ذعار الرشيدي
البيروقراطية هي حكم المكاتب، او الروتين الحكومي، او بالاصح هي الدورة المكتبية الروتينية المملة التي تجبرك كشخص مراجع على ان تلف «كعب داير» من اجل ان تحصل على ورقة رسمية صغيرة، ويستلزمك الامر لاستخراجها خمسين توقيعا وثلاثمائة كيلومتر تقضيها جيئة وذهابا بين 5 دوائر حكومية، حتى ان اي شخص يمكنك ان تسأله عن اكثر شيء يكرهه في الكويت يقول لك «مراجعة اي ادارة حكومية».
ونحن في الكويت – ولله الحمد والمنة – حتى البيروقراطية فشلنا في تطبيقها، فكثير من الاوراق الرسمية التي تصدرها جهات رسمية توجد جهات رسمية اخرى لا تعترف بها رغم انها قانونا صحيحة 100%، وحتى لا اذهب بعيدا سأتحدث عن ورقة التوكيل الرسمي العام التي تصدرها وزارة العدل للمواطنين والمقيمين التي نصدم بان اكثر من جهة في الكويت لا تعترف بها.
فعندما ذهب اخي الى جهاز الهيكلة لاضافة ابني الصغير وهو يحمل توكيلا رسميا عني وصادرا من وزارة العدل اخبروه بانهم لا يعترفون بالتوكيل الرسمي، ولابد من حضوري وكنت يومها في القاهرة، رغم ان التوكيل الممنوح لأخي يخوله ان يزوجني ويطلقني ويفتح باسمي 3 شركات وخمس مؤسسات ومحل تلفونات وبقالة لا ان يضيف ابني الصغير فقط، لكنهم ولسبب ما قرروا ألا يعترفوا به.
كنت اعتقد ان قرار جهاز الهيكلة قرار فريد ووحيد، ولكنني وجدته في اكثر من جهة رسمية في الكويت، ففي وزارة الشؤون يرفضون التوكيل الرسمي الصادر من وزارة العدل ويستبدلونه باختراع خاص بهم اسمه «التفويض» وهو تفويض خاص يسجل في وزارة الشؤون، وكأن جهاز الهيكلة ووزارة الشؤون من بلد ووزارة العدل من بلد آخر، رغم ان التوكيل الرسمي العام الصادر من العدل قانونا يخول الشخص الوكيل بالقيام بكل الاجراءات القانونية نيابة عن الموكل.
وبسؤالي لأحد المستشارين القانونيين «من الثقال الثقات» قال لي بالحرف الواحد: من حقك كمواطن ان تقوم برفع دعوى قضائية ضد أي جهة ترفض التوكيل الرسمي وستكسبها حتما لتعطيلها مصالحك التي كفلها القانون، وستتم محاسبة الجهة التي رفضت التوكيل.
وأضاف: هنا الجهة الرسمية التي رفضت التوكيل تماما كما لو انها رفضت حكما قضائيا نافذا، وهذه مخالفة قانونية صريحة وتستوجب محاسبة الجهة.
لم اقنع كثيرا وذهبت الى احدى الوزارات التي لا تعترف بالتوكيل وقالوا لي: لا يوجد قرار رسمي، فالقرارات تأتي شفوية.
الآن نحن امام معضلة لا حل لها سوى طريقين، إما ان تبلغنا تلك الجهات التي ذكرتها أو تلك التي لم اذكرها ولا تعترف بالتوكيل الرسمي بأنها ترفض الاعتراف بالتوكيل الرسمي العام الصادر عن وزارة العدل، او ان تتوقف وزارة العدل عن اصدار مثل هذا التوكيل.
هنا ألا تلاحظون اننا فشلنا حتى في البيروقراطية