ذعار الرشيدي
أدخل على موقع «اليوتيوب» وأكتب كلمة «كويت» وأستمتع بتصفح مقاطع الڤيديو التي تحمل العجب العجاب، وكأن البعض في الكويت قرر أن ينقل حروبه غير المعلنة صحافيا إلى الفضاء الافتراضي ليشعلها هناك، فلا رقيب ولا حسيب سوى الرقابة الأخلاقية التي يتمتع بها صاحب مقاطع الڤيديو كليب التي يبثها عن بعض من رموز الكويت السياسية، ويبدو أن أصحاب كثير من تلك المواقع لا أمل لهم سوى بث مثل تلك المقاطع التي تستهدف أعضاء مجلس أمة ووزراء.
واطلعت على أكثر من 80 مقطع ڤيديو كليب على «اليوتيوب» جميعها تطعن وبطريقة مهينة في عدد من الرموز السياسية الكويتية، تتهمهم بأبشع وأقذع التهم وبطريقة تصوير مخرجة بطريقة سيئة تصاحبها أغان أقل ما يمكن أن توصف بها أنها سطحية وسخيفة، ورغم كثرة تلك المقاطع التي تسيء لأعضاء مجلس أمة وسياسيين حاليين وسابقين، إلا أن المتصفح لهذه المقاطع يكتشف أن وراءها أشخاصا محددين، حيث ان جميع تلك المقاطع صنعت بالطريقة الإخراجية ذاتها وبذات نبرات الأغاني، ولا تستهدف سوى سياسيين محددين دون غيرهم رغم امتلاء الساحة السياسية الكويتية بمن هو أحق بمثل هذه المقاطع النقدية السيئة السمعة.
وما اكتشفته من خلال جولة على «اليوتيوب» الكويتي أنه يمكنك أن تكتشف الشرفاء من خلال تتبع تلك المقاطع، حيث يبدو لي، والعلم عند الله، أن رموز الفساد أو أذيالهم هم من يقفون وراء إنتاج وبث تلك المقاطع وتشجيع أصحابها على بثها كنوع من الحرب على الشرفاء، غير أن تلك المقاطع التي تسيء لأعضاء نحترم عملهم وأداءهم البرلماني جاءت بنتيجة إيجابية لهم، وهي أنها كشفت أن رموز الفساد في البلد قلت حيلتهم وبدأوا يلجأون إلى حيل المراهقين الذين لا يجيدون سوى فضح الفتيات على الإنترنت.
لهذه المقاطع جانب إيجابي أيضا وأهم ما فيه أنك إذا أردت أن تعرف الشرفاء في هذا البلد فما عليك سوى التوجه إلى «اليوتيوب» واكتب كلمة «كويت» لتعرف أن أغلب من تمت مهاجمتهم عبر تلك المقاطع هم الشرفاء أو على الأقل الأكثر نقاء والأقل فسادا من أولئك الذين أطلقوا خفافيشهم «اليتيوبية» لتنهش في أعراض الآخرين.
على جانب مهم ليس من حقي أن أدعو ولا من حق أي أحد أن يدعو لحجب «اليوتيوب» فقط لأنه تعرض لشخصية ما بطريقة مهينة، كما أنه ليس من حق أي نائب من نواب مجلس أمة أن يدعو لفرض رقابة على المدونات، حتى ولو كان فيها ما يسيء، لأنها في النهاية رأي، وممارسة الحق في إبداء الرأي لا يمكن لأحد أن يحجرها على الناس، وإذا أراد أعضاء مجلس الأمة أن يشرعوا قانونا فليكن نحو مزيد من الحريات لا مزيد من التضييق عليها، والمدونات أغلبها آراء تخرج من رحم الشارع، آراء قد تضيق بها وسائل إعلامنا أو حتى صدورنا في الدواوين لذا من حق شاب في العشرين أن يذهب ويفتح كومبيوتره ويدخل على مدونته ويكتب رأيه دون خوف من أحد حتى ولو استخدم اسما مستعارا في ذلك، المهم أن يخرج رأيه من صدره، أعجبنا أم لم يعجبنا هذا شأننا نحن القراء والمتابعين، فقد انتهى دوره بكتابة وتدوين رأيه ويأتي دورنا نحن لنأخذ به أو نرفضه لا أن نراقبه أو نفرض عليه قانونا يحد من حريته في إبداء رأيه في تلك المساحة الضيقة جدا المسماة بـ «المدونة» التي وجد بها كثير من شبابنا الكويتي حديقة خلفية متاحة في مشهدنا الإعلامي الذي بدأ يضيق بالرأي الآخر مؤخرا.
رسالة إلى أعضاء مجلس الأمة:
إن كان البعض قد هاجمكم من ذيول الفساد في «اليوتيوب» أو غيره فصدقوني نحن نعلم أين تكمن الحقيقة ولا يمكن تضليل شعب كامل ببعض مقاطع ڤيديو «لا تودي ولا تجيب» فنحن نعلم من هو الفاسد والمتنفع ومن هو الأقل فسادا ومن هو نظيف اليد، فلا تتورطوا بالدفع بقانون لمراقبة المدونات أو الإنترنت، فهذا هو الفخ الذي يريد رموز الفساد لكم أن تقعوا فيه، لأنه وبعد تشريع مثل هذا القانون سيكون من الصعب على شباب المدونات وغيرهم من فضح رموز الفساد بعد أن تكونوا قد منحتموهم كارت «خروج من السجن» كما في لعبة المونوبولي وهي اللعبة التي يبدو أن رموز الفساد يجيدونها جدا.