عندما يصدر حكم قضائي نعتقد انه يمس حريتنا أو اعتقادنا او ما نؤمن به، علينا ألا نجزع وألا نغضب أو حتى نتأفف، ففي النهاية القضاء هو ملاذنا الأخير في هذا البلد، ومن خلال تجربتي الشخصية مع القضاء، او حتى العملية طوال 10 سنوات كمسؤول عن الأخبار الأمنية في الصحيفة، أعلم يقينا ان القضاء حصن للعدل ولم يجامل الحكومة يوما حتى في قضايا الإرهاب، وكانت أحكام رجاله على درجة من العدل يجب معها على كل مواطن ومقيم ان يحمد الله على انه يستظل تحت مظلة القضاء الكويتي، وهنا لا أكرر جمل المحامين وكلاشيهاتهم عندما تصدر أحكام لصالح موكليهم كقولهم «حكم عادل يسطر بماء الذهب» و«قضاؤنا النزيه الشامخ»، ولكنني أروي واقعا أعيشه وأعرفه جيدا، فالقضاء في الكويت يجب ألا نتبعه بصفة «نزيه» أو «عادل» لأن العدل والنزاهة وجهان من أوجه القضاء المتعددة ويجب الا نصف الشيء بما هو فيه أصلا.
وكنت أعلم يقينا ان القضاء سينصف الفضالة والجاسم في النهاية، وهذا ما أكدت عليه في جميع مقالاتي التي تناولت فيها قضيتي المحامي محمد عبدالقادر الجاسم وأمين عام التحالف الوطني خالد الفضالة، اللذين وعلى الرغم من تعاطفي الشديد معهما بل وإيماني بأنهما ضحيتان للواقع السياسي الجديد، إلا انني كنت أرفض توجيه اصبع إشارة واحدة الى الأحكام القضائية الصادرة ضدهما او الإشارة ولو من بعيد، الى اي حكم بالسجن ضدهما، فحكم أول درجة جاء ضدهما بناء على أوراق ومذكرات دفاع مقدمة من الشاكي والمشكو في حقهما وعليه حكم القاضي بما وجد أمامه من أوراق لا بهواه أو بضغط أو بتوجيه أو مجاملة لأحد، وكذلك جاء حكم «الاستئناف» بعد ان استجدت أمام هيئة المحكمة أوراق أخرى، فحكم ببراءة الجاسم والاكتفاء بعشرة أيام سجنا للفضالة.
أبارك لمحمد عبدالقادر الجاسم على البراءة، وأبارك لخالد الفضالة، وإلى حكومتنا الموقرة أقول: سقف الحرية في الكويت ارتفع الى حد نعجز نحن أصلا ككتاب أو ناشطين سياسيين عن ان نطاوله، ولن تستطيعوا لا أنتم ولا 100 من مستشاريكم ان تخفضوا ارتفاع السقف ملليمترا واحدا، وسنتحدث ونكشف ونفاخر بحريتنا عبر كشف جميع المتجاوزين، ونقبل بل نفخر بأن يكون القضاء هو صاحب كلمة الفصل بيننا وبينكم.
[email protected]