ذعار الرشيدي
دواوين الاثنين عمرها الآن يقترب من الـ 22 عاما، وتعتبر أحد أهم المراحل في تاريخ الكويت السياسي المعاصر لأكثر من اعتبار، ورغم مرور 22 عاما على ولادتها إلا أنها لم توثق بشكل متكامل وأي حديث كان يدور عنها يبدأ بأسئلة مبتورة تلد إجابات بلا رأس.
وهو ما تصدى له الكاتب يوسف مبارك المباركي في كتابه الأخير «وقائع ووثائق دواوين الاثنين»، وحمل الكتاب بين دفتيه الفاخرتين تفصيلا لاجتماعات دواوين الاثنين بين عامي 1986 و1990، ولم يتدخل المباركي تعليقا سوى بفقرات الربط بين أجزاء الكتاب وفقراته، متخذا أسلوب التوثيق العلمي المحترف مع التعليق التوضيحي البسيط، فيما أعتقد انه كان محاولة منه لعدم المساس بأي من جوهر فكرة التوثيق تاركا الحكم للقراء، وهو أمر حيادي قل من يستخدمه كأسلوب في عالم تأدلج معظم كتابه.
واعترف بأنه من الصعب جدا أن تقوم بالتوثيق لفترة الأعوام الأربعة «عمر دواوين الاثنين» خاصة في ظل تعتيم إعلامي محلي كان يتسيده مقص رقيب وزارة الإعلام آنذاك، ما جعل من الصعب على أي باحث أن يجد أي شيء ذي قيمة حقيقة يتحدث عن تلك الفترة إبان كان رقيب الإعلام رئيس تحرير غير متوج للصحف الكويتية، وما قدمه المباركي يستحق فعلا وبلا مبالغة أن يطلق عليه جهد جبار.
المباركي لم يستخدم خلفيته المناطقية ولا الدينية ولا السياسية في عرض الكتاب الذي يوثق كامل ما حدث قبل وأثناء وبعد أحداث دواوين الاثنين التي كدنا ننساها، وطرح معظم أجزاء الكتاب كمضبطة تاريخية لما ورد على لسان المشاركين بها، دون المساس بأي شخص تطرقت إليه الوثائق التي أوردها، وأجمل ما في الكتاب هو عرض لا يعرفه الكثيرون لما تناقلته الصحافة الإقليمية والعربية والعالمية لأحداث دواوين الاثنين وماذا قالت عنا؟ وكيف رأتنا؟ وما هي أبرز تعليقاتها؟
الكتاب يستحق الاقتناء بل ويستحق أن يتحول إلى فيلم وثائقي، خاصة انه جمع صورا ضوئية لعدد كبير من البرقيات والمخاطبات الرسمية وصور الصحف التي تحدثت عن دواوين الاثنين، وذهب الكاتب إلى ربط تاريخي يبين كيف أدت حركة المطالبات الشعبية بعودة الدستور بالحكومة إلى المجلس الوطني «سيئ الذكر» وانتهاء إلى مؤتمر الطائف.
لم يجامل الكاتب اسما على حساب أحد آخر، رغم أنني أعتقد أن كتابا كهذا سيثير البعض فيما يخص النقل التاريخي، غير انني كمتابع حيادي لتلك الفترة أجد أن حيادية الكتاب بلغت نسبة قياسية قلما يصل إليها مؤرخ عربي.
الكتاب يجمع بين دفتيه جزءا من ذاكرة وطننا كاد يعلوها النسيان، ليأتي المباركي باحترافية عالية ويقوم بإعادتها إلينا لنعرف ما الذي حصل في تلك الفترة.
الأهم من هذا كله أن الكتاب يأتي في وقت حرج للغاية خاصة أننا نعيش هذه الأيام إرهاصات ما حدث قبل حل 1985.
سأحسن الظن وأقول إنها مصادفة لا أكثر
وشكرا للكاتب يوسف المباركي على كتابه القيم جدا