بلد صغير وعديم التاريخ» هكذا وصف المتحدث باسم لجنة الأمن القومي والسياسة الخارجية في مجلس الشورى الإيراني غلام جلالي دولة الإمارات العربية المتحدة الشقيقة في معرض رده على تعليق السفير الإماراتي في واشنطن يوسف العتيبة حول الملف النووي الإيراني، رغم أن الإمارات أوضحت أن تعليق العتيبة نقل بشكل غير دقيق وجاء كتعليق شخصي على هامش مؤتمر غير رسمي، إلا أن السيد جلالي قام بمسح تاريخ دولة، بل إن تعليقه ذلك ينسحب على دول الخليج كلها ولا ينسحب على الإمارات فقط، الوصف العنصري للخليجيين عامة حاضر لدى أصدقائنا الإيرانيين، وليته جاء من كاتب إيراني لا يمثل سوى نفسه أو حتى قاله بشكل شخصي ولكنه جاء بشكل رسمي ومعلن.
يمكن أن نكون أصدقاء لإيران متى ما رأوا أن ما نقوله يصب في صالح سياستهم، ولكن عندما يرون أن ذلك يتعارض يُخرجون من قبعة التعالي وصف «بلدان صغيرة وعديمة التاريخ» ويرموننا به.
شخصيا لا استطيع أن أقلل من شأن إيران كبلد أو كتاريخ، وإلا ارتكبت خطيئة الجهل كما ارتكبها جلالي، ولكنني أستطيع أن أقول ان دول الخليج «حديثة التكوين سياسيا وليس تاريخيا» حققت لشعوبها في عقود 4 ما لم تحققه إيران بنظاميها الشاهنشاهي والملالي في ذات الفترة، وهذه حقيقة ثابتة.
لست ضد الإيرانيين في شيء فلي أصدقاء إيرانيون أعزهم وأحترمهم، ولكنني أتكلم عن أنظمة وسياسات، الأنظمة الخليجية قدمت أنموذجا رائعا في التوازن العادل المعقول بين كونها ملكية وراثية وبين حكمها لشعوبها وفق شرائع ودساتير متفق عليها دون أن تخل بها بشكل يضر بالعلاقة بين الحكام والمحكومين، ولكل بلد من البلدان الخليجية الستة ظروفه الخاصة التي تأقلم معها سياسيا داخليا وخارجيا بما لا يمس الشعب أو يدخله في دائرة الفقر المدقع. ولو أردنا أن ندخل في دهاليز التاريخ فستخرج دول الخليج مع الإيرانيين بتعادل منصف، فهناك فرق بين حداثة التكوين سياسيا وبين وجود شعوب جزيرة العرب، وهو الأمر الذي قام بخلطه الناطق الرسمي الإيراني عمدا.
وللتاريخ فقط الشعب الإماراتي ساهم في طرد المستعمر البرتغالي من جلفار في العام 1633 عندما شن البرتغاليون حملة استعمارية للسيطرة على مياه الخليج، ولو لم يحدث هذا لكنا جميعنا اليوم نتحدث اللغة البرتغالية بطلاقة، وكذلك أصدقاؤنا الإيرانيين ولأصبحت البرتغالية لغتنا الثانية بدلا من الإنجليزية، وربما أقول لربما كان جد لاعب البرتغال كريستيانو رونالدو مندوبا ساميا في الكويت عام 1899.
والحفريات الأخيرة أثبتت أن أبوظبي كانت مأهولة بالسكان قبل الميلاد بـ 4000 عام، فهنا الحديث عن «حداثة التكوين سياسيا» شيء والحديث عن الوجود التاريخي شيء آخر تماما، وأتمنى أن نركز على أن هذا الخلط لا يمارسه سوى الجهال.
دول الخليج وشعوبها لم يهبطوا بطبق فضائي إلى هذه الأرض، بل هم نتاج امتداد تاريخي بشري وإن تغيرت المسميات، ولكن وبأخذ قياس الوصف العنصري للسيد جلالي فإيران اليوم وبحدودها الجغرافية الحالية هي «حديثة التكوين سياسيا» إذ ان إمبراطورية فارس أكبر من إيران الحالية بـ 7 مرات.
[email protected]