[email protected]
ونحن نقرأ في القرآن (ناصية كاذبة خاطئة)؟
فكرنا ماذا تعني هذه الكلمات من دلالات؟
وأنت تقرأ سورة العَلَق في قوله تعالى: (كلا لئن لم ينته لنسفعا بالناصية، ناصية كاذبة خاطئة.. العلق 15-16).
تعالوا معي في جولة قلم فكرية بسيطة نتدبر كل المعاني الموجودة في هذا النص القرآني وما وراءه من أسرار.
أنا متأكد انه بعد هذا المقال ان القارئ سيقف على معلومات لا حصر لها فيما يخص الناصية!
نحن نعلم وتعلمنا ان «الناصية» مقدم الرأس وتحديد شعر مقدم الرأس اذا طال ولكن هذا تفسير محدد، لكن الناصية تعني الكثير من المعاني، عدّوا معي:
٭ نسمع: أذل فلان ناصية فلان.. أي أهانه وحط من قدره.
ونقول: وفلان ناصية قومه.. أي كبيرهم وشريفهم.
نسمع ونستخدم الناصية: والمقصود رأس الشارع وملتقاه بآخر!
وخذ مثلا: عندما أقول ما شاء الله أعطى الله عز وجل الدكتور أحمد الربعي ـ طيب الله ثراه ومثواه ـ ناصية البلاغة!
أي أعطاه البلاغة قيادها وملكه عنانها فكان مفوهاً!
يقال: امتلك ناصية الأمر: اخذ السلطة.. أي السطوة والحكم. ولهذا الناصية لها معان ودلالات بالفعل لا حصر لها، لهذا قالوا: ناصية العلم، ناصية الحكمة، ناصية الفقه أو عقَّد ناصيته: غضب وتهيأ للشر.
ومضة: اليوم العلم فسر المقصود وهو ان الناصية ليست (ناصية كاذبة) وإنما المراد هنا معنى مجازي وليس حقيقيا، فالناصية هي مقدمة الرأس، ولذلك اطلق عليها صفة الكذب (في حين أن المقصود صاحبها)!
اليوم العلم أثبت ان جزءا من المخ يقع تحت الجبهة مباشرة (الناصية) هو المسؤول عن الكذب والخطأ وانه مصدر اتخاذ القرارات!
فلو قطع هذا الجزء من المخ الذي يقع تحت العظمة مباشرة فإن صاحبه لا تكون له إرادة مستقلة ولا يستطيع ان يختار!
يا سبحان الله والله أكبر، هذا هو مكان الاختيار (الناصية)، قال تعالى: (لنسفعا بالناصية)، أي نأخذه ونحرقه بجريرته، وبعد ان تقدم العلم في هذه الألفية توصلوا الى ان الحيوانات تملك ناصية ضعيفة لا تقدر على قيادتها وتوجيهها، وإلى هذا يشير المولى سبحانه وتعالى: (ما من دابة إلا هو أخذ بناصيتها).
وجاء في الحديث الشريف: «اللهم اني عبدك ابن عبدك، ابن امتك، ناصيتي بيدك».
ولحكمة إلهية شرع الله ان تسجد الناصية وان تطأطئ له فتخرج الشحنات السالبة من الرأس الى الأرض ويصل الدم الى اجزاء الدماغ كلها فيغذيها بالشحنات الموجبة التي يحتاج اليها ولأن في الدماغ شعيرات دموية لا يصل اليها الدم إلا بالسجود، وهذه هي حكمة الله البالغة، قال تعالى: (وما أوتيتم من العلم إلا قليلا).
آخر الكلام: توقفت طويلا أمام هذا التفسير الذي له علاقة بما نقوم به أثناء الصلاة، اي نسجد بناصيتنا ثم نقوم لنتحرك في الحياة لنختار الرأي السليم المتوازن من خلال ايضا الناصية التي تسجد لله خوفا وورعا.
زبدة الحچي: إذن الناصية فص جبهي دماغي في مقدمة الرأس تكشفه لنا سورة العَلَق في آيتين بليغتين، في قوله تعالى: {لئن لم ينته لنسفعا بالناصية} وآية أخرى: {ناصية كاذبة خاطئة}.
ارجع الى سورة هود (56) وتوقف عند قوله تعالى: {اني توكلت على الله ربي وربكم ما من دابة إلا هو أخذ بناصيتها ان ربي على صراط مستقيم}. يا بني آدم ان القدرة على التحكم في الأقوال تجعلها كاذبة أو صادقة، والقدرة على التحكم في الأفعال تجعلها خطأ أو صوابا، وصف لازم من أوصاف الناصية في مقدمة الرأس.
أيها القارئ الكريم: كل يوم العلماء في هذا الزمان يثبتون لنا انه لا تعارض ما بين ما نقرؤه في القرآن الكريم والاكتشافات العلمية، وهذا كله يثبت ايضا ان محمدا صلى الله عليه وسلم لا ينطق إلا بنور الله ووحيه، قال تعالى: {وما ينطق عن الهوى إن هو إلا وحي يوحى علمه شديد القوى.. النجم 3ـ5}.
اللهم علمنا ما جهلنا.. آمين.