ذعار الرشيدي
أخطر وأسوأ أنواع التركات هي تركات الوزارات لدينا، فما أن يأتي وزير جديد فرح بـ «بشته المقصب» الا ويفاجأ منذ أول يوم له أنه ورث تلة من الرمال المتحركة التي لا تهدأ ولا تتوقف وكأنه يقف فوق بطن ثعبان يتلوى بعد أن ابتلع أرنبا يزن 3 كيلوغرامات، حراك لا يقوى معه الوزير الجديد على الوقوف بشكل مستقيم ولو لثوان، فما أن يعدل قدما حتى تزل الأخرى.
الوزير ما أن ينتهي من اجتماع مع قياديي وزارته وبعد أن أمطروه بوابل من الطمأنات بأن كل شيء على ما يرام وتمام التمام، حتى يفاجأ في اليوم التالي بهجوم صحافي من جبهة فتحها عليه أحد قيادي الوزارة على طريقة المرحوم «بروتوس».
في اليوم الثاني يأتي الوزير بحثا عن ذلك القيادي، ويتمكن من اكتشافه بل ومعرفة كل ما فعله لأن قياديا آخر قرر أن يتحول إلى عصفورة تبلغه بكل شيء، وبين العصفورة وبروتوس يأتي قيادي ثالث ورابع وخامس وسادس وسادس عشر وكل منهم وراءه ألف علة وعلة فكل منهم يأتي مستندا على ظهر قبلي أو حزبي أو طائفي أو فئوي أو حتى «من فوق».
في اليوم الثالث يبدأ الوزير محاولة إعادة ترتيب رقعة شطرنج وزارته، فلا يتمكن إلا من شيء واحد وهو تحريك البيادق أما الفيلان والحصانان والقلعتان فيصعب عليه تحريكها إلا في أضيق الحدود، أما وزير الشاه فهذا مصيبة المصائب لا يستطيع تحريكه وإلا كانت نهاية لعبته الوزارية قبل أن تبدأ و «يموت الشاه».
في اليوم الرابع يكون أمام الوزير الشاه ثلاثة مسارات شطرنجية إما أن يترك «القرعة ترعة» وهو أسهل الطرق وأيسرها وأكثرها أمنا تاركا القطع تتحرك لوحدها، أو أن يبدأ الإصلاح بالتضحية بالبيادق أي القياديين الأقل مرتبة، وإما أن يعيد اختراع الشطرنج، أو بمعنى أصح يعيد تشكيل قوانين اللعبة بناء على احتياجات البلد وينسف كل شيء فلا وزير ولا بيدق ولا حصان أو قلعة، ويبدأ بتطبيق القرارات الإصلاحية دون الالتفات إلى صيحات الاستهجان القبلية والحزبية والفئوية والطائفية وهذا المستحيل بعينه.
غير أن معظم الوزراء وعلى مر تاريخ الحكومات الكويتية كانوا يفضلون الطريق الأسهل، قلة من الوزراء هم الذين غيروا رقع شطرنج وزاراتهم، وقلة تعد على أصابع اليد الواحدة هم من تمكنوا من اختراق حاجز المستحيلات الكويتية التي تسببت وعلى مدى عقود بجعلنا نعود إلى الوراء عاما بعد عام.
كلمة:
من أغرب ما رأيت: بيت مساحته 500 متر في الجهراء يقطنه أكثر من 60 آسيويا عازبا وسط منطقة سكن عائلية، ويضم بقالة غير مرخصة وحجرتي اتصالات دولية وألف داهية وداهية، ومع هذا ومنذ عامين لا أحد يتحرك لا بلدية ولا داخلية ولا تجارة ولا محافظة، وعاش الـ60 آسيويا ولتسقط حكومة جزر الأباطور.