الاستجواب أصبح تأثيره السياسي على الحكومة هذه الأيام محدودا جدا، ولا أشبهه سوى بتأثير الإنفلونزا الموسمية على الشخص السليم المعافى، بل وربما أقل من ذلك، خاصة بعد أن تمكنت الحكومة من أن تجد له مضادا حيويا مناسبا بعد تجربته مع أكثر من 6 استجوابات خلال فترة لم تتعد العام، وقريبا جدا سيتمكن عباقرة الحكومة من إيجاد مصل «تاميفلو» يمنع الإصابة بالاستجوابات لاحقا لأي من أعضائها، وبهذه المناسبة أقول للحكومة «لا بأس طهور إن شاء الله» بعد أن عبرت استجواب وزير إعلامها بشق الأنفس، فاستجوابه أمس كاد «يقلب» عليها إلى التهاب رئوي حاد، ولكن الله سلم، ونجت الحكومة ونجا وزيرها بعد أن تحول بعض النواب 180 درجة عن نيتهم السابقة وبطريقة لا ينافسها عليها سوى بهلواني السيرك الروسي، وهو أمر كان متوقعا كتوقعنا ظهور شمس الغد من المشرق.
تداعيات الاستجواب أخطر من الاستجواب نفسه، وأكثر من زميل كاتب أشار إما تصريحا أو تلميحا الى أن هناك نوابا قبضوا مقابل مواقفهم وعودا بتنقلات ومناصب لمناصريهم ومؤيديهم وأبناء مناطقهم وأقربائهم و«طوايفهم»، ومن أخطر تداعيات الاستجواب أن تلك الوعود ستأتي بمن لا يستحق و«تقضبه» إدارة طويلة عريضة لا يفهم فيها «كوعه من بوعه»، ويحسبونه علينا قياديا «بالأونطة».
هل تعلمون كم إدارة وكم منصبا سيذهب على ذمة هذا الاستجواب؟ لا يقل عن 300 منصب ما بين مدير عام ومدير وسفير وقنصل ومراقب ورئيس قسم ومستشار عدا التنقلات من أقصى شمال البلاد إلى يمينها، ذلك عدا الصفقات السياسية من وزن مشاريع قوانين حكومية مرت وستحال قريبا إلى مجلس الأمة كجزء من صفقة تفكيك إحدى الكتل.
هل تعلمون ماذا ستفعل في البلد 300 منصب قيادي ذهبت ثمنا لهذا الاستجواب؟ ستزيد طين بلدنا بلة، و«ستطبع» مركب البلد أكثر وأكثر، فلم نكد نستوعب التخمة القيادية التي جاءت بها 4 استجوابات حتى تدخل علينا 300 مصيبة قيادية.
الظاهر للعيان من تداعيات الاستجواب هو التنقلات والتعيينات في مناصب حساسة وقيادية في أكثر من 10 وزارات، وأما الباطن والذي لا نراه فسيكون مكافآت على شكل هبات مشاركة في مشاريع ضخمة لن نسمع عنها قبل عام أو عامين، بعد أن تبدأ عجلة خطة التنمية ذات الـ 37 مليارا بالدوران.
أما أنت عزيزي المواطن الفقير فليس أمامك سوى صندوق المعسرين، وإن لم يعجبك الأمر فـ «طق راسك» بأقرب «طوفة» مع تحيات حكومتك الرشيدة.
[email protected]