ما يثير الاستغراب في خزينة الدولة انها لا تتأوه ولا تقول «أي.. أم» الا اذا كان المبلغ الذي سيخرج منها سيذهب الى الفقراء على شكل زيادة 50 دينارا، ولكن عندما يخرج مليار دولار منها لـ «متنفذ» تجدها تفتح ابوابها باسمة على وقع جملة «افتح يا سمسم» الحكومية، بل وربما تقهقه خزينتها حتى تسقط على «قفاها» وتفتح ابوابها على مصراعيها وكأنها تسأل المتنفذ «كم تريد؟! 100 مليون؟! 200 مليون؟! 300 مليون وأكثر؟! خذ يا سيدي واغرف» اما عندما يخرج للفقير 50 دينارا يتسابق فرسان حماة المال العام الذين لا يسلون سيوفهم الا في وجوه الفقراء ويحذرون بجمل سخيفة «العجز المالي قادم» هذا العجز الذي لا يصيب خزينتنا الا عندما يكون للفقير ابن الفقير نصيب فيها، وتتحول الخزينة الى عجوز شمطاء بالكاد تسير وكأنني أراها بعين واحدة، و«ضرس واحد» تلوك في فمها جملة «ما عندنا فلوس للفقارا» بيننما الخزينة ذاتها تتحول التى حسناء افروديتية خارقة الجمال امام صرف مئات الملايين بل المليار لـ «چم نغر» ممن لا تستطيع الحكومة ان تقول لهم «ثلث الثلاثة كام»، وتجدها تتزين وتتمخطر بل وتهز اطايب جسدها لعيون «هالچم نفر» اما عيون الفقراء فليصبها رمد الفقر اكثر وليضربها عمي الدين ولتصبها الف كدمة وكدمة جراء القروض فلا بأس.. الفقارا متعودين».
الحكومة وفي محاولاتها لرد زيادة الـ 50 دينارا، قالت لنا وعبر اكثر من «مصدر» تحدث للصحافة ان هذه الـ 50 ستخرج من جسد الحكومة كما تخرج المنشزة من الصوف، ولكن عندما خرجت مئات الملايين لجيوب منتفخة اصلا خرجت تلك الملايين «المتلتلة» كما تخرج الشعرة من العجين!
تلك الخزينة التي لا يعرف ارقامها السرية سوى «المنتفخة جيوبهم».. ولا يدل طريقها بل لا يشم ريحها الفقراء الا «بطلعة الروح».
اعلم يقينا ان الخزينة ستتأثر بخروج 911 مليون دينار لزيادة الـ 50 وكادر المعلمين وسيضربها زلزال مالي بقوة 3 الى 4 ريختر، ولكن ما بال مقياس ريختر الكويتي لم يهتز والمليارات تخرج منها تارة على مشاريع لم تظهر بعد وتارة على تاجر «خسر في البورصة» وتارة اخرى على شكل محفظة مليارية تدار لأجل خاطر فلان وعلان، واما «السلاتيح» الفقراء فلا عزاء لهم.
الحكومة وبكيلها بمكيالين في مدة يمينها ماليا، كأنها تقول: لن يسقط الاقتصاد الكويتي سوى الباحثين عن الـ 50 والمعلمين من مستحقي الكادر، وبما ان الحكومة ترى ان افلاس الخزينة لن يتسبب فيه سوى الفقراء فلماذا لا تحاربهم؟!
عفوا، ولكن الحكومة فعلا تحارب الفقراء، فأي زيادة لهم يمكن ان تستحضر الجن الازرق والاصفر والاحمر من اجل الا تقر تلك الزيادة حتى وان ختمت دستوريا قبل اسبوعين بإجماع نيابي، واصبحت في حكم النافذة، الحكومة تحارب الفقراء بل وتتلذذ بمحاربتهم، كيف لا وهي تصمت صمت ابي الهول عن الزيادات المصطنعة في الاسعار. مهلا، أليست الزيادة المصطنعة مصدرها التجار انفسهم الذين تنقذهم الحكومة بملاييننا كلما «توهقوا». هنا هي لا تحارب الفقراء فقط، بل تشجع التجار على سرقتهم وتغض الطرف عن زياداتهم المصطنعة التي تضرب جيوب المساكين وتلتهم ماتحويه محافظهم حتى آخر 100 فلس، ولا تكتفي بتشجيع التجار على ذلك، بل وفي حال ـ لا سمح الله ـ سقط اولئك التجار المقربون منها تهب لنجدته، وتأمر فرسان الخزينة بالتماس جميع الاعذار الممكنة، وغير الممكنة من اجل صرف «كام مائة مليون» له وهم الفرسان ذاتهم الذين عندما اقرت زيادة الـ 50 دينارا صقلوا سيوف حميتهم للدفاع عن الخزينة وكشرت الحكومة معهم عن انياب الرفض وكأنها تقول للفقير «مش بوزك» وترمق تاجرها بنظرة طلب الرضا قائلة: «هل تريد المزيد يا عزيزي؟!».
العدالة هي اصل الملك، ولا ارى عدلا في تعامل الحكومة مع الشعب، وان كنتم ترون هذا العدل فأنا لا أراه، ولا اريد ان أراه، القضية ليست قضية مال عام وهدر في الميزانية، بل قضية مبدأ، اما ان تغلق «حنفية» الصرف على الجميع الكبير قبل الصغير واما أن تفتح للكل.
توضيح الواضح: سمو رئيس الوزراء الشيخ ناصر المحمد، كما دفعتم لمن دفعتم الملايين لإنقاذ الاقتصاد الوطني دون تصويت دستوري، الاولى، اقول الاولى والأوجب دفع ما هو مستحق للفقراء من ابناء الشعب خاصة ان زيادة الـ 50 اقرت دستوريا وبإجماع كاسح، مررنا لكم من غير دستور، هالمرة مرروا لنا ما اقر بالدستور.
[email protected]