ذعار الرشيدي
لله الحمد والمنة أن دولتنا من بين الدول القليلة في الشرق الأوسط التي تتمتع بأكبر قدر من الحرية، ولها برلمان منتخب وسلطاتها مفصولة ولها دستور وفيها قانون يطبق على الكبير والصغير ونتحدث عن «أكبرها وأسمنها» ولا نخشى شيئا، فلا زوار فجر ولا زوار «ضحى» ولا زوار بعد الظهر.
لدينا حرية في كل شيء ودواوين يناقش فيها كل شيء، وصحافة مستعدة لعرض كل شيء ومدونون يتفوقون على أكثر المدونين جرأة في العالم، لا نخشى أحدا، شعب يتنفس الحرية برئتين أكبر من رئتي الحوت الأزرق، صغيرنا يفطم على حليب الديموقراطية وكبيرنا يتناولها صباحا ومساء كـ«البقصم» وفتياتنا يخلطن كريم أساسهن بمرهم مواد الدستور.
كل هذا صحيح ولكن فقط على المستوى النظري، أما على مستوى التطبيق فهناك ألف عائق وعائق يكذب ذلك لأننا في الحقيقة لسنا أكثر من شعب «يكشخ» بديموقراطيته على خلق الله من الجيران.
فإذا كنا ديموقراطيين نعشق القانون ، فمن أين جاءت تلال الفساد التي غطت وجه بلدنا بـ«دمامل» شوهت وجهه الجميل النظر، ومن أين يأتي المتنفذون القادرون على جلب عمالة بالآلاف تحت ما يسمى بعقود العمل الحكومية دون أن يتمكن أحد من إيقافهم أو حتى تحويلهم إلى النيابة، كيف نتحول إلى بلد يتاجر بالبشر كما وصفنا تقرير العم سام بسبب 4 أو 5 متنفذين أدخلوا الى ذمتهم عشرات الآلاف تحت بند العقود الحكومية وغير الحكومية وبغطاء ألف شركة وهمية تولد وتنتهي حالما تباع بطاقات الإقامات التي تباع لعمال مساكين بأكثر من 3000 دولار للبطاقة الواحدة جاء بهم حلمهم وحظهم السيئ إلى بلدنا؟ ومع هذا لا نجد من الوزارات المعنية سوى أنها ستبحث وستنظر وستعالج وستتقصى «وما أكثر لجان التقصي في هذا البلد»، ولا نجد من أعضاء مجلس الأمة سوى أنهم سيتحدثون وسيفضحون وسيكشفون وسيعلقون المشانق وسيبنون ألف مقصلة ومقصلة «وياويلكم يا سواد ليلكم يا تجار الإقامات» اسطوانة عمرها الآن بلغ 15 عاما، مللناها ومللنا تكرارها على مسامعنا حتى صارت كأنها نشيد وطني مواز.
بلد الحرية الديموقراطية أشبه بمواطن اشترى جيب رينج روفر سبورت بأكثر من 20 ألف دينار، ولكنه لا يملك ربع دينار في جيبه ومع هذا يقوم بركنه أمام باب منزله ليري جيرانه أنه يمتلك هذا الموتر الكشخة .
نعم نحن نكشخ برينج روفر الديموقراطية ولكننا لا نملك ربع دينار لنملأ به خزان وقوده لننــطلق به لـ «نقز» على شارع الحب ولو لفتين.