يوسف الراشد
تطالعنا الصحف يوميا بأخبار «الكهرباء والماء» وكلما انتقلنا بين صحيفة واخرى قرأنا اخبارا شبه متكررة كلها تحذر من القطع المبرمج الذي اصبح على وشك ومن تصريح المسؤول الى بيانات واحصائيات يعرضها مسؤول آخر كلها تؤكد اننا امام ازمة حقيقية، ازمة ربما لم نسمع بمثيلتها في اي من بلدان العالم، واعتقد انه لن يأتي يوم نسمع صوتها في اي بلد على وجه الكرة الارضية، ذلك لان ازمتنا من نوع فريد، نوع كلنا شاركنا فيه وصنعناه، لقد اتقنا صنع هذه الازمة بأيدينا بل وتكاتفنا وتعاونا على زيادتها وتفاقمها.
فنحن الاكثر استهلاكا للماء على مستوى العالم، والامر نفسه ينسحب على الكهرباء، وعلى الرغم من حملات الترشيد والبيانات التوعوية المتلاحقة من وزارة الكهرباء ووسائل الاعلام المختلفة، فان الامر لم يتغير، والامل لم يبرز من بين الظلام.
كثيرون يحملون الحكومة ووزارة الكهرباء والماء مسؤولية ما نحن فيه، ويذهبون الى بطء الخطط العلاجية وتجاهل الصيانة الدورية اللازمة لمحطات التوليد لفترات طويلة، ولكنهم تناسوا ان اي حكومة في العالم اذا ما صادفت نفس ازمتنا بنفس تعاطي الشعب معها ستقف هي الاخرى عاجزة عن التصرف.
انها مأساة حقيقية، ازمة تلد ازمة، وليس من متسبب بها سوى نحن المواطنين والمقيمين على هذه الارض الطيبة. لماذا نحتاج الى حملات توعية وبيانات ارشادية؟ هل فعلا وصلنا الى مرحلة من الرفاهية التي نعجز معها عن التمييز بين المهم والاهم بين الواجب والفرعي.
ان ازمتنا في الكهرباء والماء حلها غير موجود الا في ايدينا نحن، في اسلوب تعاملنا اليومي، في تربيتنا لابنائنا في خلق جيل واع قادر على حفظ حقوق واموال هذا الوطن ومقدراته، ولن اذهب كما ذهبت الحملات لتبيان كيفية الترشيد وتوضيح الوسائل البديلة للاسراف الزائد عن الحد في استهلاكنا للكهرباء والماء، لانني على يقين من ان كلا منا يعلم دوره جيدا ويدرك مسؤولياته، دون حاجة لتوجيه او ارشاد.
لننطلق جميعا يدا بيد متكاتفين متعاونين لنخرج من الازمة التي اوقعنا انفسنا فيها، ولننتشل ابناءنا واجيالنا القادمة عن ازمات وازمات قد تواجههم اذا لم نحسن تنشئتهم على كيفية التعاطي مع الواقع وتقدير الامور على خير ما يكون، والبعد عن الاسراف في اي امر من الامور.