كل ما أريده من وزير التجارة أحمد الهارون أن يلقي بجميع دراسات وزارته التي أجريت حول ظاهرة غلاء الأسعار في أقرب حاوية، وأن يحرق جميع التقارير التي قدمها إليه قياديو وزارته، وأن يمزق جميع الصحف التي نشرت تصريحاته وتصريحات قيادييه حول نية وزارته محاربة غلاء الأسعار، فكل الدراسات والتقارير والتصريحات حول تلك الظاهرة لا تساوي كيلو طماط على أرض الواقع.
وسأقدم للهارون درسا عمليا يمكنه من أن يعرف أن وحش الغلاء أصبح حاضرا يترصد جيوب المواطنين والوافدين في كل رف من أرفف الجمعيات ويطل برأسه في كل سوق ويضع قدما على قدم في كل بقالة، بل ويتغدى ويتعشى على «سُفر» الفقراء الذين لا تدري وزارته «عن هوا دارهم».
الدرس هو أن أقدم للوزير الهارون قائمة مشترياتي الأسبوعية، وهي بالمناسبة ليست بالطويلة ولا بالقصيرة ولكنها «تترس» ثلاجة 17 قدما، وعلى الوزير أن يذهب ويشتري كل ما ورد في القائمة من جمعية محافظة الجهراء ثم يختار جمعية عشوائية في محافظة العاصمة ويشتري ما ورد في القائمة، ثم يتوجه إلى جمعية يختارها عشوائيا ايضا في محافظة حولي وبعدها الفروانية وسيجد أن الفارق بين سعر ذات المشتريات الواردة في ذات القائمة يختلف بين جمعية وأخرى بنسب لا تقل عن 20%، وهذا الدرس سيثبت للوزير بما لا يدع مجالا للشك أن الجمعيات تتلاعب بالاسعار دون أي مبرر فذات المشتريات التي سيقوم بشرائها من جمعية (أ) سيجد أنها تكلف 90 دينارا وذات المشتريات ستكلفه 75 دينارا في الجمعية (ب) بينما ـ يا سبحان الله ـ ذات المشتريات و«اختها الخالق الناطق» يمكن أن يشتريها من الجمعية (ج) بـ 65 دينارا، فالفرق ليس دينارا ولا حتى 10 دنانير بل يصل الى 25 دينارا، وسيكلف هذا الدرس العملي الحي الوزير ما بين 250 و350 لشراء قائمة مشترياتي من 4 جمعيات، وهو مبلغ أقل بكثير مما تكلفه اللجنة التي شكلها لدراسة فروق الاسعار، والتي نال عنها الاعضاء مكافآت بالآلاف وفي النهاية كتبوا تقريرا لا يساوي نصف كيلو طماط على أرض الواقع.
دعوت سابقا وزير التجارة لأن ينزل الجمعيات ويقوم بشراء حاجياته بنفسه، وها أنا أدعوه مرة أخرى ليمارس دوره الحقيقي ويفعل واجبه بالمسؤولية على أكمل وجه، أما التصريح والدراسات وطلب التقارير فمن الواقع الذي اعرفه ليست سوى مجرد مضيعة للوقت والجهد والمال وحقوق خلق الله التي ينهبها التجار «على عينك يا وزير».
تقولون ان لديكم 17 قرارا لكبح جماح الاسعار، وأبشركم بل وأزف إليكم البشرى بأن أحدا لم يهتم لقراراتكم الـ 17 ولم يرف رمش أصغر موظف في أي من شركات الاغذية، لأنهم يعلمون يقينا أنكم تقولون فقط، وأما الفعل فبعيد عنكم كبعد الزبيدي عن موائد كثير من الكويتيين، واذا كنت تجرؤ فعليك أن تستفسر ولو من باب «بلاغة شف» والعلم بالشيء عن سر ارتفاع الزبيدي وسر تعطيل دخول الشحنات الى الميناء من الاسماك!
[email protected]