عندما يخرج رئيس مجلس إدارة شركة ويعلن أمام الجمعية العمومية لشركته قائلا: «أعتذر لكم عن مشاركتي في الدفع بالدخول إلى مناقصة حكومية تم إلغاؤها لاحقا بسبب ممارسة المزاجية الحكومية في انتقاء من يستحق ومن لا يستحق للمناقصات، حتى بعد أن رست على شركتنا، ورغم استيفائنا لجميع الشروط وتقديمنا العطاء الأفضل تم إلغاء المناقصة دون إبداء الأسباب ما كبدنا خسائر مالية كبيرة»، فهذه كارثة ارتكبتها الحكومة.
عندما يعلن رئيس مجلس إدارة شركة كويتية أمام مجلس الإدارة أن «أي مشاركة في أي مناقصة حكومية قادمة هي جريمة بعد أن أصبحت المناقصات تدار بعقلية المزاج، فإذا رست على شركة حقيقية تم إلغاؤها وإعادة طرحها مرة أخرى بمواصفات تتناسب مع شركاء الحكومة من بعض التجار والسياسيين الذين أصبحوا لا يتقنون لعبة سوى التجارة»، فتلك جريمة أخرى ترتكبها الحكومة ضد الاقتصاد الوطني بسكاكين المحاصصة السياسية.
عندما تعلن الحكومة مناقصة مليارية وتدخل في المنافسة شركات محلية وعالمية للفوز بها وتدفع تلك الشركات مئات الآلاف على دراسات الجدوى، وقبل حتى أن يتم تقديم مظاريف المناقصة تقوم الحكومة ودون إبداء الأسباب بإلغاء المناقصة، فتلك حقا مصيبة.
عندما تطرح المناقصات مرة ومرتين وثلاثا بل وأربع مرات ولا تجد لجنة المناقصات من يتقدم لتلك المناقصات، فذلك هو الزلزال الحقيقي الذي ضرب عصب الاقتصاد الوطني بعد أن أصاب ثقة الشركات المحلية والعالمية في مقتل من ممارسات حكومتنا المزاجية، فليس هناك من شركة «عاقلة» ستدخل في مناقصة حكومية أو مشروع حكومي يمكن أن يلغى بين ليلة وضحاها وبجرة قلم، ويتسبب في خسارة الشركة مئات الآلاف دون أن يقول لهم أحد «آسفين».
إن ممارسات الحكومة في إرساء المناقصات على من تشاء وتحب و«تهوى» وإلغائها بجرة قلم ممن لا تحب ولا تشتهي و«لا تواطن» سبب نوعا من الشرخ في ثقة الشركات العالمية قبل المحلية بجدية مشاريع الحكومة، بل وسيتسبب في ضياع ملايين من الفرص الاستثمارية في البلد، وهو ما سيؤدي إلى توقف مشاريع حيوية.
الحكومة تروج لخطتها المليارية، وتصل الليل بالنهار في كتابة قصائد المديح بخطتها المليارية، رغم أن شركات محلية وعالمية ستمتنع عن المشاركة في كثير من مشاريعها، خاصة أن حبل مقصلة وقف المناقصة بيد الحكومة، تطلقه متى تشاء إذا لم تكن الشركة التي رست عليها المناقصة من «عشيقات» الحكومة.
شركات خسرت ملايين ولا أقول مئات الآلاف بسبب وقف الحكومة لمناقصات ومشاريع أعلنت بل وأرسيت على شركات، ومع هذا الحكومة تقول ـ لا فض فوها ـ اننا نريد تفعيل خطة تحويل الكويت إلى مركز مالي واستثماري، لا أعرف أي مركز مالي تريد الحكومة لبلدنا أن يتحول اليه وهي تتفنن في قطع المناقصات وتكبيد مستثمرين وتجار خسائر بالملايين! حتى ان شركات عالمية بدأت تعلن رسميا رفضها الدخول في مناقصات بالكويت بحجة عدم الجدية.
لابد أن يتوقف هذا العبث الحكومي في التدخل بالمناقصات وإلا فلن نجد حتى صاحب بقالة يدخل في مناقصة مشروع حكومي في خطتكم المليارية.
[email protected]