سكين الصراع السياسي في الكويت وصلت إلى عظم الشعب، فلا متضرر من التناحر السياسي الذي يعصف في البلد منذ سنوات سوى الوطن وسكانه من عامة المواطنين البسطاء الذين لا ناقة مناقصة لهم ولا جمل منصب سياسي في ذلك الصراع.
ويشعل النخبة حروبهم «المليارية» غير آبهين بالبسطاء من المواطنين الساعين إلى رزقهم الذي ينتهي بعد كد شهر كامل براتب «دنانيري» تقصقصه الأقساط والرسوم والغرامات والمخالفات وفواتير العيادات الخاصة وأسعار الأدوية.
وبينما يجمع الكبار غنائمهم بعد كل حرب، يكتم البسطاء أنين خوف يملأ صدورهم وأعينهم معلقة على مؤشر الكهرباء البرتقالي كل صيف ودعواتهم «يالله عسى ما تنقطع ونخيس حر».
ومع بداية كل صيف يرفع أباطرة الصراع رايات الهدنة بين بعضهم البعض، تزامنا مع نهاية دور كل انعقاد تشريعي، ويرحلون بعدها إلى مشارق الأرض ومغاربها لتداعب خدودهم بلورات ثلوج سويسرا، ويكحلون عيونهم بأضواء باريس، ويغسلون كعوبهم بمياه شواطئ الكناري أو السيشيل حسب أمزجتهم، بينما أمزجة البسطاء يعميها الغبار وتذيب حواجبهم الـ 55 درجة مئوية في الظل.
ورغم عمى الأمزجة الصيفية الذي يصيب سجناء الحر والغبار من غير القادرين من المواطنين، لا ينسى الكبار المتناحرون أن يتركوا لنا شيئا من عبثهم السياسي فيوعزون لفلول جندهم الباقين في البلد أن يشعلوا معركة استنزاف سياسية هنا ومبارزة جس نبض هناك، بينما أقصى ما يمكن أن يفعله المواطنون المتفرجون على تلك المعارك الصيفية هو أن يفغروا أفواههم متسائلين «يا جماعة شسالفة؟».
تنتهي معركة استجواب لتنطلق أخرى وتخرج عواصف التصريحات النيابية وأعاصير التهديدات الحكومية وكابوس الحل، وفي أسوأ الأحوال ينالنا جزء من «جاثوم» التعليق الرابض على صدورنا.
كل شيء في هذه البلد قابل لأن يتحول إلى مشروع صدام، فالرياضة معركة والتلوث حرب والداو أزمة والكوادر في طريقها لأن تتحول إلى حرب شوارع.
مشعلو الحروب في هذا البلد لا يخرجون عن 3، إما شخص خسر مركزا متقدما في المشهد السياسي ويبحث عن تعويض خسارته، أو شخص يريد أن يمد في رقعة سيطرته المالية، والثالث يلعب لحساب أحد الاثنين، أما الضحايا وحطب دامة تلك المعارك فهم أنا وأنتم من المواطنين البسطاء الذين لا ناقة مناقصة لنا ولا جمل منصب سياسي في تلك الحروب ويرحمني ويرحمكم الله.
وكل 55 درجة مئوية وأنتم بألف خير.
[email protected]