في بلد يسجن رجال أمنها لأنهم أدوا واجبهم، ويتم اطلاق سراح المجرمين بعدما ارتكبوا جرائمهم واعترفوا بها وبكامل تفاصيلها، هنا لابد ان تتوقف عقارب ساعة المساءلة السياسية لتشير الى وزير الداخلية وليس أي أحد آخر.
في حكاية رجال الأمن الذين تم سجنهم لأدائهم كامل واجبهم ولتطبيقهم القانون بحذافيره، أعود بكم الى ما قبل رمضان بأيام عندما سجن وكيل ضابط لمدة 10 أيام لأنه رفض ان يودع أفغانيا النظارة بعد ان اقتاده مجموعة من المواطنين الذين شكلوا فرقة أمنية غير رسمية وقاموا بإلقاء القبض عليه، وهذا الأمر لم يعجب القيادي في المنطقة وأمر بسجنه 10 أيام في سجن النزهة، قضى الوكيل 20 عاما في الداخلية لتتم مكافأته بهذه الطريقة المهينة، أما رجل الأمن الثاني وهو نقيب يعمل في أمن الجهراء فقد سجن بسبب صورته، والسبب ان وكيل وزارة الداخلية لم يعجبه ان يجد صورة الضابط منشورة في احدى الصحف فكان قرار الوكيل سجن النقيب 10 أيام ليتم ايداعه سجن النزهة.
على النقيض تماما تم اطلاق شقيقين ايرانيين، الأول اتهم بانتحال صفة طبيب وافتتاح عيادة له في الفروانية وألقي القبض عليه متلبسا واعترف، أما شقيقه فاتهم بحيازة وتعاطي مخدرات بعد العثور على قطعتي حشيش في عيادة شقيقه الطبيب المزيف، وتم نشر صورة الطبيب المزيف في جميع الصحف التي عنونت خبر القبض عليه في اليوم التالي «القبض على طبيب مزيف في الفروانية»، ومع هذا تم اطلاق سراح الطبيب المزيف وشقيقه بناء على كتاب استرحام.
ومنذ ان فجر مفاجأة اطلاق سراحهما النائب مسلم البراك، تم استدعاء وزير الداخلية للحضور الى لجنة التحقيق التي شكلتها لجنة الداخلية والدفاع في مجلس الأمة وحتى أمس لم يحضر الوزير أيا من اجتماعاتها.
هناك قانون انتهك، وهناك مجني عليهن، وهناك دلائل واعترافات ومع هذا خرج الطبيب المزيف وشقيقه كيف؟! لا أحد يستطيع ان يعلم او يعرف كيف مادامت لجنة التحقيق لم تبدأ بعد في تلك القضية وأعتقد انها لن تبدأ أبدا.
أما قضية الضابطين اللذين صدر أمر عسكري بسجنهما 3 أيام أمس، بعد ان سجلا قضية فعل فاضح ضد مواطنة وأردني، فمختلفة تماما، فما حصل، وإحقاقا للحق، ان سبب سجن الضابطين هو انهما لم يردا على مدير الأمن الذي حاول الاتصال بهما مرارا ليستفسر منهما عن القضية، والدليل ان القانون أخذ مجراه وتم احتجاز الأردني بتهمتي الفعل الفاضح والتعدي بالسب والقذف على الضابطين، كما تم تسجيل قضية ضد المواطنة، نعم لقد أدى الضابطان عملهما على أكمل وجه ويشكران عليه ولكنهما وكما هو واضح من التقارير التي أرفقت بالقضية، خالفا أمرا عسكريا مباشرا بضرورة ابلاغ مسؤولهما المباشر عن القضية، الأمر المهم هو انه كان يمكن ان يتم تنبيههما شفويا أو تأنيبهما بلفت نظريهما دون اللجوء الى السجن كحل وهو ما كنت أتمناه فعلا رغم نقلي لكامل الحقيقة.
[email protected]