[email protected]
ما تعاظم فرحك أو حزنك إلا وصغرت الدنيا في عينيك! هكذا هي الدنيا ليس هناك فرح دائم ولا حزن مقيم، إنما هي أحوال كالليل والنهار متعاقبين متلازمين، وكالصيف والشتاء والحر والبرد... هكذا أفهم الدنيا!
الخنساء وهي المرأة العربية التي فقدت أخاها صخراً، و4 من الأبناء في معركة القادسية، تقول:
ولولا كثرة الباكين حولي
على موتاهمو لقتلت نفسي
إذن الحقيقة الباقية في هذا الكون الفسيح (فرحة ودمعة) وما أنبل القلب الحزين الذي لا يمنعه حزنه من أن ينشد أغنية مع القلوب الفرحة.. هذا إن وجدت تلك القلوب المبتهجة اليوم!
يقول الشاعر:
أنا الألم الساجي لبعد مزامزي
أن الأمل الراجي ولم يخبْ نبراسي
أنا الأسد الباكي، أنا جبل الأسى
أنا الرمس يمشي داميا فوق ارماسي
الحر عندما يُهان يتألم ويحزن بمعنى أن الإنسان يعرف نفسه إنسانا (لحم وشحم وأعصاب وشعور ومشاعر) إذا تألم.. لهذا قالوا: قهر الرجال!
وإذا كان الألم يطهر ويهذب ويعلم فاعلم أنك في حضرة إنسان له كرامة على امتداد الزمن!
ومضة: في هذا الزمن كثر الكدر والهم والحزن وكثرت الابتلاءات والكوارث والمحن والألم!
يا مشتكي الهم دعه وانتظر فرجا
ودار وقتك من حين إلى حين
ولا تعاند إذا أصبحت في كدرٍ
فإنما أنت من ماء ومن طين
آخر الكلام: ما دامت هناك حياة فهناك أمل.
الله تعالى في محكم التنزيل يقول:
(.. لا تقنطوا من رحمة الله) الزمر (53).
وقال الشاعر:
في قلب كل شتاء ربيع يختلج
ووراء نقاب كل ليل فجر يبتسم
زبدة الحچي: اعلم وترقب ان كل يوم ولّى وذهب فإن غدا لناظره قريب.
قال الشاعر:
ولرب نازلة يضيق بها الفتى
ذرعا وعند الله منها المخرج
ضاقت فلما استحكمت حلقاتها
فرجت وكنت أظنها لا تفرج
ويبقى قوله تعالى: (.. والباقيات الصالحات خير عند ربك ثوابا وخيرٌ أملا) الكهف (46).
في كل يوم فجر وليد يطوي الهم والحزن على العبد الصبور، فلا تيأس عزيزي القارئ من حادثات الدهور، فخلف الظلام فجر جديد، وإن مع اليوم غدا.