المنطقة.
وقد جاب بنا العم رمضان قطاعات هذه المدينة بالحافلة وشاهدنا الاستوديوهات الحديثة والمدن والقرى المصممة بأسلوب فني مطور لتصوير الأفلام والمسلسلات.
شاهدت قطارا ينقل الزوار ويطوف بأرجاء المدينة وهو معهم على الطراز القديم إضافة إلى استراحة للزائرين والفنانين على حد سواء.
وتضم المدينة 31 استديو على مساحة تبلغ مليون متر مربع بتكلفة إجمالية 800 مليون جنيه وهناك محطات بث استقطبتها المدينة مثل «ام.بي.سي» و«إيه.ار.تي» و«اقرأ» وغيرها.
وأعجبني في المدينة جزر الديناصورات والغابات وأنهار الربع وعروض الدلافين، وبعد زيارتي خرجت مندهشا من جمال المدينة وأدركت سر نجاح الإنتاج المصري مؤخرا، لأن المدينة توفر تفاصيل تاريخية لتصوير الأعمال الفنية.
انصح أي إعلامي يزور مصر بأن يضع زيارة المدينة ضمن برنامجه وسيشاهد تجربة فريدة ونمطا غير تقليدي وصرحا حضاريا كبيرا.
أنت جميل كده ليه؟
وبصرف النظر عن تحفظ البعد على فكر صلاح جاهين، فقد اخترت من دواوينه الأربعة المنوعة بعضا من إبداعاته كتبها من سنه 1965 إلى 1986 للإذاعة والتلفاز ومنها طبعا ما كتب في الخمسينيات وهي صورة رائعة للكلمة المصرية المعبرة مما جعلها تجري على كل لسان صغارا وكبارا ولاقت قبولا في كل زمان ومكان بين مختلف الأوساط من اشد الناس بساطة إلى أكثرهم ثقافة وأرقاهم فكرا وهي أكيد اليوم تعتبر تراثا مصريا خالصا أختار لكم منه:
أنت جميل كده ليه؟
أنا أحـب جمـال البني آدم يا أجمل واحد في العالم
يا ترى دريان باللي جرالي من سحر شبابك الحالم
والناس حواليك
ماهيش قادرة عليك
وعايزني بقى ما اتأثرشي
مقدرشي..
وأنت: جميل كده ليه؟
صحيت الأحلام.. كده برضه؟ خليت قلبي يشاكل بعضه
النص عاجبنـي ايـوه عاجبني والتاني يقول أنا موش قده
وآخرتها معاك
وبرني في هواك
ياللي مثالك ماخطرشي
مقدرشي
وأنت جميل كده ليه؟
مطاعم مدينة نصر والكرش
في جمع طيب جلست في مطعم استديو مصر بمدينة نصر وتم اختيار مجموعة من الأطباق، فكان نصيبي «شباب امرأة» لأنهم يسمون الوجبات بأسماء الأفلام القديمة مثل «السفيرة عزيزة» وهذا الطبق كان من نصيب أستاذي أبي حاتم يحيى حمزة الذي ظل يقول يا حلاوتك بهذا الكرش مع «شباب امرأة» فقلت له: أنت المحظوظ بالسفيرة عزيزة، وكان حديثا شائقا عن الكرش والأمراض الذي تنتج عنه وكيفية التخلص منه؟
لا شك ان الإنسان وهو يمر بمختلف المراحل تختلف فيها نسبة الخطورة وحيث اننا نحن في مرحلة أواخر الخمسين تبرز أهمية التخلص من هذا الكرش الذي يهدد حياتك بالخطر نتيجة ضغطه على فقرات الظهر فينتج الدسك والخشونة والانزلاق الغضروفي والعصب.
وعلى ذكر مرض العصب الذي داهمني خلال الفترة الماضية فقد صنعت آلامه مني شاعرا حتى قلت في شأنه:
هل جربتم العصب
عوار بالرجل للركب
يأتيك بالحال لا طلب
لا تحسبه لذيذا كالرطب
بل نار تصليك اللهب
فاحذر الظهر وما وجب
وللرازي قدم الطلب
حوض وكهربة وتزيل التعب
نعود الى الكرش فالدكتور حسن فكري منصور يستعرض في كتابه حول ذات الموضوع طرقا مختلفة للرجيم والتخلص من هذا الوافد الثقيل على الجسم مثل رجيم الفاكهة ورجيم الألياف أو عيش الغراب أو بعصير الفواكه والخضراوات خاصة الجريب فروت والعصائر المختلفة.
ويحذر من المسليات ويقصد بها اللب والفول السوداني والفشار (النفيش) وقائمة طويلة من المكسرات لأنها تحتوي على نشويات ودهون وسعرات حرارية عالية جدا.
ومما لا شك فيه أن حياتنا الاجتماعية في الكويت لا تساعد على تطبيق الرجيم، فالوالدة إن طبخت لك مطبق زبيدي ولم تأكل تزعل عليك، والزوجة إن طبخت مجبوس لحم وقلت مسوي رجيم مدت البوز.
الكرش ضيف ثقيل الطينة جاثم على صدور مئات الآلاف من مواطنينا الأحباب والكل يمشي كيلومترا ويأكل 16 كيلو غذاء مشبع بالدهون، والرجل ان اعتبره من الوجاهة فإنه قاتل لأي امرأة من بنات حواء لأنه يفقدها البريق، إننا جميعا كرجال علينا أن نحارب مقولة، أن أسهل طريق لقلب الرجل هو معدته.
ولنبدأ بممارسة الرياضة وتجنب الأكل أمام التلفاز والتقليل من استخدام السيارة وركوب السلالم وتناول الخضراوات والفاكهة والبعد عن (العيش ـ الرز) فإنه مدمر مع الخبز واترك حالا المسليات من (لب ـ مكسرات ـ مياه غازية ـ شيكولاته) قلل الأطعمة المقلية واستبدل السكر الأبيض بالبني أو السويت وايت ولا تلبي عزومه.. فالكرش طريقك للسكر والقلب و...عليكم بالرجيم.
شكراً.. أوراد الجابر الصباح
في لمسة وفاء وتقدير نادرة للعلم والعلماء حرصت الاخت الفاضلة الشيخة أوراد الجابر على تنظيم حفل لتكريم الطبيب الإنسان والداعية الإسلامي الفريد العالم المصري د.حسان حتحوت بالتعاون مع الهيئة الخيرية الاسلامية العالمية، عرفانا من أهل الكويت لهذا الرجل العظيم الذي خدم الكويت على مدى 20 عاما، حيث أسهم في تأسيس كلية الطب والمنظمة الإسلامية للعلوم الطبية وجمعية الهلال الأحمر وبنك الدم وترأس قسم النساء والتوليد ودرس مادة تاريخ وأخلاقيات الطب، وكان حفلا راقيا وناجحا بكل المقاييس شارك فيه نخبة من وزراء الصحة الحاليين والسابقين في الكويت وجمهورية مصر العربية والعم يوسف الحجي والشيخ أحمد زكي يماني ولفيف من تلامذة الراحل، فشكرا للأخت أوراد على نجاح الاحتفائية، والله نسأل أن يرحم فقيد الأمة وأن يدخله فسيح جناته.
فقر المشاعر في هذا الزمان
آخر الكلام: فقر المشاعر مرض خطير انتشر في المجتمع الكويتي فدخل البيوت وأروقة المجتمع وطال مجلس الأمة وكل المنتديات والجهات الكويتية بما فيها القنوات الفضائية، مراعاة المشاعر منهج شرعي ومطلب اجتماعي الكل يحتاجه لأنه إنسان والإنسان مدني بطبعه لا يستطيع أن يعزل نفسه بشكل مطلق ولنتذكر جميعا ان الكلمة الطيبة صدقه ورسولنا يقول: «إن تبسمك في وجه أخيك صدقه» أو كما يقال:
اقبل من الناس ما تيسر ودع من الناس ما تعسر
وعليكم بالهدية مصداقا لقوله صلى الله عليه وسلم: «تهادوا تحابوا..» أو كما قيل في الشعر:
ان الـهـديـــة حلـــوة كالسحـر تجتـذب القلوبا
تدني البعيد عن الهـوى حتـــى تصيـــده قـريبا
وتعيد مضطعن العداوة بعـــد بغضـــه حـبـيبـا
وإذا ساد الذوق السليم في أروقة مجتمعا رأينا كل فرد يتجنب جرح إحساس غيره بأي لفظ أو عمل أو إشارة أو أي شيء يأباه الذوق وصاحب الذوق يأبى النزاعات وحدة الغضب ويحاول دائما إدخال السرور على قلوب الآخرين وشعاره دائما «وبشر المؤمنين» ووأد العداوات ما أحوجنا في هذا الزمان للمشاعر المتبادلة.
آخر الكلام: إلى ابني الحبيب نجلي الأكبر «مايك مبلتع» أتابعك بفخر واعتزاز، وأنت تحصد النجاح تلو النجاح في مجالك الإعلامي، ونصيحتي ألا يكون ذلك على حساب دراستك التي شارفت على الانتهاء منها، وبعد ذلك حدد مسارك، وتذكر دائما انك من نسل فرسان، والفروسية تعني ان تكون من صناع النجاح فحياتك رسالة، واعلم أن قيمة الوقت تعني الانتصار، وان التحدي هو المصدر الحقيقي لصناعة الرجال، فاخفض صوتك وقو حجتك، فكر في الغايات ولا تتجاهل الوسائل، وتذكر يا بني أن من عفا ساد ومن حلم عظم وان اللذة الواحدة يقابلها ألف ألم، وختاما احفظ عن والدك: ان حاججت فلا تغضب فإن الغضب يدفع عنك الحجة ويظهر عليك الخصم.