أنا وجيلي المخضرم تأثرنا بالافلام العربية الابيض والاسود التي صورت الحماة وكأنها عود ثقاب يشعل دائما الخلاف بين الزوجين، أو كأنها أفعى تنفث سمومها في كل علاقة بين زوجين متحابين متفاهمين، وهنا أذكر الفنانة «ماري منيب» التي استطاعت بجدارة فائقة أن تتقن صورة أم الزوجة أو الزوج التي لا تهدأ ولا تكل ولا تمل ولا يغمض لها جفن الا بعد اختلاق مشكلة أو دس الوقيعة بين الزوجين حتى أصبحت مثالا حيا للحماة الشريرة سليطة اللسان، وأعتقد أن كثيرا من القراء سيضحكون ملء اشداقهم وهم يقرأون هذا الكلام لأنه حقيقي، فهذه الافلام ربت جيلا كاملا وأعطته صورة سيئة للحماة سواء. من جهة الزوجة أو الزوج، لأن هذه الافلام كانت مسيطرة على مجتمعاتنا وهي وسيلة الترفيه والتثقيف، فأظهرت هذه الحماة وكأنها الشريرة الوحيدة في العالم لدرجة ان كل فتاة اذا أقدمت على الزواج كان أهم شيء يشغلها هو حماتها، لأن الحماة صورت من الاعلام وكأنها عدوها اللدود الذي يجب أن تنتصر عليه كي تضمن لنفسها بعد ذلك السعادة والاستقرار في حياتها، لذلك فكل زوجة تبدأ حياتها الزوجية تنتظر فرصة مناسبة لكي تبدأ معركتها مع حماتها.
وأيضا هذه الافلام صورت زوجة الابن خاطفة، خطفت الابن من أحضان أمه لتستأثر به وحدها، وقد عملت هذه الافلام رأيا عاما كبيرا في الوطن العربي حول الزوجة الجديدة وكأنها بالضبط كارهة لحماتها حتى من غير أن تعرفها وتعاشرها وتحكم بعد ذلك، مما غرس، للاسف، في ذهن جيل عربي عريض من المحيط الى الخليج ان كل حماة سيئة، وان كل زوجة غاصبة للابن.
وشكلت هذه الافلام صورة سلبية للحموات وزوجات الابناء، وأذكر أني رأيت فيلما اسمه «حماتي قنبلة ذرية».
استراحتنا عن هذا الموضوع الحيوي وعلى بركة الله نبدأ.
قضية الحموات
لا تعتقد عزيزي القارئ أن قضية الحموات شأن محلي أو عربي أو اسلامي فقط.
القضية عالمية ولها طابع أممي بين شعوب الارض باعتبارها أمرا مشتركا انسانيا، فكل الدراسات التي تقرأها في الكتب أو البحوث أو شبكة الانترنت تؤكد أنه لا دخان دون نار محتملة، فإن ذكرت الحماة فهذا إما يعني لك أمرا طيبا محببا أو خصما منكدا، لأن القضية مرتبطة أساسا بما تتركه المشكلات الزوجية من آثار جلها يقع تحت طائلة الاتهام بالوقوع تحت تأثير أم الزوج على ابنها أو أن تمرد الزوجة نابع من وسوسة وتحريض أمها في أذنها.
ولكثرة توجيه الاعلام اللوم لأم الزوجة صارت للاسف اقل الاقارب مكانة في القلب، ولكنني شخصيا لا أسلم بهذا الامر على اطلاقه، فأنا وكثير ممن أعرفهم يكنون احتراما وحبا كبيرا وعظيما لحمواتهم ويعتبرون الحماة في درجة الأم، وهناك من زادت في مكانتها لأنها شغلت مكان الأم لغياب الأم الاصلية لأي سبب من الاسباب.
تشير جريدة البيان الاماراتية في عددها الصادر 17/11/2002 الى خبر بعنوان: الحموات وراء ارتفاع معدلات وفيات الاطفال ومضمونه: التواجد المتواصل للحموات في بيوت بناتهن أو أولادهن قد يتسبب في مضاعفة وفيات الاطفال وهو كلام نتيجة بحث علمي قام به علماء ألمان، وأنا شخصيا اعتقد ان هناك عوامل اخرى قد يكون لها علاقة وليست الحموات.
وفي الهند، قامت احدى المدارس الثانوية بتعليم الفتيات اللائي في مقتبل العمر، كيف يصبحن زوجات أبناء مثاليات في محاولة للحد من نسبة حالات الطلاق المتصاعدة في الهند وسجلت مانجوساتسكر نجاح 4 آلاف فتاة في انهاء الدورة بنجاح والتي تستغرق ثلاثة أشهر، وهدفت الدورة التي تبنتها احدى الثانويات لتدريب الفتيات على القيم الاسرية وغرس روح التعاون في نفوس زوجات المستقبل واعطاء صورة مثالية للحماة ودور زوجة الابن.
وفي كندا أجرت مجلة اجتماعية دراسة احصائية تبين من خلالها ان الغالبية العظمى من الرجال والنساء يكنون الود والحب والاحترام لحمواتهم، وفي تلك الدراسة طلبت من 600 شخص تتراوح أعمارهم بين 18 - 60 أن يقيموا علاقاتهم بحمواتهم فاستخدم 90% منهم كلمة حب لوصف العلاقة وذكر 9% بأنهم يحبون حمواتهم اكثر من حبهم لامهاتهم، ومجموعة السطور التي كتبتها لقراءات مختلفة توضح اهتمام الانسانية بشكل عام بدراسة جذور هذه المشكلة المثيرة للفضول والمحاولة الجادة للحد من تفاقمها وتوضح حقيقية مشاعر الناس تجاه حمواتهم، ومن العجيب ان القرب رغم ما فيه من تفكك اسري وضياع في صلات الرحم يكن للحماة هذه المنزلة العالية من التقدير، بينما نحن المسلمين نعاني مشكلة تسليط الضوء على العلاقة السلبية مع الحموات رغم مكانتهن في الميدان الواقعي والمعاش ما يدل على ان اعلامنا للاسف يعمل على النيل من البناء الاسري ويحاول هدمه بشتى الطرق المتاحة.
وانا اتمنى حقيقة ان يتبنى الاعلام الرسمي في تمثيلياته واصداراته تعزيز مكانة الحماة، لانها بأي صورة هي ام وبحاجة الى تعزيز وبيان دورها الحقيقي في الترابط الاسري لاجعلها صورة قاتمة تصدر المشاكل وتصنعها وأنها وراء كل طلاق او اشكال اسري.
الحماة معنى
والحماة كلمة مفردة جمعها أحماء وحموات وهن: اقارب الزوج وهي كذلك ام الزوج او ام الزوجة.
ولغتنا العربية توضح ان الحماة حماية ومحمية اي «منعة ودفع» وقال الاصمعي: انه لحامي الحميا: اي يحمي حوزته وما وليه.
والناظر يجد ان هذه المعاني جميعا توضح ان الحماة من الحماية والمنع والدفع والمعنى يوحي بأن الحما هو الذي يحتمي به الزوج او تحتمي به الزوجة فهو مصدر الامان، ومصدر الاستقرار، لا مصدر الخوف والقلق، والمشاكل، والتعب والنصب، كما هو معروف الآن في كثير من المشاكل التي نسمع عنها ونراها.
في الكويت يكن رجال الكويت لحمواتهم وتسمى «العمة» كل احترام وتقدير اللهم إلا من لهم علاقات سيئة فليس الجميع على وئام، غير ان «العمة» تحظى بالمحبة والتقدير وهناك من لا يميز بين امه وعمته حبا واحتراما ويظهر هذا من خلال تعامله ويصل الامر احيانا لان يقيم الزوج في بيت «عمه وعمته» يفيد ويستفيد مثلا في قضية «بدل الايجار» بدل ما يدفعه للاجانب يدفعه للعم اذا كان يملك عقارا او بيتا واسعا، كما ان الحماة وأقصد العمة، في بعض الاحيان، تكون حنونة فيرتبط بها الاحفاد بدرجة كبيرة خاصة اذا كانت ام الابن قاسية او غير مهتمة او متوفية ما يعطي الحماة الفرصة لتمارس دورها الحنون فتكون للاحفاد حتى اقرب من امهاتهم في بعض الاحيان، وتكون سعيدا اذا رزقك الله بحماة لا تفرّق ومتوازنة لا تتأثر بالقيل والقال وتخاف الله، واذا ارتكب اي كان خطأ وضحت رأيها بصراحة ولا تخاف في الله لومة لائم، لهذا كله اصبحت الحموات هدفا كبيرا في محاولة الاستئثار بها من هنا او من هناك.
كما ينبغي ان اشير الى ان الحموات ايضا كثيرا ما يعمل لهن السحر ممن لا يخافون الله بغية التفرد بهن وينجحون في ذلك للاسف.
أنا وحماتي
وفقني الله بحماة (عمه) طيبة ربت اولادي وبناتي واكن لها حبا وتقديرا يقف في مصاف الوالدة، لانها عاملتني كابن لها واكثر وكنت في بداية حياتي عندما كنت اقوم بعمل استطلاعاتي الصحافية لجريدة «الأنباء» في الثمانينيات والتسعينيات افرح وأسر اذا اصرت على البقاء بقرب زوجتي واولادي لمعرفتي بمدى حرصها وحبها لهم وخبرتها في الحياة.
بل انني أخترها حماة قبل اختياري الزوجة ولعل نصيحتي اليوم لهذا الجيل أن ينظر لوالدة الفتاة فهي في النهاية صنيعة امها او شبيهة امها او كما يقول المثل المصري: «اكفي القدرة على فمها تطلع البنت لامها».
وفي الكويت الحماة (العمة) لها وضع الام حبا وتقديرا كما ان الازواج يحترمون اليوم الاسري المخصص لاهل الزوجة فلا يتغيبون الا لعذر قاهر، وكثيرا ما يلتقي اهل الزوج والزوجة في مناسبات الاعياد والعطلات في الشاليهات والبر والسفر وفي المناسبات الحزينة كالوفاة أو المرض أو وقوع المصيبة أو البلاء، ويحدث أحيانا أن يتعارض يوم التزاور، فبعضهم يغير اليوم الى يوم آخر مثلا الجمعة لأهل الزوج والسبت لأهل الزوجة أو العكس.
وهناك من لا يعطي هذا الامر عناية وخصوصية لأي سبب من الاسباب، فيتأثر الابناء والاحفاد ويكبرون وقد لازمهم الجفاء وقساوة القلب.
ولهذا كله فإن تراثنا الشعبي فيه امثال كثيرة تلفت النظر الى اهمية معرفة الاصل الطيب، فالرجل يمكن ان يعرف المرأة قبل ان يتزوجها، وذلك بالنظر في اخلاق أمها وقريباتها، ويمكن للمرأة كذلك ان تعرف الرجل بالنظر الى أقاربه من الاخوال والاعمام.
وتذكر عزيزي القارئ: «بوس ايد حماتك ترضى عنك مراتك».
وهذه فرصة أوجه فيها الشكر والتقدير لحماتي (عمتي) على ما تفضلت به عليَّ وأسرتي من محبة ودفء عائلي لازمني طيلة حياتي الماضية، مما يجعلني أرفع يدي بالدعاء لها بطول العمر والصحة، وأن ترى أولادي وأحفادها دائما بجانبها.
نصيحة حماة
في كتاب المستطرف في كل فن مستظرف يقول المؤلف:
ولما خطب الحارث بن عمرو ملك كندة ابنة عوف بن محلم الشيباني أم إياس واجابه الى ذلك أقبلت عليها امها ليلة دخوله بها توصيها فكان مما أوصتها به ان قالت:
أي بنية: انك مفارقة بيتك الذي منه خرجت وعشك الذي فيه درجت الى رجل لم تعرفيه وقرين لم تألفيه، فكوني له أمة يكن لك عبدا، واحفظي له خصالا عشرا يكن لك ذخرا، فأما الأولى والثانية: فالرضا بالقناعة وحسن السمع والطاعة، وأما الثالثة والرابعة: فالتفقد لموقع عينيه وأنفه فلا تقع عينه منك على قبيح ولا يشم أنفه منك الا أطيب ريح.
وأما الخامسة والسادسة: فالتفقد لوقت طعامه ومنامه، فإن شدة الجوع ملهبة وتنغيص النوم مغضبة.
وأما السابعة والثامنة: فالاحراز لما له والارعاء على حشمه وعياله.
وأما التاسعة والعاشرة: فلا تعصي له أمرا ولا تفشي له سرا، فإنك ان خالفت امره أوعرت صدره وان أفشيت سره لم تأمني غدره.
واياك والفرح بين يديه اذا كان مهتما والكآبة لديه ان كان فرحا، فقبلت وصية أمها فأنجبت وولدت الحارث بن عمرو جد امرئ القيس الملك الشاعر.
الحموات يصرخن
المتابع للمجتمعات العربية يجد أن الحموات وضعن في دائرة الضوء السلبي، حيث وضعن في خانة وحيدة لا أخرى معها، وهي خانة ارتباط الحماة بالمشكلات الاسرية وحدوث خلاف مستمر بين الازواج وحمواتهم، وأنا أرجعها الى ما يلي:
نتيجة تدليل بعض الامهات لأولادهن ينشأ الابن اتكاليا لا يعرف المسؤولية، وعندما يكبر ويواجه الحياة تراه «امعة» تبعا لمراد أمه، ويتحول الى دمية ينتظر أي ايماءة لينطلق سلبا أو إيجابا، فلا يكون بصدق رجلا يعتمد عليه وقادرا على اتخاذ قراره.
يحدث أحيانا أن يتوفى الزوج في فترة مبكرة وله أولاد، مما يجعل زوجته الشابة ترفض أي زوج جديد يتقدم لخطبتها لأنها نذرت نفسها لتربية أولادها، فتقوم بدور الأب والأم معا، وتتعود على سلطة الامر ويكبر هذا الشيء معها، فإذا كبر الأولاد وأرادوا الانفصال عنها تشعر بأنهم ضاعوا منها فتتدخل في حياتهم لتضمن طاعتهم لها.
قد تغار الحماة من زوجة الابن أو العكس، فالحماة ترى أنها الأم وهي صاحبة الحق الاول في الابن، والزوجة ترى عكس ذلك انها شريكة حياته ولا ينبغي لأحد أن يشاركها فيه حتى أمه.
- ـ اختلاف مفهوم الحب عند الزوجة والأم من حيث حب السيطرة.
- ـ تناحر الطرفين
- ـ التحفز ومحاولة تقديم الحب والولاء نراها دائما بين الأم والزوجة منذ بداية الحياة الزوجية.
- ـ مشكلة السكن من أكبر أسباب الخلاف، حيث ان بعض الامهات يصررن على أن تسكن عند الولد أو العكس الولد يسكن عند والديه، والأم تحب أن تدير البيت، والزوجة تحب أن يكون لها رأي مسموع، وكلتاهما تسعى للوصاية.
- ـ رواسب العادات والتقاليد والاعراف لها دورها في اثارة الخلاف بين الحماة وأطراف العلاقة.
- ـ غياب الفهم الواعي المدرك للحقيقة، فالحماة مقتنعة بأحقيتها بالولد لأنها ربت وسهرت وتعبت، وهي ولية نعمته، والزوجة تحاول أن تفرض هيبتها، مما يعني اضطراب العلاقة والتوتر مما ينتج عنه خلافات حادة وحتى حدوث الطلاق.
والنتيجة لهذا كله ان الأم لها أسبابها النفسية والاجتماعية، فهي الأم وعندها قناعة بان ولدها ملكها، والزوجة تعتقد أنها الامثل له في مرحلة ما بعد الزواج.
وخلاصة الامر من وجهة نظري ان الاعلام رسم صورة ذهنية قاتلة للحماة بهدف «الكوميديا» والصورة التي رسمها الاعلام عن طريق التمثيليات والمسرحيات والصحف والمجلات تترك اثرا لا يمحى في نفوس المشاهدين والقراء وينعكس على سلوكهم الاجتماعي، فما من زوجة في الوطن العربي تقدم على الزواج الا وهي في قمة الخوف من حماتها وهنا تظهر مشكلة اخرى حيث تتربص ام الولد بحماة ابنها وكأنها تدفع عن ابنتها شرا طائلا، ومرد هذا في اعتقادي قد يكون احيانا انطباعا نفسيا بسبب ان الحماة مرت في حياتها بظروف صعبة مع حماتها فتخاف على ابنتها فترسم صورة خرافية في ذهن ابنتها مما يجعل الفتاة متأهبة لخوض معركة حامية الوطيس بينها وبين حماتها.
وايضا لا اخفي انعدام المرونة والصفات الشخصية لكل من الحماة والفتاة من حب تملك الرجل وتضخم الانانية التي تدخل الجميع في المشاكل، وتلعب الفروق الثقافية بين جيل الحماة والجيل الجديد، وتمثله الزوجة، سببا جوهريا للخلاف وهذا ما يسمى اليوم بصراع الاجيال، كما ان الارث الاجتماعي واقصد به الافكار الخاطئة التي ترسخت في الاذهان من حب كل الاطراف للسيطرة،يسبب عادة الخلافات مما يعني حياة غير مستقرة او طلاقا بائنا لا رجعة فيه.
الخلاف بين الأزواج والحموات
من مظاهر هذه المشكلة بين الازواج والحموات ما نراه ونلمسه ونعايشه من الغلظة في الاقوال من زجر والفاظ ما بين الزوجة وام الزوج (الحماة)، فالام تنظر للزوجة شزرا لانها باعدت بينها وبين ولدها فإذا ارادت الزوجة ان توضح وجهة نظرها قامت الدنيا ولم تقعد من وجهة نظر الام التي تفقد السيطرة نتيجة غضبها فينفلت اللسان وربما تطول اليد في منظر درامي، فإذا ما اقبل الناس على اثر هذه المعركة حامية الوطيس ظهرت صور من الافلام والالاعيب والتمثيليات كل قدر تدينها ومعرفتها بالحلال والحرام مما يترتب عليه آثار وآلام نفسية مثل كبت الارادة عن الزوجة واصابتها بداء التردد وفقدانها القدرة على تصور الحياة كما ان كثيرا من البنات احجمن فعلا عن قبول الزواج وتأخرن انتظارا لعريس دون حماة خوفا من المشاكل ووقوع الطلاق وما له من اثر في تشرد الاطفال وهدم البيوت وضياع المال عند المحامين والتردد على المحاكم وتعب اعصاب الزوج والزوجة او اصابة الاطفال واخيرا اللجوء الى دور المسنين، فالام التي لا تحب المشاكل تنسحب من البيت، فلا تجد لها مأوى الا دار المسنين ولا حول ولا قوة الا بالله ومن يفعلها من الابناء فهو خسيس مذموم عاق لوالديه.
حلول مشكلة الحماة
ان كل فرد في الاسرة له دور في استقرارها لذلك كان العلاج مطلوبا من الجميع واولهم الزوج والزوجة وام الزوج «الحماة»، ولا يبتعد العلاج عن ام الزوجة فهي البعيدة القريبة من ابنتها ولها تأثير قوي على ابنتها وكذلك ابو الزوجة فعلى هذه المجموعة تقع حلول هذه المشكلة، فالزوج قد يحتار في التوفيق بين والديه وزوجته خاصة اذا كانت الزوجة قليلة الخوف من الله محبة للاستئثار بزوجها وقد يكون الوالدان ذوي طبيعة حادة فلا يرضيهما شيء فتقع المشاكل فالزوجة تتمسك برأيها ويتصلب الوالدان فيوغران صدر الزوج ولا يكون هناك حكيم فيقع أبغض الحلال لان الزوج راعى والديه ولم ينصف الزوجة او يحدث العكس دون تودد او تفاهم مع طرفي المعادلة، والنصيحة هنا ان يقوم الزوج بالتفاهم مع امه بعيدا عن زوجته وان يكلمها برفق ويوضح الحقوق والواجبات ويقول لامه: هل ترضين لولدك نار جهنم بسبب التقصير في حق الزوجة من حسن العشرة والاكرام لقول النبي صلى الله عليه وسلم: «.. ولزوجك عليك حقا..».
والنصيحة الواجبة ان يتثبت كل طرف ويدقق في الكلام قبل اطلاق الاحكام والتذكير دائما بقول الله تعالى: (واعبدوا الله ولا تشركوا به شيئا وبالوالدين احسانا) النساء 23.
(وقضى ربك الا تعبدوا الا اياه وبالوالدين احسانا) الاسراء، فالقرآن يوصي بالوالدين، والسنة المحمدية اوصت بالنساء خيرا و«خيركم خيركم لاهله».
وللزوجة دور اساسي في حل المشكلة القائمة بينها وبين حماتها وهي عامل اساسي في هذا الخلاف وان برها بحماتها هو اقرب الطرق لقلب الزوج وسيقدر هذا الصنيع، فلا تذكري عيوب امه اطفاء لنيران الفتنة، كما ان الابناء يراقبون فهي جدتهم وعلى الزوجة هنا ان تظهر احترام الوالدين خاصة الحماة لانها تدقق في كل الامور والاقوال والافعال.
ان الزوجة الصالحة خير معين للزوج في رحلة الحياة من حيث بر والديه وتسوية الازمات وجمع الشمل ورأب الصدع لان الوالدين عندما يشهدان الحب الصادق والحنان الفياض من زوجة ابنهما سيحفظان لها الجميل في قادمات الايام.
وعلى الزوجة الحكيمة ان تشاور ام زوجها للتأكيد على دورها الفعال صادقة مع ربها وليس كما نرى ان كثيرا من «الجناين» في الكويت يقومون بهذا «عيارة» ونفاقا بل ان بعضا من هذه الزوجات تزيد في نفاقها فهي لم تحرص على امها او والدها في حياتهما وتمثل دور الزوجة البارة بحماتها، كيف تريد زوجة معروفة بإهمال والديها ان تمارس هذا الدور مع الحماة؟
ان الحب الحقيقي يصل الى القلب واما النفاق فمكشوف امره وكما يقال: مكسور ما تاكلي وصحيح ما تكسري وكلي يا مراة أبني لما تشبعي!
وصية زينب الغزالي إلى الحماة
من جميل ما قرأت وصايا للاستاذة زينب الغزالي بعنوان «معالم اساسية في مسايسة ام الزوج وزوجة الابن» وهي وصايا جميلة ذات حكمة وتجربة في الحياة غير ان وصية زينب الغزالي الى الحماة لفتت نظري بشموليتها حيث تقول:
وانت ايتها الحماة الحبيبة، ارجو ان تنتبهي لأسباب سلامة ولدك، فكم كانت السعادة في قلبك وانت تزفينه يوم عرسه، كم كنت موفقة وأنت تؤكدين ان زوجة ابنك ستكون ابنتك، فماذا سيدتي بعد الزواج؟
انها هي التي ضممتها الى صدرك والسعادة تجري في دمائك وتملأ وجهك ثم تابعت الحب الذي كان بين الزوجين بعد زواجهما، فماذا أغضبك من سعادة ولدك وزوجه؟
انني يا سيدتي أعتب عليك الا تنزليها منزلة ابنتك، فأنت تفرحين لابتسام ابنتك وحنو زوجها عليها، اليس من الواجب ان تغمري ولدك وزوجته بهذا الذي تغمرين به ابنتك وزوجها.
حبيبتي: ان العدل شريعة الله، فراجعي نفسك في علاقتك بزوجة ابنك واقرئي معاني الرحمة والمودة في كتاب الله، وان ذوي الارحام أولاهم بالمودة والرحمة والمحبة، فالزوج هو فلذة كبدك وابناؤه هم أحفادك فاملئي قلبك بالحب للزوجة والأحفاد حتى ينشأ البيت على أساس من النور الرباني فالبيوت التعسة لا يصل اليها نور مرضاة الوالدين...إلخ.
رسالة جميلة يجب ان يهديها كل زوج لحماته ليلة دخلته كي تكون الدستور الحاكم بينهما.
عناوين مشكلات الحماة
من واقع المعايشة ومتابعة الإعلام الداخلي والخارجي يتضح ان مشكلة الحماة هي هي لا تتغير إلا حسب ظروف الزمان والمكان وقد حاولت حصر ابرز المشكلات فوجدتها كما يلي:
- ـ أم زوجي لا ترضى لي ما تتمناه لابنتها.
- ـ بين زوجي ووالدته.
- ـ حماتي أم ضرتي؟!
- ـ هل أخرج زوجتي من بيت أهلي؟
- ـ زوجي غاضب على أهلي.
- ـ حماتي تريد أن تتملك ابنتي.
- ـ التأقلم مع أهل الزوج.
- ـ زوجتي تناصب أهلي العداء.
- ـ والداي يقذفان زوجتي.
- ـ زوجتي وزيارة امها بشكل يومي.
- ـ أنا مترددة في الاعتناء بحماتي.
- ـ الزوجة وحماتها في العائلة.
- ـ أهلي يريدون طلاقي بسبب حماتي.
- ـ موقفي من صراع أمي وزوجتي.
- ـ أمي وأختي خصم زوجتي.
هذا غيض من فيض وللمشكلة عناوين أكبر وأكثر لكنني حاولت عرض نماذج.
كيف تكسبين حماتك؟
أيتها الزوجة، كيف تكسبين حماتك؟
سؤال ليس بالصعب الإجابة عنه غير انه يحتاج منك الى نية صادقة وعزيمة وعون من الله سبحانه يرد كيد الشيطان ووساوسه وهوى النفس وإليك بعض الأمور التي تساعدك ان تكسبي حماتك وتتلخص فيما يلي:
ـ الكلمة الطيبة والوجه الضاحك البشوش والمعاملة الحسنة.
ـ لا تضعي زوجك في موقف الاختيار بينك وبين أمه فأنت الخاسرة فهو يستطيع ان يجد ألف زوجة ولكن الأم واحدة.
ـ عاملي الحماة بمنزلة الأم ودائما تذكري ان تسميها «أمي» وليس باسمها كما يفعل الغرب.
ـ احرصي على الهدية فأي مناسبة اختاري هدية على ذوقها وليس ذوقك كي تكسبيها فتنالي حبها وودها، قال صلى الله عليه وسلم: «تهادوا تحابوا» وان الهدية تصنع المعجزات وما أجمل ان تقدميها مع عبارة مداعبة وتذكري قول الشاعر:
- وانشدت بلسان الحال قائلة
- إن الهدايا على مقدار مهديها
- لو كان يهدى إلى الإنسان قيمته
- لكان قيمتك الدنيا وما فيها
تذكر عزيزي القارئ الكريم ان العبرة في طريقة تقديم الهدية وليس في الهدية نفسها.
الشفرة السحرية للحماة
ان الرجوع للحماة والتشاور معها يقرب الزوجة من حماتها لأن التقدير والتشاور له أثر عظيم في نفس الحماة، فهي حين تسألها في المشاكل ومتاعبها وتسألها الحلول والنصح والإرشاد والتوجيه فهي هنا تؤكد ثقتها في حماتها وتشعرها بأنها في مكانة الأم وليس أحب الى قلب الحماة من ان تشعر بأن زوجة ابنها في حاجة اليها والى الاستفادة من تجاربها في الحياة وخبراتها كما تتبعها بالزيارة المتواصلة وليس المتقطعة لأنها الوسيلة المثلى للابقاء على الرابط بين الام وابنائها فمثل هذه الزيارات تشعرها دائما بقربها منهم وإسلامنا رحب ورغب في زيارة الاخوان والاصدقاء، فما بالنا بزيارة الاهل والأرحام؟! فهذا كله يؤدي في النهاية الى استقرار الحياة مع الزوج وانسجام الحماة، ما ينعكس خيرا على الاسرة، لأن الأم مطمئنة على ابنها في حضن مهتمة تخاف الله وتؤدي الواجبات لأن ثقة الحماة هنا مهمة، وبقدر ما تتقرب الزوجة وتصنع النجاح يتحقق الاستقرار والهدوء، كما انني انصح كل زوجة بالتشاور مع حماتها في اختيار اسماء الابناء لأنه عدم اهتمام بأولويات الحماة، فبعض الازواج يختارون اسم الطفل دون تشاور او دون الرجوع للحماة، مما يوتر الاجواء ويخلق المشاكل ولا أرى ضيرا في اخذ رأي الحماة ومباركتها، وأنصح: ان يختار الزوجان اسما بعيدا عن الاسرة الا اذا كان هذا الأمر سيرضي جميع الاطراف، والزوجة الفطنة تعرف كيف تحصل على اسماء اطفالها بمباركة حماتها.
حماة في دار المسنين
أبيات شعرية أوردها د.محمد ابراهيم الشربيني صقر في كتابه أنا وحماتي قصص وعبر وعظات في حياة الازواج مع الحموات، وهي قصة امرأة عجوز طردتها زوجة ابنها من البيت، فلحقت بدار المسنين، وهذا لسان حالها:
- وين انت يا حمدان امك تناديك
- وراك ما تسمع شكاي وندايه
- يا مسندي قلبي على الدوم يطريك
- ما غبت عن عيني وطيفك سمايه
- هذي ثلاث سنين والعين تبكيك
- ما شفت زولك زاير يا ضنايه
- تذكر حياتي يوم اشيلك وداريك
- والعبك دايم تمشي ورايه
- ترقد على صوتي وحضني يدفيك
- ما غيرك احد ساكن في حشايه
- وان مرضت اسهر بقربك وأداريك
- ما ذوق طعم النوم صبح ومسايه
- لكن خسارة بعتني اليوم شفيك
- واخلصت للزوجة وانا لي شقايه
- انا ادري انها قاسيه ما تخليك
- قالت عجوزك ما أبغيها معايه
- خليتني وسط «المصحة» وأنا أرجيك
- هذا جزاء المعروف هذا جزايه!
- يا ليتني خدامة بين اياديك
- من شان اشوفك كل يوم برضايه
- مشكور يا وليدي وتشكر مساعيك
- وادعي لك الله دايما بالهدايه
- حمدان يا حمدان امك توصيك
- اخاف ما تلحق تشوف الوصايه
- أوصيت دكتور «المصحة» بيعطيك
- رسالتي وحروفها بكايه
- وإن مت لا تبخل علي بدعاويك
- واطلب لي الغفران هذا رجايه
- وامطر تراب القبر بدموع عينيك
- ما عاد ينفعك الندم بالنهايه
أتحدى كل من يقرأ هذه القصيدة ولا تسقط له دمعة، فهي رائعة المعاني جزلة تلامس كل القلوب الرحيمة وعلى الزوجات تدبر معانيها.
حب راكان لقومه
- من لابه في الضيق تروى قناها
- لباسه الماهود وسمول الادراع
- رماية للشيخ في متخاها
- على ظهور مجاذبه كل مصراع
آخر الكلام
فقد الشاعر الكبير محمود سامي البارودي زوجته في غربته، فسكب دموعه شعرا ملتاعا حزينا ورثى زوجته بأعظم ما قال زوج في حليلته قائلا:
- لا تحسبيني ملت عنك مع الهوى
- هيهات ما ترك الوفاء بعادي
- قد كدت أقضي حسرة لو لم أكن
- متوقعا لقياك يوم معادي
- فعليك من قلبي تحية كلما
- ناحت مطوقة على الأعواد
[email protected]