Note: English translation is not 100% accurate
ليس بالأمن وحده..
الثلاثاء
2007/2/20
المصدر : الانباء
عدد المشاهدات 1609
نجاح في عملية تلخيص الموضوع
حدث خطأ، الرجاء اعادة المحاولة
لا يوجد نتائج في عملية تلخيص الموضوع
بقلم : يوسف الراشد
يوسف الراشد
تحاول السلطات العراقية «انزال» خطتها الامنية على الارض، سعيا منها الى انقاذ ما يمكن انقاذه من مقدرات البلاد التي وضعتها الفوضى الامنية العارمة طيلة السنوات الثلاث الماضية في مهب الضياع.
ويبدو ان الامر اكثر صعوبة بكثير مما كان يظن واضعو هذه الخطة الرامية الى ضبط الشارع العراقي، ومواجهة التفجيرات التي تعصف بين ساعة واخرى بأرواح الابرياء في الطرقات والاسواق والبيوت على حد سواء.
فبعد نحو اسبوع من اقرارها لا تزال الخطة الامنية تتعثر في الطريق كجواد هزيل منهك، بينما تتوالى التفجيرات وتهجم سيارات الموت المفخخة على المارة والمتسوقين، فتحصد الارواح البريئة، وتريق انهارا من الدم، غير عابئة بخطة امنية هنا، ولا استحكامات عسكرية هناك، ولا نداءات من كل الجهات لتحكيم صوت العقل، وترك الفرصة ـ مرة واحدة ـ للتفكير في المصير المظلم الذي يتجه اليه العراق، فربما انتبه هؤلاء المتخاصمون الى انهم موشكون على القفز في الهواء بالعراق كله، وربما بالمنطقة برمتها، في رحلة عبثية باتجاه المجهول.
لا يزال الرعب هو سيد الموقف على الاراضي العراقية، ففي كل شخص يمر انتحاري محتمل، وكل سيارة تمر عبر الطريق او تقف الى جانبه، هي صندوق مفترض ينتظر ضغطة زر ليخرج ما عبئ فيه من موت جهنمي، يجتاح الشوارع والاسواق والاحياء السكنية.
فهل هناك فرق في العراق تصر على تحدي هذه الخطة الامنية، وتسعى الى اظهارها بمظهر الفشل والارتباك امام هذه التفجيرات، بالاضافة الى عمليات القنص والخطف التي تدور تحت جنح الظلام تارة، وفي ضوء النهار تارة اخرى؟ وهل هناك طرف يعمد الى ابقاء هذه الملاءة القاتمة من الفزع والموت تلف جسد العراق كله، وتصبغ السماء فوق رؤوس العراقيين بلون الدم المخيف؟ واذا كانت الخطة الامنية الوليدة لم تستطع وقف نزيف الارواح حيث سقط عشرات القتلى والجرحى، فهل فكر العراقيون في طرق اخرى، ربما لا تكون بديلة للخطة الامنية بل تتكامل معها، وتعززها وتدعم الجهود الرامية الى بث القليل من الطمأنينة في قلوب قد انهكها الخوف من رياح الموت العاصفة التي تهب من كل الجهات متجهة الى كل الجهات ايضا؟
ففي الحالات التي تقع فيها الامة فريسة لخطر بهذه الجسامة التي نراها في العراق، لا يمكن الاعتماد على طريق واحد لمعالجة الموقف المتدهور.
فمهما كانت قوة السلاح والعتاد التي تدعم جنود الخطة الامنية، فلابد من وضع خطط مكملة تشترك فيها جميع الرموز العراقية التي تحوز ثقة اغلبية الشعب، على ان يتضافر في هذه الخطط الاقتصاد مع الثقافة ويمتزج الامن بالمستقبل، بحيث يدرك المواطن العراقي ان له مصلحة حقيقية ليس فحسب في التخلي عن مساندة العنف، بل في مقاومة هذا العنف ومن يتبنونه، من دون ان ينتظر العسكريين ليقوموا بهذه المهمة وحدهم، وحين يقتنع العراقيون بأن الاضرار التي يعاني بلدهم تحت وطأتها، ستدمر الجميع، وان احدا لن ينجو من هذا السرداب الذي ينتظره، وحين يقتنع العراقيون بأن العرب جميعا يسعون الى تجنيبهم الانزلاق الى هذه الهوة السحيقة، وان هؤلاء العرب لم ينفضوا ايديهم من الهم العراقي، فلربما تنتبه اغلبية الشعب هناك الى ان العراق هو بيتهم جميعا، وان عليهم ان يقيموا حوله سياجا حصينا لحمايته، وليس إعمال معاول الهدم في جدرانه والقاء جذوات النار في غرفه وقاعاته، فالنار في نهاية المطاف ستحرق الجميع، وساعتها لن يكون هناك عراق ولا عراقيون.
وعلى المسؤولين العراقيين ان يعيدوا النظر في خططهم الامنية التي تدخل اليوم اسبوعها الثاني، محفوفة بالخوف من العجز عن ان تؤدي مهمتها بالنجاح المأمول، ولا نظن ان المسؤولين هناك لا يدركون ان الخطط الامنية قد تنجح في مصادرة بعض الاسلحة، وربما تستطيع ضبط حركة الناس في الشوارع ـ ولو بصورة مؤقتة ـ ولكنها ابدا لا تستطيع انتزاع الاحقاد والشكوك من القلوب، ما لم تدعم هذه الخطط الامنية، جهود اخرى اكبر بكثير تعيد توحيد الناس، وتزيل بالتدريج ـ وهي المهمة الاصعب ـ سوء الظن العالق بعقول الجميع.
فليس بالامن وحده يمكن بناء الثقة وصفّ الشعب ودفعه لحماية الوطن.
اقرأ أيضاً