ذعار الرشيدي
اتفقنا مع حماس أو اختلفنا، كنا مع قادتها فيما ذهبوا إليه أو ضدهم، فإن خلافنا أو اتفاقنا لابد أن نضعه على آخر رفوف اهتماماتنا ونحن نشاهد جثث الشهداء الفلسطينيين من «حمساويين» وغير «حمساويين» يتساقطون أمام أعيننا، تفيض أرواحهم على شاشة التلفزيون تحت وطأة الاعتداء الوحشي الإسرائيلي على مسمع ومرأى العالم أجمع.
وأمام هذه الفاجعة الإنسانية التي تنقل على الهواء مباشرة لابد أن تكون اختلافاتنا أو خلافاتنا آخر اهتماماتنا، شباب في عمر الزهور تقطفهم الغارات الإسرائيلية يوميا وعلى مدار الساعة وكأنها آلة للموت تعمل 24 ساعة، أمهات تفجع وزوجات ترمل وأطفال تيتم، غارات تزرع الرعب يوميا، والجامعة العربية تكتفي باجتماع وزراء الخارجية، وما نريده فعلا هو قطع حقيقي لكل ما يمت لإسرائيل بصلة من جميع الدول العربية ليس من مبدأ وصف إسرائيل عدوا بل بصفتها ترتكب مجزرة إنسانية بحق بشر من لحم ودم، ويجب على الدول العربية التي ترتبط مع علاقات مع إسرائيل سحب سفرائها وطرد السفراء الإسرائيليين كأبسط أنواع التعبير عن رفض ما تفعله إسرائيل في غزة، ولكي تثبت الدول العربية جديتها في العمل لوقف هذا العدوان عليها جميعا أن تنطلق من مبدأ إنساني خالص وليس من مبدأ قومي ولا ديني، وأن تقوم وعلى أعلى المستويات بالتحرك ديبلوماسيا لعرض القضية أمام جميع المحافل الدولية كهم إنساني أولا والدفع لتفعيل التحركات عبر تكوين كتلة عمل متحدة من جميع الدول العربية والإسلامية بل الاستعانة بدول غربية ولاتينية.
حتى تعرفوا كيف يفكر الإسرائيليون من هذه الناحية، التقيت بداية الشهر في بروكسل أحد المحللين السياسيين في جريدة هآرتس الإسرائيلية والذي لم ألتقط سوى اسمه الأول وهو أومير وقال لي شارحا وجهة نظره بل وجهة نظر الإسرائيليين جميعا كما فهمت منه لما يجب أن يحدث لغزة : «لابد من توجيه ضربة يسمع بها العالم أجمع فلم نعد نحتمل»، هكذا يفكر الإسرائيليون وهكذا يقودون شعبهم للتفكير في أن حصاد أرواح الأبرياء يطيل أعمارهم.
في اليوم الأول ضحايا بالمئات بين شهداء وجرحى، وتوقف العالم ليتفرج أولا ثم يندد ويستنكر، وعندما قتل 6 إسرائيليين في تفجيرات مومباي والتي حصدت نحو 155 قتيلا أقامت إسرائيل الدنيا ولم تقعدها واتهمت الهند بأنها تسببت في مقتل مواطنيها الستة رغم أن الهند كانت ضحية للإرهاب، على الجانب الآخر ورغم رفضي الشديد لتفجيرات مومباي أيا كانت جنسية أو عرق الذي إصابته تلك التفجيرات الغادرة في الهند إلا أن ردة فعل العالم تجاه ما حدث في مومباي كان مبالغا فيه أمام ردة فعله تجاه ما يحصل في غزة والحصد اليومي للأرواح البريئة.
القصة اليوم ليست «حماس» و«فتح»، ولا قصة عرب وعجم، ولا هي قصة غرب وشرق، بل القصة إنسانية في الدرجة الأولى.
آخر الحديث:
اللهم ارحم شهداء غزة واشف الجرحى وألهم ذويهم الصبر والسلوان، فلا نملك سوى الدعاء.