خطة تنمية الـ 37 مليار دينار من الناحية النظرية ستنقل البلد من أقصى اليسار الساكن إلى أقصى اليمين المتحرك، وتعتبر بحق ثورة في كل شيء وعلى كل شيء، وينتظر أن تحيل البلد كما نأمل جميعا إلى مركز مالي وتجاري، أو كما يقول بلير في رؤيته للكويت 2035 «سيتحول بلدكم إلى قوة اقتصادية إقليمية».
الحديث أعلاه سواء عن خطة التنمية الخمسية أو رؤية السيد توني بلير من الناحية النظرية صحيح 100%، ونبصم له بالعشرة والعشرين بل وحتى نبصم بعيوننا على هذا الكلام، ولكن هذا نظريا فقط.
عمليا الأمر مختلف والواقع يرفض الذهاب إلى أرض التفاؤل، بل لا يوجد مركب منطق يمكن أن يعبر بنا إلى ضفة التفاؤل في ظل تجارب سابقة وتجارب حالية نعيشها منذ 19 عاما مع أسلوب التعاطي الحكومي مع مشاريع أقل من هذه الخطة.
قرأت الخطة التي وضعتها الحكومة في 500 صفحة والتي قامت مجموعة السيدة نورية السداني بالتعاون مع جمعية المهندسين بوضعها على سي دي بسيط ومنسق ورائع، هل تعرفون ماذا وجدت في تلك الخطة المليارية؟، وجدت شيئين أحدهما أغرب من الآخر وسأعلق فقط على المشاريع التي بدأت فقط أو انطلقت تزامنا مع الخطة، الأول مشروع جامعة الشدادية التي وضعتها الحكومة ضمن خطتها وهو المشروع الذي يتكلف نحو مليار ونصف المليار دينار، وقد صرفت الملايين على الدراسات وملايين أخرى على تعديل الدراسات وملايين غيرها على أوامر تغييرية على المشروع «رغم أنهم لم يدقوا مسمارا واحدا في المشروع»، واسألوا وزارة المالية التي استدعت القائمين على المشروع من جامعة الكويت و«وبختهم» على هذا الصرف غير المنطقي الذي دفع على الهواء من أجل دراسات وتعديلات وتعديلات التعديلات، وكان هذا الأسبوع قبل الماضي الماضي.
أما المشروع الثاني الغريب الذي تضمنته الخطة المليارية فهي مناقصة تأجير «ونشات» لوزارة الداخلية لنقل السيارات المخالفة والسكراب والمهترئة التي تغلق الطرقات، وهذه المناقصة أرسيت بالفعل، هل تعلمون ماذا حدث؟ أو ماذا فعل قياديو وزارة الداخلية بهذه المناقصة؟
خلال الشهر الماضي ومع دخول مناقصة الونشات قامت الداخلية بأمر غريب وهو التعسف بحجز السيارات المخالفة حتى ولو كانت مخالفة ممنوع وقوف عادية، وعليك كمواطن مخالف أن تبحث عن سياراتك التي نقلها ونش الداخلية إلى كراج الحجز، و«يدوخونك السبع دوخات» قبل أن تحصل على سيارتك، فتارة يقولون لك بالزور وتارة في الجهراء وتارة في «قلعة وادرين»، وبعد أن تجد سيارتك ستدفع دينارا أرضية عن كل يوم و15 دينارا لـ «الونش» بالإضافة إلى المخالفة طبعا، ويبدو أن الداخلية فهمت «التنمية» بالغلط.
نموذجان من مشاريع خطة الحكومة المليارية أحدهما أسوأ من الآخر، فكيف ببقية المشاريع؟
أريد أن أتفاءل، أقسم بالله إنني أريد أن أتفاءل، وأحيي سمو رئيس مجلس الوزراء سمو الشيخ ناصر المحمد على تفاؤله ومحاولات بثه التفاؤل دائما في الترويج للخطة كما فعل بالأمس، ولكن هل ترضى يا سمو الرئيس أن تتصرف «الداخلية» أو «الجامعة» بمشروعين من الخطة بهذه الطريقة المكشوفة؟ واسأل عن تفاصيل مشروع الشدادية وكذلك عن تعاطي وزارة الداخلية بالتعسف في حجز سيارات خلق الله وتغييبها في كراجات حجز وتكليفهم ماليا بلا قانون ولا قرار، هل هذا جزء من خطتكم؟ لا أعتقد ولا أعتقد أن سموك يرضى بهذا أبدا.
[email protected]