ذعار الرشيدي
في وضع سياسي متأزم كالذي نشهده يأتي دور العقلاء، الذين لم تسمح لهم مساحات جنون الفوضى السياسية من الحضور بشكل فاعل خلال الفترة الماضية بسبب سباقات الاستجوابات الماراثونية التي شارك فيها أكثر من عضو مجلس أمة وسط سجال تصريحات فاقت المتوقع ولكنها حتى وإن أزعجت البعض منا تبقى في أطر الحراك السياسي وإن بلغ درجة الغليان الذي يمكن أن يؤدي في النهاية إلى.. الحل.
وبتدخل العقلاء في اليومين الماضيين توقفت حدة التدهورات السياسية أو بالأصح خفت حدتها كثيرا، وخاصة أن العقلاء قاموا بإيصال رسائل واضحة إلى المعنيين من كافة الأطراف بأن الأمر لا يسير في صالح البلد وعملوا على تهدئة النفوس بطريقة سليمة بعيدا عن الأضواء الإعلامية الكاشفة التي تجعل «من الحبة قبة»
ولكن لابد أن نعي أيضا ان الاستجوابات حق لأي نائب، ولا يمكن لأحد أن يحجر على أي نائب حقه، فالنواب الأفاضل د.فيصل المسلم ومحمد هايف بالإضافة إلى نواب «حدس» لم يفعلوا سوى ممارسة حقهم الدستوري، وسواء اختلفت معهم أم اتفقت فيما ذهبوا إليه تبقى نقطة مهمة جدا أن الحقوق الدستورية لا تؤخذ بالتقسيط فإما أن تقبل بالدستور كاملا بمواده كلها أو أن تتوقف عن الأخذ به، فلا يمكن أن تقبل بمواد وترفض أخرى فليس الدستور «بيع تجزئة» كما يريد البعض أو يريدنا أن نؤمن بمفهوم التجزئة الدستورية، كما أن الدستور لا يقبل «التقسيط».
ما حصل حق، ولكن على الجانب الآخر للحكومة كل الحق في أن تلجأ لكل الوسائل المشروعة قانونا لمواجهة تلك الاستجوابات، سواء بإحالتها إلى المحكمة الدستورية أو طلب تأجيلها أو حتى تفنيدها إعلاميا، فبالنهاية الحكومة هي السلطة التنفيذية التي تم توجيه الاستجوابات الى رئيسها ومن حقها أن تدافع عن نفسها في مواجهة تلك الاستجوابات.
وأكثر ما أثار العجب في اليومين الماضيين أيضا هو رفض البعض أن يعقد بعض أبناء الأسرة الحاكمة اجتماعا تشاوريا لبحث ما يحدث على الساحة، والحقيقة أن ذلك من حقهم ولأسباب أكثر منطقية من كروية الأرض.
فإذا كانت القبيلة بنوابها ووجهائها تجتمع إذا ما وجه استجواب لأحد أبنائها من الوزراء، والتيار السياسي يجتمع بكامل هيئته التنفيذية وغير التنفيذية لمواجهة الاستجواب الذي يستهدف الوزير المنتمي إليــه ذلك التيار، أفلا يحق لأبناء الأسرة الحاكمة أن تجتمع خاصة أن أحد أبنائها يواجه 3 استجوابات ماراثونية، هنا وكما أن الدستور لا يقبل القسمة ولا التجزئة فالمنطق أيضا لا يقبل القسمة، فكما من حق أبناء القبائل التشاور وحق التيارات السياسية أن تجتمع لمواجهة اي استجواب يوجه لأحد أفرادها فمن حق أفراد الأسرة الحاكمة أن تجتمع وتناقش الأمر، إلا إذا كان الرافضون لذلك يؤمنون بمثل «حلال علينا حرام عليهم».