Note: English translation is not 100% accurate
ماذا نريد لأبنائنا؟
السبت
2006/9/16
المصدر : الانباء
نجاح في عملية تلخيص الموضوع
حدث خطأ، الرجاء اعادة المحاولة
لا يوجد نتائج في عملية تلخيص الموضوع
بقلم : يوسف الراشد
اليوم يستأنف نهر العمل التربوي انسيابه من جديد، ويعود أبناؤنا الى مدارسهم مصطحبين حقائبهم وأحلامهم ـ وأحلامنا أيضا ـ في غدٍ مشرق يحمل الأمان والاستقرار لديرتنا العزيزة التي تعوّل على هؤلاء الأبناء في حمل الراية مستقبلا، والمضي بها، مستكملين بناء هذا البلد الذي صنع حدوده الآباء والأجداد بسواعدهم وعرقهم وطموحهم العارم في تحدي واقعهم، والانتصار على الصعوبات، ليجعلوا الكويت أكبر من حدودها، ودورها يتعاظم بما يتجاوز تعداد شعبها.
ولعل الدور الكبير الذي نعوّل على فلذات أكبادنا ـ العائدين الى مدارسهم اليوم ـ في القيام به لمصلحة مستقبل مجتمعهم وبلدهم، يجعلنا نتساءل دائما عن مدى صلاحية مناهجنا التربوية في بناء أبنائنا الذين نعدهم الآن ليقودوا نهضتنا القادمة، وهل راعى المختصون الذين وضعوا هذه المناهج ان تكون ملبية لما نتطلع الى تحقيقه من أهداف مجتمعية مستقبلية، من المقرر ان يكون أبناؤنا هم المقصودين بها أولا، ثم العاملين على تنفيذها بعد ذلك؟
فالجميع يعرفون ان الفعل التربوي يجب ان يكون مرتبطا بمنظومة فكرية عامة تعكس تطلعات الشعب الكويتي وغاياته البعيدة ـ لا الآنية فحسب ـ كما ينبغي ان تراعي المصالح العليا للكويت، وان تجعل من مجموعة القيم والتقاليد والمعتقدات التي يتشبث بها الكويتيون، محورا أصيلا من محاور العملية التربوية.
فليست التربية هي الاعتماد على تلقين المعلومات «العلمية» فقط، بينما تتوارى محاور أخرى لا تقل أهمية، اذ ليس بالعلم وحده يحيا الانسان، ومن ثم فإنه يتعين على الأجهزة التربوية ـ وهي كثيرة لا تنحصر في وزارة التربية وحدها ـ ان تعالج في خطابها للنشء، احتياجاتهم الوجدانية والروحية والوطنية والبدنية، وغيرها من النقاط الجوهرية التي تمثل في مجموعها الكيان الإنساني بكامله.
ويجب ان نراعي ان أبناءنا ليسوا مجرد أكواب متشابهة يمكن ملؤها بشراب تربوي واحد يجعل منهم «مواطنين» نمطيين يشبه بعضهم بعضا، ومن هنا فإن على مؤسساتنا التربوية مراعاة الفروق الفردية للناشئة، حتى لا نقمع قدرتهم على الابتكار، وميولهم في ان يصنعوا لأنفسهم شخصيات مستقلة، تضمن مجتمعا «مستقبليا» غنيا بإنسانه، كما هو غني بموارده.
فإذا وضع التربويون هذا الهدف ـ نصب أعينهم ـ فلا شك انهم سيجعلون كلا من الطلاب والطالبات «مشروعا» للمستقبل، متفردا ليس بمحصوله العلمي فقط، ولكن بما يميزه روحيا ووجدانيا، وحتى بدنيا، بحيث ينعم كل منهم بأنه مواطن ينصهر مع «مواطنيه» في الانتماء لهذا البلد العزيز، وفي الوقت نفسه يكون مستقلا عن سواه، متمايزا ككيان مغاير يبحث لذاته عن طريق «حياتي» يسلكه بمفرده، ويصب في مصلحة مجتمعه ووطنه.
ويظل السؤال الذي يطرحه كثير من المهتمين بالممارسة التربوية هو:
ما الهدف البعيد الذي نربي أبناءنا من أجله؟
وهل نصوغ شخصياتهم من أجل ان يكونوا مواطنين صالحين في إطار مجتمعهم؟
أم نصنع من كل منهم إنسانا له عالمه المستقل ورؤيته الذاتية؟
أم نعدهم فقط لكي يكونوا «أدواتٍ» مؤثرة في سوق العمل، انطلاقا من ان مرحلة الدخول في دنيا العمل هي المرحلة التالية للمرحلة التعليمية والتربوية الطويلة والشاقة؟
والإجابة عن هذا السؤال الشديد الأهمية تمثل ـ ولا شك ـ ما نحن مقدمون عليه حيال أجيالنا المقبلة، بل وما ستكون عليه صورة الإنسان في مجتمعنا في العقود الآتية، وما الرؤى التي سيحملها الكويتيون في تلك الفترة المستقبلية، عن أنفسم وعن العالم من حولهم.
وهو أمر يمثل جوهر الرسالة التربوية التي يضطلع بها أناس نذروا أنفسهم للانتقال بأبنائنا الى غد مزدهر، يملك الرفاهية والمستقبل وقبلهما الحلم بما هو أفضل، وهي مهمة ستتحقق بانحياز العمل التربوي في كل مؤسساته الى صنع جيل كويتي ممتلئ العقل والوجدان وواثق من قدرته على المشاركة في انجازات عالمه، والتفاعل مع حضارة عصره.
ان التربية ـ وليس غيرها ـ هي التي ستحقق هذا الانجاز البشري الكبير، بصياغة جيل واع ومؤهل ليس فقط ليخدم سوق العمل أو مؤسسات الانتاج، ولكن لكي يقود التنمية ويشارك في تطوير مجتمعه وإعلاء راية وطنه.
اقرأ أيضاً