ذعار الرشيدي
الكويت التي أعرفها وأؤمن بها هي صوت اليامال المتداخل مع أصوات الهجيني.
كويتي التي أعرفها هي جمل تحملها أشعة الشمس الصباح متعاقبة على ألسنة «الشياب» في مقهى قصر وسط العاصمة تبدأ بـ «الله بالخير» مرروا بـ «يالله حيه» وانتهاء بـ «خوبم»، 3 لهجات بل ربما 13 لهجة تتصادم على كرسي القهوة الطويل الممتد على زاوية سوق الجت القديم، وحديث «الشيبان» يدور حول وضع البورصة المتدهور وأخبار الاكتتابات الجديدة مع نقاشات حول سعر صرف الريال والدولار ورواية طرائف عن السقوط المريع للسوق.
لم يقصر أو يطل عمر أحد من تداخل اللهجات، فبلدنا عاصمة من اللهجات وخليط من الأعراق التي تجانست حتى شكلت ثوب وطننا أو ما تعرفه الدراسات الاجتماعية اصطلاحا بـ «النسيج الاجتماعي».
قلت «سكر» أم «شكر» لا فرق، ما دمت لا تؤذي احدا، قلت شكر بفتح الشين والكاف أو بفتح الشين فقط فلن يموت أحد.
كويتي التي أعرفها لا تفرق بين واحد «يجتف» في صلاته وآخر لا «يجتف».
عندما قفزنا فرحا بهدف فيصل الدخيل 1982، ألغت فرحتنا جدل «يجتف وما يجتف» يومها لم نسأل من اين انت او من تقلد أو مع من ستصوم أو تفطر؟ بل اننا في تلك السنة لم نكن نعرف بقصة الاختلاف تلك.
في الثاني من أغسطس وضعنا كل اختلافاتنا جانبا واتفقنا على ان نكون متشابهين في كل شيء، ولو استمرت خلافاتنا لما عاد وطننا في السادس والعشرين.
لون عيني عسلي ولون عينيك أسود أو أخضر أو أزرق أو حتى كنت «كريم عين».. فأين المشكلة؟ اختلافاتنا لا يجب ان تكون سببا لخلافنا لابد أن نتعود على أننا مختلفون الأخ يختلف عن أخيه وهم أبناء رحم واحدة وبيت واحد ولسان واحد.
البشر كلهم مختلفون لا يوجد بشري يشبه الآخر حتى ولو قالوا يخلق من الشبه 1000.
الاختلاف لا يعني بالضرورة مشروع خلاف، أو سببا للصراع، غير انه وللأسف ان معظم الشباب في الكويت «اللي عنده شغل واللي ما عنده» يجدون ان الاختلاف هو قاعدة الانطلاق الرئيسية نحو الخلاف، رغم ان الأمر ليس اكثر من تناص لغوي.
أفطرتم الثلاثاء أم أفطرتم الأربعاء أو الخميس، أين المشكلة؟ لكل منا عالم يقتدي به ولنضعها برؤوس العلماء و«نطلع منها».
حضرت نقاشا حادا بين شخصين مختلفين اختارا الخلاف وسيلة للصراخ في الديوانية وكل منهما يدافع عن مذهبه رغم ان أيا منهما لا يحفظ ربع جزء عم فهذا يقول «أنتم كذا» والآخر يرد «بل أنتم كذا وكذا»، ووصل صراخهما السفسطائي الى حد الهستيريا، سألت أحدهما «فلان ألست متأخرا في دفع أقساط سيارتك لشهرين»، انتبه ثم اطرق قليلا قبل ان يقول: «نعم» قلت له «ادفع أقساطك في الأول وبعدها دافع عن معسكرك وشن حربك على من تشاء».