ذعار الرشيدي
كلما زادت السلبية في مجتمع، زادت فرص اقترابه من الموت، وارتفع شعار «أنا مالي شغل» وجملة «أنا شكو... نار تاكل حطبها» أو كما يقول إخواننا في الشام «فخار يكسر بعضه» كلما اهتزت أركان المجتمع.
السلبية تعني أنك تعزل نفسك بنفسك عن المجتمع وتقرر أن تكون رقما بدلا من أن تكون فردا فاعلا في مجتمعك، صحيح أن شعار «اهتم بشؤون نفسك... ودع الآخرين عنك» سليم إلى حد ما، ولكن هذا لا يعني أن نكون سلبيين تجاه قضايا مصيرية.
أغلب المواطنين للأسف ينتظرون نتائج المعارك السياسية التي تدور رحى أغلبها حول أمور تمسهم شخصيا، فزيادة الرواتب وزيادة الخمسين واكتتاب «الثالثة» ورفع سن التقاعد وخفضه وزيادة الاستقطاع ومشاريع الاسكان والتعليم والصحة والغلاء تمسنا جميعا فردا فردا، ولكن الغالبية للأسف يكتفون بدور المتفرج، وكأنهم في مدرجات مصارعة حرة «محسومة النتائج سلفا بعد اتفاق الطرفين».
السلبية هي أن تقف موقف المتفرج من كل ما يدور حولك رغم انه يعنيك ويمسك ويضع يده في جيبك ويفتش محفظتك ويعد دنانيرك أمام عينيك.
أدعو جميع الأخوة المواطنين إلى الانتقال من ضفة السلبية إلى ضفة الإيجابية، من خانة «طنش تعش» إلى خانة «لا حياة بلا تفاعل».
وبلا فلسفة، فما عليكم فعله هو انه عند حدوث أي معركة سياسية، يقوم الشخص بالاتصال بممثل منطقته من أعضاء مجلس الأمة ودعوته إلى ديوانيته لسماع رأيه ومناقشته، ألم نوصّله إلى الكرسي الأخضر؟، حسنا من حقنا أن نطالب بحق أصواتنا وأن يأتي لتتم مناقشته، وأن يقوم أصحاب الديوانيات العامرة التي ما شاء الله أصبحت أكثر من أكشاك التبرعات الرمضانية، بعقد لقاء أسبوعي مع أحد أعضاء مجلس الأمة، ليس لمجرد «حبة خشم» و«فنجان قهوة» و«عشاء على شرف» أو لزوم التصوير والترويج الاجتماعي، بل من أجل إحضار النائب ومناقشته نقاشا يوجب عليه تفصيل وجهة نظره أمام الحضور في القضية السياسية المنظورة حاليا، سواء كانت تجارة إقامات أو غلاء أو رواتب أو صحة أو استجواب.
ونحو إثبات أننا لا نزال شعبا يعشق الحياة لابد أن نقوم بتحويل الديوانيات، من واجهة اجتماعية إلى نقطة انطلاق سياسية ومجلس أمة مصغر يطلب حضور العضو ويناقشه ويستجوبه، و«لو كان بطل» فليرفض لأن الصناديق قريبا، وقريبا جدا ستفتح لاستقبال أصوات الناخبين.
وأما حكاية «قريبا» فأعتقد أن مجلس الأمة الحالي سيكمل حتى بداية صيف 2010، حيث تكون الخطوط الرئيسية للعامين المقبلين كالتالي: دور انعقاد جديد، وبداية شد وجذب بين الكتل السياسية أولا، ومشروع استجوابين، سينتهي هذا العام إلى استجواب واحد على الأقل، ينتهي بتدوير محدود جدا في أول يناير من العام القادم 2009.
ثم تظهر قضية جديدة يبدأ الشد والجذب فيها حتى الوصول إلى جلسات اعتماد الميزانية، وصيف ملتهب سياسيا لقضيتين سياسيتين أخريين ثم استجوابين على الأقل، مع بروز حدث سياسي كبير، تستمر آثاره حتى نهاية 2009، وإذا لم يؤد الحدث السياسي الكبير إلى الحل قبل نهاية العام، فسينطلق قطار أحد الاستجوابين اللذين عرضا صيف 2009 في يناير 2010، ويستمر السجال وينتهي الاستجواب إلى تدوير بسيط جدا كما العام 2009، وبعدها تظهر قضية سياسية أبسط من أن تذكر ويأتي بعدها كتاب عدم التعاون وبعدها الحل لندخل انتخابات جديدة بداية مع صيف 2010 وتزامنا مع كأس العالم، ونصف الشعب سيشجع البرازيل والنصف الآخر الأرجنتين وسيراهن الجميع على أن مصر ستكون هي الحصان الأسود في المونديال.
ونعود كما بدأنا، ليأتي لي من يقول: «يا أخي وش لك بهالطلايب... خلك سلبي» وأعتقد وقتها أنه سيكون على حق.