لا يمكن لأي طبيب أن يجري عملية جراحية بسيطة ما لم يقم بتعقيم جسد المريض، أو على الأقل تعقيم الجزء المراد إخضاعه للجراحة، ولو سألت أي طالب سنة أولى طب سيخبرك بهذه الحقيقة التي تعتبر من البديهيات والتي تعرفها حتى جداتنا.
غير أن ما يحصل في الكويت اليوم ان الأخوة الأفاضل الداعين للخصخصة والداعمين لها، لم ينتبهوا إلى أنه يجب تعقيم الجسد الحكومي قبل إخضاع أطرافه وشركاته لجراحة الخصخصة.
والتعقيم السياسي هنا هو تطهير الجسد الحكومي من الفساد المتغلغل في دهاليز البيروقراطية والدورة المستندية العقيمة، قبل قيام قطار الخصخصة بالتحرك من محطة مجلس الأمة، وإلا سنكون أول دولة في العالم تخصخص الفساد.
القانون في شكله المقدم حاليا وفقراته يعتبر شبه متكامل وحلما نتمنى تحقيقه، أنا لا أرفضه ولا أعتقد أن شخصا ما يستطيع رفض القانون بشكله الحالي، وبجميع بنوده دون استثناء، ولكن المصيبة هي أنه في الحالة الراهنة لمؤسسات الدولة في ظل الفساد لا يمكن تطبيقه، بل يستحيل تطبيقه، ويجب علينا ألا ننظر إلى القانون كمواد فقط بل علينا أن ننظر إلى الأرض التي سنضع عليها قانوننا هذا، فأرضنا الحكومية الآن «سبخة فساد» ولا يمكن أن تنبت سنبلة «خصخصة» واحدة.
وعليه يا سادة قبل الشروع في قانونكم هذا عليكم أن تطهروا الجسد الحكومي تماما، وتقوموا بتعقيمه وتطهيره، ومن ثم خصخصوا حتى الأوكسجين في هذا البلد لو شئتم.
[email protected]