Note: English translation is not 100% accurate
صديقي وأخلاق رمضان
السبت
2006/10/7
المصدر : الانباء
نجاح في عملية تلخيص الموضوع
حدث خطأ، الرجاء اعادة المحاولة
لا يوجد نتائج في عملية تلخيص الموضوع
بقلم : يوسف الراشد
دخل مكتبي مستبشر الوجه باسم القسمات، وقد بدت عليه علامات الارتياح، فبادرته قبل ان يهم بوضع اوراقه، ويجلس على الكرسي الشاغر امام المكتب:
اراك فرحاً وكأنك قد ربحت صفقة جديدة، او ارتفعت اسعار اسهمك في البورصة، فقال لي، وهو يعود بظهره الى الوراء، ولم تزل ابتسامته تراوح على وجهه الاليف:
لا هذا ولا ذاك، بل هو موقف حصل معي امس أدخل على قلبي ما تراه من سعادة، ولعلك حين تسمع تفاصيل الموقف ستشاركني ما انا فيه من سعادة.
تركت القلم من يدي، وقلت له، وقد وجهت اهتمامي كله اليه:
هل ستظل كثيراً تتحدث حول الموقف دون ان تتكلم عن تفاصيله؟
هات يا اخي ما عندك، فقد اثرت فضولي!
حلت نظرة جادة على وجه صديقي، بدلا من الابتسامة التي بقيت لفترة، وسألني:
هل رأيت صديقك حمود قريباً؟
فقلت له كان معي ظهر امس وتبادلنا حديثا سريعاً، فقد كان كلانا مشغولا بعمله، ولكن أليس هو صديقك ايضا لولا ان حدث بينكما ذلك الموقف الذي صحبه «سوء تفاهم» من كل منكما فبقيتما شهورا لا تتحادثان، وقد كان كلاكما يتحاشى الآخر اذا لقيه في الطريق او في احد ممرات العمل؟
قاطعني من فوره: انتظر، وكفاك تبكيتا، فقد انتهى كل شيء، وانفتحت بيننا صفحة جديدة.
لم استطع ـ حقيقة ـ ان اخفي سعادتي، فحمود هو صديقنا المشترك، ومع ذلك لم انجح في فك الاشتباك بينهما وازالة «سوء التفاهم» الذي تسبب في تجميد علاقتهما بقرار من الطرفين، وحاول كثيرون من اصدقائنا ان يذيبوا الجليد بينهما دون جدوى، ويبدو ان لحظات مرت وانا اتذكر ما كان بينهما، فلم انتبه الا وصديقي ينتشلني من افكاري بدعابته المعتادة:
اوه، اين ذهبت؟ دعني اقص عليك ما حصل امس، ولم ينتظر منى ردا، بل استرسل في حديثه:
ذهبت امس الى المسجد الذي تعرفه لاصلي العشاء والتراويح، وفي خيالي اجواء رمضان الكريم، وقيمه الرفيعة، وحثه على التسامي عن الصغائر، والتشبث بكل ما هو نبيل، وحين وصلت الى المسجد، وركنت سيارتي، واغلقت الباب لاستدير متجها الى باب المسجد، فاذا حمود الذي لم انتبه الى انه كان يترجل من سيارته على بعد امتار قليلة يقبل باتجاهي، ولم تمر ثانيتان حتى كان كل منا يحتضن الآخر، مرددين ـ كأنما اتفقنا للحظتنا ـ عبارة «رمضان كريم.. كل سنة وانت سالم».
قلت لصديقي حسنا فعلتما، فقد عجزنا جميعاً عن التوفيق بينكما طيلة شهور!
فأجابني الصديق الذي كانت تعتريه سعادة حقيقية بعودته الى حمود:
الحق اننا لم نفعل شيئا، بل هو «رمضان» الكريم الذي يغير النفوس ويشحنها بروح ايمانية، ويحفزها على السعي الى مواضع الخير، فلقد كان كل منا يصافح الآخر ويحتضنه، وكأن قوة ما تدفعنا الى التصالح بعد شهور القطيعة.
والاجمل من كل هذا اننا ظللنا نتحدث ويسأل كل منا عن اخبار الآخر بأريحية، وكأننا لم نتخاصم، ولم نتقاطع، ولم يقطع حديثنا الا صوت المؤذن ينبعث من المسجد مناديا لصلاة العشاء، فأديناها كتفاً الى كتف، ثم اتبعناها بصلاة القيام، وانا اشعر بأن نهراً من الرضا والمودة ينساب بيننا ليمحو ما كان في الاشهر الماضية من مشاحنات بدت تافهة بعد العناق الاخوي.
هنأت صديقي بما حدث، وقبل ان ينصرف من مكتبي، قلت له:
اذن عليك ان تبلغ حمود بأن الافطار عندي غدا احتفالا بهذه المناسبة الغالية، وحين عدت الى الاوراق الموضوعة على مكتبي لاستأنف العمل، كانت تملأ مخيلتي صورة زاهية مثيرة للتفاؤل لمجتمع مسلم يعيش حياته كلها بأخلاق شهر رمضان الكريم.
اقرأ أيضاً