العقيد معمر محمد عبدالسلام ابومناير القذافي، سأفترض فيك الانسانية او بواق لها او حتى رائحة منها بين طيات جنون الاربعين عاما التي حكمت فيها ليبيا بالحديد والنار، كما سأفترض ان نيران الثوار بالاضافة الى قصف الناتو قد اعادوا اليك شيئا من رشدك الذي اضاعه غيك وتماديك وغطرستك التي صورتك مخلصا للبشرية في بعض من لمحات تصريحاتك التي اطلقتها طوال مدة حكمك.
لست ليبيا ولم اعرف ليبيا الا بعد ان اعاد رسم خارطتها الثوار الابرار الذين شبوا عن طوق جنون حكمك وارتضوا طريق العقل سبيلا حتى ولو ادى بهم الى التهلكة، فأعادوا تنشيط معلوماتنا الجغرافية عن الحبيبة ليبيا وعرفنا مصراته واجدابيا واخوتها من مدن وقرى ليبيا التي غيبها حكمك عنا لأكثر من 4 عقود قتلت خلالها كل ما هو جميل في ليبيا عمر المختار واحلتها الى ليبيا القذافي التي لا نعرفها ولا نريد ان نعرفها، بل ان الامر وصل بنا الى حد كراهيتها في بعض الاوقات، ولا نلام اذا كان الليبيون انفسهم كرهوا حتى اسم بلدهم خاصة اذا ما قرن بـ «الجماهيرية» التي اخترعتها وابتدعتها، واجزم بأن بدعة «الجماهيرية».. في النار مثلها كمثل عشرات البدع التي نطق بها لسانك وخطها قلمك في رواياتك وكتبك التي لا تساوي في «سوق الفجالة» فلسا، ولا تقيم في سوق الادب سوى انها هراء شخص لوث السلطة فلوثت عقله.
أخاطب الجزء الغائب البعيد في شخصيتك، الانسانية، انسحابك، تنحيك، هروبك، نفيك، ايا كان المسمى الذي ستخرج به من ليبيا، وأيا كانت الوسيلة التي ستزيل ثقل حكمك من فوق كواهل الليبيين، فستكون افضل لك، لا اعرف كيف، ولكن اعتقد ان رحيلك سيكون افضل لك من تنقلك من مستشفى الى مستشفى هربا من قصف قوات الناتو، فلا اتصور ان «أنفة» و«كبرياء» كان حتى 3 اشهر مضت قائدا مهابا يتنقل بين اروقة المستشفيات وغرف الطوارئ كأنه مراجع كويتي اضاع بطاقته المدنية وظل «يحوس» بحثا عن مستشفى يقبل بعلاجه. يقال ان «العظمة قرينة الجنون»، ولك من الثانية نصيب كبير ولم يطلك من الاولى الا الشكل الاستعراضي الذي اختطيته لنفسك.
هل تعرف كيف سيصفك التاريخ مستقبلا؟ سأختصرها لك بجملة واحدة وكأنني أقرأها في كتاب ليبيا الحديثة بعد رحيلك بسنوات «حكم الاستعمار الايطالي ليبيا منذ العام 1911 وحتى 1951، وبعدها حكم الملك السنوسي ليبيا الموحدة حتى العام 1969، ومنذ العام 1969 حتى اليوم وقعت ليبيا تحت استعمار الحكم القذافي الذي كاد يحيلها الى بلد خارج منطق نطاق الكرة الارضية».
صدقني، المؤرخون لن يفكروا حتى بضمك الى قائمة اعتى طغاة العالم، كأدولف هتلر «صاحب حلم المانيا فوق الجميع»، ولن تكون كموسوليني «الحالم بعودة الامبراطورية الرومانية»، ولا حتى كستالين «حامي حمى الثورة البلشفية»، ولن تكون حتى كعيدي أمين، فهؤلاء الطغاة وغيرهم كانوا وان تجردوا من انسانيتهم عقلاء لم يؤلفوا كتابا اخضر يتحدث عن الدجاج ولا تفسير الفرق بين الانثى والمرأة، سيذكرك التاريخ، ربما سيذكرك باسم «المهرج الطاغية»، ولا تلمني فخطاباتك الاخيرة ليست بخطابات رجل متزن ناهيك عن ان تصلح كخطابات قائد، طاغية كان ام عادلا. كتبت ما كتبته وانا اعلم انه لن يصلك مني حرف واحد، ولكن هي رسالة في زجاجة القيها في بحر الكتابة ربما تصل احدا ما، وادعو الله سبحانه وتعالى ان يرفع عن اشقائنا في ليبيا ويعجل بفرجهم بخروجك قريبا، بأي شكل كان، فلم تعد ليبيا تحتملك يوما واحدا.
[email protected]