ذعار الرشيدي
كيف يقتلونك في مستشفى الجهراء؟
إجابة هذا السؤال لا تحتاج إلى خبير طبي ولا إلى كونسولتو طبي ولا إلى ذكاء مفرط، فكل ما في الأمر هو أن يقودك حظك السيئ والسيئ جدا لأن تصبح نزيلا في ذلك المستشفى حتى تكتشف الحقيقة المرة من خلال ذلك ومن أول حبة دواء تصرف لك، بل ومنذ أول إبرة مغذي تعطيها لك الممرضة «ملاك الرحمة» بعد أن تحولت بعض الممرضات إلى شياطين إهمال لتصبح عروق يديك سوداء سواد الكحل بسبب أن غالبية الممرضات لا يجدن فارقا كبيرا بين وضع إبرة في عرق مريض أوفي عرق بطاطا.
وسأورد حالتين فقط حدثتا في أسبوع واحد، والأسبوع الماضي تحديدا، الأولى لمواطنة دخلت تعاني من خلل في أنزيمات الكبد، وبدلا أن يتم فحصها كما يحصل في مستشفيات العالم، ألقيت لأكثر من 24 ساعة تحت حجة أن نتائج فحوصاتها لم تظهر بعد، وخلال تلك الفترة وقبل أن تخرج نتيجة فحص واحدة تفتق ذهن الطبيب وصرف لها حبوبا للضغط، وهي من أخطر أنواع الحبوب في حال تم استخدامها بطريقة خاطئة، وبدلا من أن يقوم بصرف 3 حبات فقط وهي الجرعة القصوى قام بصرف 6 حبات يوميا لها، ولولا لطف الله بها ومن ثم انتباه ابنتها التي كانت ترافقها لقتلتها الحبوب، وعندما تحدث أفراد عائلتها مع الطاقم الطبي حول هذا الخطأ القاتل، كانت إجابتهم كالتالي: «انتوا راح تكونون أفهم من الطبيب».
طبعا لن يكون أفراد عائلة المريضة أكثر فهما من الطبيب ولكنهم يعرفون حق المعرفة عندما يجدون طبيبا حقيقيا وآخر لا يعرف الفرق بين البنادول وحبوب منع الحمل، ولكنهم يعرفون كما أن هناك سائقا ماهرا وآخر «غشيما» أن هناك طبيبا ماهرا وطبيبا «غشيما» ألقى بغشماته في مستشفى الجهراء.
الحالة الأولى لم تلق أي اعتذار من أي شخص وكل ما في الأمر أنهم قالوا «حصل خير»، روح كادت تزهق بخطأ طبيب غشيم وطاقم طبي في الجناح السابع عشر نفذ تعليماته دون حتى مراجعة، رغم علمهم بحجم الخطأ.
الحالة الثانية لمريضة مسنة أدخلت المستشفى مصابة باختناق، وتركت على السرير لأكثر من 3 أيام وطبيب الجناح المعالج يعاينها ويكتفي بإعطائها «مغذي»، ورغم أن المريضة مصابة بورم أدى إلى انسداد مجراها التنفسي والبلعوم إلا أنه كان يقول: «معليش أنا دكتور وفاهم» حتى كادت تلك المريضة تلقى حتفها بسبب «فهامية» الطبيب الزائدة عن الحد، لولا تدخل استشاريين فرنسي وكويتية بالصدفة فاكتشفا الخطأ الفادح في التعامل مع الحالة وقاما بإصلاح خطأ الطبيب المدعو «معليش».
ما هاتان الحالتان سوى نموذجين فقط من ملف كبير اسمه الأخطاء الطبية القاتلة التي تزخر بها مستشفياتنا، الأمر بحاجة إلى لجنة لإعادة تقييم الأطباء جميع الأطباء العاملين في المستشفيات.
أتذكر أنه عندما كنت أغطي انتخابات 2008 التقيت الوزير روضان الروضان في ثانوية عبدالله العتيبي وباركت له بعد أن أعلنت النتائج الأولية فوزه بمقعد في الدائرة الثالثة رغم أن الفرز لم يكن قد انتهى بعد، ولو كنت أعلم أنه سيصبح وزيرا للصحة لحظتها لقلت له: «أرجو أن يكون أول قرار لك هو إعادة غربلة الجسد الطبي كاملا قبل أن تفكر بإعادة الهيلكة».
أما الأمر الذي يثير استغرابي فهو صمت جمعية الأطباء عن مثل إعلان وجود هذا الكم الكبير من الأخطاء الطبية أو حديثها على استحياء، ولاشك أن من واجب الجمعية الدفاع عن أعضائها ولكنه دفاع محدد بمدى الصواب لا بالسكوت عن هذه الفوضى التي تعصف في المستشفيات وتترك أرواح البشر معلقة بحبوب ضغط تودي «صليبخات».