Note: English translation is not 100% accurate
مهمة ليست مستحيلة
الأحد
2006/12/17
المصدر : الانباء
نجاح في عملية تلخيص الموضوع
حدث خطأ، الرجاء اعادة المحاولة
لا يوجد نتائج في عملية تلخيص الموضوع
بقلم : يوسف الراشد
يوسف الراشد
ثلاثون دقيقة قيل ان رئيس الوزراء العراقي قضاها على الهاتف متحدثا الى الرئيس الاميركي، تعهد له فيها ببسط السيطرة الحازمة للسلطة على الوضع الامني المتدهور في العراق، فهل تكفي هذه الدقائق الثلاثون لتحقيق هذه الغاية بالفعل؟
فمن يتابع الاحداث الدامية التي تحدث في العراق، لابد ان ينتابه الحزن على الجيران الذين ادخلوا انفسهم في نفق مظلم، عرف الجميع بدايته، ولكن احدا لا يستطيع التكهن بما ستكون عليه حال العراقيين عندما يصلون الى نهاية هذا النفق، الذي تشتد فيه الظلمة يوما بعد يوم، ولا يبدو هناك ضوء ـ ولو خافتا وبعيدا ـ يثير في النفوس املا بأن تنقشع هذه السحب الداكنة عن سمائه.
فالعشرات يسقطون قتلى وجرحى ان لم يكن كل يوم، فكل ساعة، حتى اضحت الشوارع العراقية انهارا من الدم، يغوص فيها الجميع، ولم يعد هناك احد يمكنه التوقف ليتساءل عما اذا كان هذا النهر المخيف سيدفع العراقيين الى التوقف عن حمل الاسلحة والشحنات الناسفة حقنا للدم المهدر، ام انه سيغريهم بمزيد من الثأر والقتل وسفك الدماء.
لاشك ان ما يجري في العراق هو فوضى عارمة اصبح فيها كل شيء مباحا، ورخص ثمن الانسان الى درجة ان المارة باتوا يطالعون الجثث الملقاة في الطرقات مضرجة في دمائها، وكأنها من المرئيات المألوفة في عرض الطريق كأعمدة الكهرباء، وعارضات الحوانيت، وجدران المنازل، ولعل هذا هو الامر المفزع في هذا المشاهد البغيضة، حيث يبدو الامر وكأن الجميع مندفعون تحت تأثير الذعر والرغبة في الانتقام معا، الى غاية جهنمية تجتذبهم جميعا اليها، وهم لا يدرون ـ او ربما يدرون ـ انهم يتجهون مسرعين الى السقوط من حافة الجبل الى الهوة العميقة، حيث لن يكون هناك الا الفناء والحطام وبقايا ندم!
وحين نرفع اصواتنا ـ نحن الخليجيين ـ بضرورة الاسهام في ايقاف هذه العجلة الشيطانية عن الدوران في العراق، فليس هذا فحسب لاننا نريد لهذا البلد ان يستعيد نفسه، ويضع قدميه على سكة النهوض من جديد، ليضمن لمواطنيه الحد الادنى من الامن والاستقرار ورغيف الخبز وكتابا للتلميذ في المدرسة، حتى يتحول الى «وطن» يحمي ابناءه، ويحميه ابناؤه كسائر الاوطان التي تعيش حياة طبيعية.
ولكننا ننادي بهذا، لاننا كذلك نريد لامننا واستقرارنا الا يتعرضا لشرر متطاير من هنا او هناك، يمكن ان يعرض اراضينا وشعوبنا للخطر «لا قدر الله».
فالمنطقة تتميز بحساسية زائدة، والمرحلة التي نمر بها مترعة بألوان من التوتر واشكال من التحديات، ولسنا ـ من ثم ـ في حاجة الى مزيد من الصعاب تلقى في طريقنا، تعوق نهضتنا، وتعطل استمرار التنمية التي نرمي الى رفع معدلها في بلداننا، كما لا نود ان يكون قربنا الجغرافي من هذا «البرميل المملوء بالبارود» مكلفا لاقتصاداتنا، وقبلها مقلقا لشعوبنا التي تتطلع الى مزيد من التقدم والبناء.
لعل هذا كله ما كان يدور في عقل زعمائنا في قمة مجلس التعاون التي عقدت منذ ايام، حين اجمعوا على ضرورة المساهمة في وقف دائرة العنف المستعرة في العراق، ذلك لأنهم يدركون ان دولنا الخليجية لا يمكن ان تكون آمنة مطمئنة بينما يمور على حافتها الشمالية برميل مشؤوم يوشك ان ينفجر بين لحظة واخرى، ومن الحكمة ان نشارك جميعا في نزع فتيله، وهي مهمة ليست سهلة، ولكنها مع ذلك ليست مستحيلة.
اقرأ أيضاً