ذعار الرشيدي
حتى ولو كنت تمتلك أفضل أنواع أجهزة الدي في دي، فلابد أن يصيبها العطب مع إصرارك على تشغيل سيديهات منسوخة أو مقلدة مضروبة كالتي تباع على أرصفة أسواق المباركية أو حولي أو ناصية شارع الكندادراي، أفلام الدي في دي المنسوخة تخلو من الخيارات التي تمنحك فرصة لرؤية تفاصيل كثير من مشاهد الفيلم ناهيك عن أنها تخلو من خيارات الترجمة بلغتك وتخلو أيضا من خيارات تقديم وإيقاف الصورة في أحيان كثيرة، ربما كان من الأوفر عليك على المدى القصير أن تشتري نسخة فيلم مقلدة بدينار ولكنها على المدى الطويل ستتلف عدسة ليزر جهاز الدي في دي الخاص بك وتضطر لخسارة قيمة الجهاز التي تبلغ 80 دينارا.
النسخ المقلدة للأشياء تقتل الثوابت، حتى عندما تشتري قطعة غيار مقلدة لسيارتك فأنت تعرض سيارتك ذات العشرة آلاف دينار إلى خطر الحريق أو حدوث تلفيات قد تلحق في محرك سيارتك، ربما كانت القطعة المقلدة لا تكلف سدس قيمة قطعة الغيار الأصلية وعلى المدى القصير ستحل لك مشكلة قائمة ليوم أو ليومين وربما لثلاثة أسابيع وستوفر على ميزانيتك 3 دنانير أو حتى 100 دينار ولكنها في النهاية ستتلف ثوابت في سيارتك لتتكلف ما لا يقل عن 500 أو 1000 دينار ذلك إن لم تتسبب لك في حادث مروري مروع يقضي عليك أو يصيبك بإعاقة في حال خرجت كمصاب من الحادث ولم ينته بك الأمر متوفى وتسجل كرقم في إحصائية ضحايا المرور لدينا، أما في اضعف الأحوال فستتلف سيارتك بالكامل وتضطر للبحث عن 10 آلاف دينار أخرى لتشتري جديدة لأنك وبفكرة غبية قررت توفير حفنة من الدنانير لتشتري قطعة غيار مقلدة.
حتى عندما تقرر أن تجري تلبيسا للسيراميك في منزلك وتستعين بــ «عليمي» آسيوي مقابل 5 دنانير للمتر، بينما معلم السيراميك المحترف كان سيتقاضى منك 20 دينارا للمتر، فهنا أنت تكون قد وفرت 15 دينارا للمتر، ما يعني انك ستوفر على نفسك ما لا يقل عن 200 دينار، ولكن قطع السيراميك ستبدأ بعد شهر في التساقط فوق رأسك ورؤوس عائلتك بعد شهر لا أكثر، بينما كان يمكن أن تبقى قطع السيراميك بمحلها ورأسك ورؤوس عائلتك سلمية وفي مأمن لعشرين عاما فيما لو كنت استعنت بمعلم محترف.
الأمر لا ينسحب على أشرطة الدي في دي أو قطع غيار السيارات وقطع السيراميك بل يمكن أن ينسحب أيضا قياسا على كل الأمور الحياتية الأخرى، وخاصة السياسية، فعندما تستعين بـ «عليمي» سياسية وتقوم بترشيحه والتصويت له لأنه ابن عمك أو ابن منطقتك أو قبيلتك أو فئتك أو مذهبك وتترك محترفا حقيقيا هنا، أبشر بتساقط المصائب فوق رأس الوطن.
وعندما تستعين بسياسيين نصفهم «عليميين» معتمدا على نظام المحاصصة فبشر وطنك بكوارث لا نهاية لها وحرائق لا قبل لك بها، فكأنك هنا تستعين بمعلم سيراميك ليصلح لك محرك سيارتك، وتستعين بميكانيكي من الشويخ ليصلح لك جهاز الدي ڤي دي الخاص بك، وتماما كما لو أنك تستعين بنجار ليجري لك عملية جراحية عاجلة في دماغك.
النسخ المقلدة، قطع الغيار السياسية التي تباع في الدكاكين السياسية وترمى لتملأ حقها في المشاركة ليس بأكثر من الصورة التي ذكرتها أعلاه.
هل ترجون من قطع الغيار المقلدة سوى مشروع حريق وخسارة بملايين الدنانير؟ ألم يسأل أحدكم نفسه معترضا على واقعنا: ألا يكفينا ضحايا الحوادث المرورية حتى نبتلى بضحايا الصدامات السياسية المتكررة التي تتسبب فيها قطع الغيار المقلدة و«عليمية» السياسة؟