Note: English translation is not 100% accurate
لايزال حاضراً في القلوب
الثلاثاء
2007/1/16
المصدر : الانباء
نجاح في عملية تلخيص الموضوع
حدث خطأ، الرجاء اعادة المحاولة
لا يوجد نتائج في عملية تلخيص الموضوع
بقلم : يوسف الراشد
يوسف الراشد
قلة هم القادة الذين يستطيعون ان يتركوا بصمات بارزة على وجه الحياة في بلادهم.
واقل منهم هؤلاء الذين يملكون القدرة الفذة على تجديد روح الوطن والارتفاع بشأنه الى اعلى القمم. لكن النادر ـ الشديد الندرة ـ هو ذلك النوع من القادة الذين يملكون قلوب شعوبهم، ويحوزون رضاهم، وينالون الدعاء لهم في حياتهم، وبعد رحيلهم.
ولعل الامير الراحل المغفور له سمو الشيخ جابر الاحمد، الذي يكتمل اليوم عام على غيابه، هو واحد من القادة النادرين الذين برزت آثارهم الجليلة في تحويل وجه الحياة في مجتمعاتهم، فلمسات سموه وانجازاته وقراراته كانت دائما تبتغي رفعة الوطن وتتمحور حول مصالح مواطنيه، لذلك انعكست هذه الانجازات حبا في قلوب شعب الكويت، وتجسدت انشودة مجد تتغنى بها اجيالنا المقبلة، وملحمة للوطنية علمنا فيها الراحل الكبير كيف نحب الوطن حتى يصير الوطن غاية طموحنا وشجرتنا الوارفة، واكسير حياتنا، ومغزى وجودنا.
هكذا علمنا سمو الامير الراحل، وهكذا تقاسم معنا العهد، وقد عاهدناه على مواصلة العمل على صون الكويت والذود عن سيادتها وحرمة ترابها العزيز.
لقد كان واحدا من اكبر انجازات سمو الامير الراحل انه دفع قاطرة التطور في الكويت، فاذا كان قادتنا الذين سبقوا سموه قد ساعدتهم ظروفهم التاريخية على ان يملأوا القاطرة بالوقود، ثم يسيروا بها ـ حسب طبيعة الفترات التي حكموا فيها ـ سيرا واثقا متتابعا، فإن سمو الأمير، المغفور له، تولى قيادة البلاد، فدفع القاطرة بكل قوة، منطلقا بالبلاد من مرحلة الفتوة الى النضج الذي تبدت مظاهره جلية مضيئة على كل الصعد، فنهض المجتمع اقتصاديا وثقافيا وتعليميا، واندفع الشعب الكويتي يشق طريقه بقوة يعاضد اميره، ويظاهره ويلتف حوله في رحلة طويلة لبناء الكويت، حتى حازت التقدير والاعتبار من محيطها الاقليمي والعربي، كما من جميع دول العالم التي رأت في الكويت دولة محبة للسلام، ساعية الى المشاركة في استتباب الامن والاستقرار على الخارطة الدولية.
لم يكن سمو الامير الشيخ جابر الاحمد ـ رحمه الله ـ يجد سعادته الا بأن يرى الكويت تخطو بخطى واثقة الى المستقبل، ولم يكن يشغله الا ان يكون شعبه متمتعا بخيرات بلاده، راضيا عن حاضره، آمنا لمستقبله ومستقبل ابنائه، لم يصرفه التفكير في الحاضر عن الانشغال بمستقبل شعبه، فأحدث فكرة صندوق الاجيال القادمة، حتى لا نحرم ابناءنا ومن بعدهم مما نتمتع به في حاضرنا، فكانت فكرة رائدة في ظل دخل قومي يقوم اغلبه على رافد واحد قابل للنضوب، ولو بعد اجل بعيد، فأراد سموه ان يضمن للاجيال المقبلة عيشا كريما، لا ينال منهم العوز، ولا يفتقرون الى مقومات الحياة المرجوة.
ولم تقتصر هذه المساعدات من منح وقروض ميسرة على الدول العربية فحسب، بل تجاوزتها الى كثير من الدول الفقيرة في قارات العالم، وهو الامر الذي كان له مردود لا يقدر بثمن من هذه الدول ـ او معظمها على الاقل ـ في مساندتها للحق الكويتي وعدالة قضيتنا، حين غدر بنا الطاغية المقبور، وسعى الى تلويث ترابنا الوطني بجنازير دباباته، فلم يلبث ان فشل مسعاه، وخابت اوهامه، بفضل الله اولا، ثم نتيجة عوامل كثيرة اخرى من بينها دعوات الملايين من الفقراء الذين تضرروا من توقف نهر الخير الكويتي، وكذلك وقوف شعوب وحكومات الى جانب موقفنا العادل، لأنهم وجدوا في شعبنا وفي اميرنا الاصدقاء وقت الشدة، والعضد وقت الحاجة، واليد البيضاء حين يفتقرون الى من يقف بجانبهم، فطوبى لجابر الخير الذي شق ـ من دون هتاف ولا شعارات زائفة ـ من ثروة الكويت نهر عطاء لفقراء العالم، فجعل الكويت، وهي الدولة الصغيرة المساحة المحدودة التعداد، تحظى بتقدير شعوب وحكومات العالم.
الكلام عن سمو المغفور له الامير الراحل الشيخ جابر الاحمد قد يجد البداية، لكن تصعب معرفة اين ينتهي، واليوم في ذكرى رحيله لايزال حاضرا بيننا بقلبه العطوف الذي احاط شعبه بكامله، وبآثاره وانجازاته الباقية على مدى الزمان، كما هو حاضر في عقل وقلب خليفته اميرنا المفدى صاحب السمو الامير الشيخ صباح الاحمد الذي كان دائما رفيقا وعضدا للامير الراحل في رحلة الانجاز والبناء للكويت الحديثة، وسموه الآن يسعى دائبا لاستكمال الانجاز، وتوطيد البناء وتعزيز كرامة الكويت.
ندعو الله ان يجعل الفردوس مستقرا للامير الراحل سمو الشيخ جابر الاحمد، كما ندعو بالعمر المديد وموفور الصحة والتوفيق والسداد لاميرنا المفدى صاحب السمو الامير الشيخ صباح الاحمد ليبقى قائدا للمستقبل وصانعا لنهضة الكويت المقبلة وضميرا لوحدة الشعب والوطن.
اقرأ أيضاً