Note: English translation is not 100% accurate
«جمعة» لبنان.. الدرس والدلالة
الأحد
2006/12/10
المصدر : الانباء
نجاح في عملية تلخيص الموضوع
حدث خطأ، الرجاء اعادة المحاولة
لا يوجد نتائج في عملية تلخيص الموضوع
بقلم : يوسف الراشد
يوسف الراشد
أضاءت صلاة الجمعة الماضية ظهر بيروت، في مشهد لافت جمع بين المعتصمين سنة وشيعة ليؤدوا الصلاة خلف الإمام د.فتحي يكن الداعية السني، وبقطع النظر عن تقاطع وجهات النظر المختلفة والاجتهادات المتباينة للساسة اللبنانيين، في هذه المرحلة الدقيقة والحرجة، فإن هذا المشهد يحمل دلالات إيجابية على المستوى الآني الحاضر، كما على المستوى المستقبلي البعيد، فهذه الصلاة تجاوزت كونها شعيرة عبادية، لتتحول الى موقف اجتماعي وسياسي يثير التفاؤل ـ في ظل الأجواء العاصفة والملتهبة ـ بأن كل الفرقاء يمكن ان يجتمعوا، وانه إذا كان الخلاف واردا بين البشر، وتعدد وجهات النظر أمرا طبيعيا، فإن التأليف بينها وجمع شملها في رؤية واحدة هو أمر وارد أيضا، بل انه مطلوب وضروري، قبل ان تستنفد الجهود في طرق جانبية تبعد كثيرا عن الهدف المرجو، ولا توصل اللبنانيين الى حيث يتمنون جميعا ان يكونوا.
اختلاف وجهات النظر من قوانين الحياة، والناس مختلفون في اجتهاداتهم بقدر اختلاف ملامحهم، ولكن هذا لا يعني أبدا ان يقف كل اثنين مختلفين على طرفي نقيض، بينما التحديات تصطف وتتعاظم، وتصنع من نفسها متاريس في الدرب اللبناني، تطمع في ان تعوق أهل لبنان عن نيل حقهم في السيادة والحرية وقداسة الوطن.
فها هم السنة والشيعة في لبنان يلقون خلف ظهورهم ما يظن البعض انه يفرق بينهم، ويردمون هوة مصطنعة بين الطائفتين، ويتوجهون ـ مؤتمين بإمام سني ـ متوحدين في اتجاه بعينه، ضاربين مثالا يجب ان يلتفت إليه الجميع، في ضرورة ألا يظل الفرقاء اللبنانيون متشبثين بمواقفهم، وكل منهم واقف في مكانه، ويطلب من الآخرين ان يتنازلوا عن مواقفهم، ويهرولوا اليه، معترفين بصواب موقفه، ومقرين بخطئهم! فليس هكذا يبنى الوطن، وليس بمثل هذا الجمود تحل مشاكل الأوطان.
فلبنان لن يحصل على حريته إلا إذا تنازل كل من المتخاصمين عن جزء من حريته، ولن ترتفع الراية اللبنانية، إلا إذا انحنى الجميع ليجعل من كتفه منبتا لصاريتها، فسيادة لبنان لا تكتمل، ما لم يتخلّ كل لبناني عن اعتقاد انه وحده على صواب، والآخرين ضالون، لأن من شأن هذه الدوغمائية المقيتة ان تقود الى التصادم، في مناخ لا يحتمل مثل هذا التصادم، حيث ينتشر غبار المغالاة والتوتر منذرا بهبوب عاصفة نتمنى جميعا ألا تقلع من مكمنها.
في هذه الأجواء التي تطل فيها رياح الفتنة البغيضة، وشعور كل فريق بأنه يجب ان يتجنب التزحزح عن موقفه، تاركا للآخرين ان يضطلعوا وحدهم بهذه المهمة، جاءت صلاة الجمعة الماضية، ربما لتشيع في الأجواء المغبرة بعض الرذاذ الندي، ولتبعث في القلوب أملا جديدا في اجتماع الفرقاء اللبنانيين، في صف واحد، يضم طوائفه جميعا، وألوانه القزحية برمتها، ويتلاحم فيه المتنازعون، وقد تخلصوا من تراكمات المراحل السابقة، حتى تتحول الخلافات التي تملأ الآن شوارع لبنان، الى أنغام منسجمة ـ وإن تفاوتت أصواتها ـ لتساهم بصدق في ترديد النشيد الوطني للبناني ثري بتبايناته، واحد بشعبه.
اقرأ أيضاً