[email protected]
النقود والدينار والريال والدرهم والجنيه والدولار واليورو كلها مسميات لشيء واحد هو المال!
المال هو الذي من أجله يُقتل الإنسان بيد الإنسان؟
والمال هو هدف كل طامع في ثروة وجاه وسلطان!
والمال نعمة كما أنه نقمة.
والمال قد يسبب السعادة أو يورث التعاسة!
دول حاربت دولا أخرى من أجل المال.
وعبر التاريخ، الغزوات والحروب والقرصنة والاحتلال والعدوان كلها لأسباب مالية!
الكل يرحل ويبقى «المال» وانظروا في القصص والأحداث والشخوص، أين خزائن قارون وفرعون وهامان؟
هل رحل الأنبياء عليهم السلام وقد أخذوا من كنوز الدنيا؟ أم اشتروا الآخرة؟
أقبح «مال يؤكل» هو مال اليتيم!
أعود للسؤال: هل المال نعمة أم نقمة؟
باختصار هذا راجع إلى نظرتك!
بالأمس قارئة تكتب لي في الإيميل: ماذا لو رزقك الله الآن بمليون دينار؟ ماذا ستفعل؟
قلت لها: يا رب حسن الخاتمة، ليس لي رغبة في المال نهائيا.
فقالت: وماذا نفعل نحن بضعفنا وتقصيرنا، وأنت من بحث عن كل أبواب الخير ودخلها وعلّم غيره؟
هناك من يعتبر المال وسيلة وليس غاية، وانه لا قيمة للمال إلا بالقدر الذي يحقق لصاحبه ما يريد ويجنبه المهانة وهدر الكرامة!
وهناك من هم على النقيض، حيث يغيب البعد الأخلاقي والقيمي، فهم يريدون «المال» في حد ذاته وبأي طريقة، رشوة، نصب، دعارة، مخدرات، سرقة، بأي ظاهرة تُكسب المال!
تبقى الحقيقة، «المال» ليس لأحد، وإنما هو متداول اليوم بيدك وغدا بيد غيرك، فاعتبروا يا أولي الألباب!
٭ ومضة: في الحياة تعلمت ان الذي يرث المال كابرا عن كابر في الأغلب الأعم تكون «عيونه مليانة» ونفسه عفيفة وقد يكون زاهدا في المال!
أما هؤلاء الذين يصلون للمال عن طريق الانتهازية والطرق غير المشروعة من التحويلات والميزانيات التكميلية و.و.و.
فهؤلاء (محدثو نعمة) وجشعهم مآله النار!
الثراء السريع المبني على «الحرام» الى زوال! ولا يحقق السعادة، بالعكس فإنه مورث التعاسة للأهل والولد من بعده!
٭ آخر الكلام: المال، كلنا (متفقون) على انه نعمة قد تتحول الى نقمة اذا أسيء التصرف فيه، فحب المال «طبيعة إنسانية» يسلب العقول، وصدق من قال:
بالعلم والمال يبني الناس ملكهم
لم يبن ملك على جهل وإقلال
الإسلام اعتبر «المال» زينة الحياة الدنيا، ونعم العون على تقوى الله من أدى حقه الى الناس من زكاة وصدقات!
يقول الله تبارك وتعالى: (المال والبنون زينة الحياة الدنيا).
وخزن المال من قناطير مقنطرة من الذهب والفضة والأسهم وغيرها كلها من الشهوات، والله وحده عنده حسن المآب.
٭ زبدة الحچي: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «ما من يوم يصبح العباد فيه إلا وملكان ينزلان، فيقول أحدهما: اللهم أعط منفقا خلفا، ويقول الآخر: اللهم أعط ممسكا تلفا».
المال وسيلة وليس غاية أيها القراء الكرام وهو (نعمة ونقمة) في آن واحد ويتوقف هنا على كيفية تفكيرك وتعاملك مع هذا (المال الزائل)!
البخل صفة ذميمة يمقتها الله ورسوله صلى الله عليه وسلم فقد قال: «خصلتان لا تجتمعان في مؤمن، البخل وسوء الخلق».
قارئي الكريم: قف فقط في القرآن الكريم على قصة قارون، قال تعالى: (إن قارون كان من قوم موسى فبغى عليهم، وآتيناه من الكنوز ما إن مفاتحه لتنوء بالعصبة أولي القوة إذ قال له قومه لا تفرح إن الله لا يحب الفرحين ـ القصص 67).
لقد أعطى الله سبحانه قارون كنوزا وأموالا لم يعطها لأحد من عباده ولكن هذه الأموال بدل ان يسجد لله شكرا جعلته (يغتّر) ويبغي!
انظر الى قول قارون: (قال إنما أوتيته على علم عندي ـ القصص 78).
بمعنى ان قارون نسب الفضل لنفسه ونسي فضل الله عليه، فكانت النتيجة، قال تعالى: (فخسفنا به وبداره الأرض فما كان له من فئة ينصرونه من دون الله وما كان من المنتصرين ـ القصص 81).
قارئي الكريم: المال أحيانا يكون نقمة على صاحبه إذا كان ضعيف الإيمان.
يبقى سؤال: وأنت في رمضان وقد انقضت العشر الأوائل (الرحمة) ونحن الآن في العشر الوسط (المغفرة) لنستعد لدخول العشر الأواخر (العتق من النار) بمزيد من البذل وتوزيع (المال ـ النوط) للمحتاجين وأوجه الصرف المختلفة.
بارك الله لي ولكم وجعل (الدينار) حقيرا في عيوننا وخارج جيوبنا واصرفه غير متردد في أوجه الخير (وما تقدموا لأنفسكم من خير تجدوه عند الله هو خيرا وأعظم أجرا ـ المزمل 20).
قل: أعوذ بالله من الشيطان الرجيم وتناول محفظتك، وقدم ما تستطيع، فهذا هو الباقي لك، والله هو الرزاق ذو القوة المتين، كانت أمنا عائشة رضي الله عنها وأرضاها (تعطر المال) قبل إنفاقه، يا الله.. اللهم ارزقني والقراء الكرام نفسا لا تخزن المال ولا تجمعه إلا بأوجه الحق المشروعة.. اللهم آمين.