حكومتنا من أطيب الحكومات على كوكب الارض، والطيبة لا تعني بأي حال من الاحوال انها حكومة «زينة» او حكومة «فاعلة» بل «طيبة» تشبه طيبة الجدات، عاطفية الى اقصى حد، تقدم قلبها على عقلها بـ 35 سنة ضوئية وشهرين.
طيبة الجدات التي تتميز بها الحكومة تجعلها تعامل شعبها كأبناء لها او احفاد، ترعاهم تراقبهم تغضب منهم، صحيح انها لا تقتل ايا منهم في حال غضبها ولكنها اما تحرمه من المصروف او تحبسه في غرفته لـ 10 ايام وتمنع عنه العشاء، وتغضب ايما غضب اذا انتقدها احد من ابنائها او احفادها الى درجة انها يمكن ان تصفه بأبشع النعوت ولكن سرعان ما تتراجع عن وصفها وتقول: «الله يسامحك يا وليدي».
وفي بلد يسعى للتحول الى المفهوم الحقيقي لدولة المؤسسات لا يوجد شيء اسمه التعامل مع افراد الشعب كأبناء او كأحفاد، ولا يوجد في قواميس السياسة ما يقول ان الحكومة «ام حانية» او «جدة رؤوفة» وبقية الشعب اطفال ينتظرون حنية او رأفة من أحد.
«حكومتنا الجدة» او «جدتنا الحكومة»، ادام الله ظلها وظل طيبتها، تحولت بطريقتها تلك الى وصية على كل شيء، وتستميل ابناء ضد ابناء، وتفرق بين احفادها في سبيل ان تثبت طيبتها وتصم كل خارج عن طوعها بأنه يريد شق وحدة الطيبة الوطنية وانها مستعدة لان تحرم اياً من ابنائها «المارقين» من «الميراث» ايا كان هذا الميراث.
الحكومة عليها ان تنزع عباءة تصرفات الجدة عنها وتبدأ بممارسة دورها كسلطة تنفيذية حقيقية وتبتعد عن مفهوم انها راعية الشعب وحامية حماه، فالقوانين المسنونة المنظمة والدستور حددت المسافات الفاصلة بين افراد الشعب وبين السلطات الثلاث وبين الحقوق والواجبات، ولسنا بحاجة لـ «جدة حكومية» او «حكومة جدة» لتخبرنا عن حقوقنا وواجباتنا كلما استجد امر ما او طرأت قضية، القانون واضح والدستور اشد وضوحا.
الحكومة عليها ان تتخلى عن مفهوم الرعاية الحنونة للشعب وتلتفت للتنمية الحقيقية للبلد وان تقوم بدورها الحقيقي كسلطة تنفيذية وتبدأ التحرك كحكومة فعل لا حكومة ردة فعل عاطفية. ونصيحة اخوية و«حبية» لوزير الدولة لشؤون مجلس الوزراء روضان الروضان، هناك فارق كبير بين التصريح الثقيل والتصريح الذي يقصد به استدرار عطف الآخرين، فعندما يُنتقد نائب رئيس مجلس الوزراء الشيخ جابر المبارك على لسان احدهم مهما قسا النقد يبقى نقدا، وان كنتم تعتقدون في الحكومة ان هذا الامر يعد تطاولا ـ كما وصفتموه ـ فعليكم اللجوء إلى القضاء لا التصريح «الاستدراري».
والشيخ جابر المبارك ليس بحاجة لمثل هذا النوع من التصريحات، ويكفي انه ملأ المكان الذي شغله بشكل يمنعنا حتى من انتقاده الآن على الأقل، لاننا نعلم انه رجل يدير الحكومة بشكل مؤسساتي حقيقي، ولا يديرها بطريقة الجدات.
[email protected]