ذعار الرشيدي
تحول المشهد السياسي في الكويت ومنذ ما يقرب من 10 سنوات إلى ما يشبه اللوحة السريالية التي يفسرها كل فرد حسب مفهومه ونظرته للأشياء، إلى درجة انه يمكنك أن تقف أمام لوحة ما وتدعي فهمها بل وتقنع الآخرين بوجهة نظرك رغم أنك لم تفهمها وهم لم يفهموا خطا واحدا منها ورسامها نفسه لا يفهمها وربما يمكن للرسام أن يقتنع بوجهة نظرك التي أطلقتها تخمينا حول لوحته قائلا لك «براڤو هذا ما كنت أعنيه في لوحتي» بينما في قرارة نفسه يقول «شلون فهم شيء إذا أنا أصلا مو فاهمها».
واللوحة السياسية في الكويت تجعل أي مراقب لها يقف حائرا أمامها فمع شدة تداخل خطوطها لا يعرف من أين يبدأ ولا من أين ينتهي ولا «مين تبع مين ؟»، وأبرز دليل على ذلك أن زيادة الخمسين كانت بالأمس سببا في الصدام واليوم هي سبب في الوئام .
50 نائبا بـ50 وجهة نظر لأن التفكير الفردي يحكم غالبا في التعاطي مع الشأن السياسي هنا، ولا تأتي موافقات الأغلبية إلا لسببين، لا أكثر، اما أن التصويت جاء على قانون شعبي ويصوت الغالبية تحت شعار «يا ويل اللي ما يصوت» أو لتحالفات اليوم السابق للتصويت على القانون وهو ما يعرف بتحالفات اللحظة الأخيرة وربما جاءت تلك التحالفات في ذات اليوم وفي نفس الجلسة و«مشي حالك»، أولم يصوتوا على قانون تحديد عمل المرأة في الساعة الثامنة وبعدها بيوم قالوا «ما درينا»؟!
الدوائر الخمس والـ25 وحل ولا حل ومصلحة خاصة واخرى عامة واطراف متصارعة ومال سياسي وتحالفات معلنة وأخرى غير معلنة ووثيقة دواوين ووثيقة ضد الدواوين ووثيقة أخرى مضادة للأخيرة وصراع سياسي غير واضح الأهداف تحت شعار «شيل أبوك وحط أبوك» ونواب حكوميون وآخرون معارضة ونائب مع ونائب ضد ونائب ضد المع وآخر مع الضد ونائب ضد نفسه، وتيارات تنشأ واخرى تتفكك وأخرى تندمج أو تتحالف، وكتل تتكتل وأخرى تنحل أو تتقلص وكل ذلك في ضربة فرشاة زمنية لا تتعدى الشهرين في وجه لوحتنا السياسية.
البلد أصبح تماما كتاكسي برتقالي قديم يسير بسرعة 120 كيلومترا في الساعة بلا «بيمة» ولا فرامل وبماكينة نص عمر «مجفدة 4 مرات»، على طريق مظلم يحمل بداخله 7 ركاب، كل منهم يريد الوصول إلى 3 جهات مختلفة دون ان يعرف لماذا هذه الجهات بالذات، اضافة الى ان اللي قاعد ورا يبي يقعد جدام واللي قاعد بالوسط يبي يقعد جنب الدريشة واللي قاعد يم الدريشة يبي يسوق، والسواق لم يحصل على اجرة التوصيل من أي من هؤلاء السبعة وهو يفكر جديا «راح أدعم أقرب شبة وافتك منهم ومن حنتهم».