لا يتحقق بناء الدولة دون بناء الفرد، عدا ذلك أي حديث عن التنمية هو حديث هش أو بالأصح محاولة بناء ناطحة سحاب فوق مستنقع.
***
بناء الفرد أولا واخيرا، وبعدها تأتي «البنائيات» الاخرى، فالفرد هو المادة الاساسية للدولة، وليس النفط او الارض او الحدود الجغرافية، متى ما عملت الدولة على بناء الفرد فستتحقق التنمية بشكل آلي، دون دراسات ولا خطط ولا مشاريع ولا قوانين او تعديل قوانين لا من داخل مجلس الامة ولا من خارجه.
***
الفرد هو «أس» الدولة، وحجر أساسها، ولا بد ان تكون البداية منه والعودة اليه، وكل الدول التي تجاوزت مرحلة التخلف والحروب التي اصابتها اهتمت اولا بالتعليم، وتحديدا نوعية التعليم، حتى ان دولا متقدمة مثل ألمانيا والنرويج تدفع لمواطنيها «بدل تعليم» حتى ولو كانوا يقيمون خارج أراضيها، ونحن في الكويت صحيح أننا نقدم التعليم المجاني، ولكنه كعملية متكاملة مجرد حشو معلومات للطلبة عبر مناهج «تجريبية» في الغالب، حولت المدارس الى أداة تلقين والطالب الى مجرد مستقبل بيانات.
***
من الكارثة التعليمية التي نعيشها ان طلبة في المرحلة المتوسطة بالكاد «يفكون الخط» والحلول ليست في زيادة ساعات الدوام المدرسي او تقليص العطلة الصيفية، كما يذهب بعض أباطرة التعليم لدينا، بل في اعادة صياغة العملية التعليمية ككل التي تزرع معلومات ولا تزرع قيما مثلا.
***
اصل المشكلة ليس في المناهج وحدها، بل في كون المدرسة اصبحت منشأة غير تفاعلية بالنسبة للطلبة، فهي بالنسبة لهم مجرد حضور وانصراف لا اكثر، او واجب حياتي اعتيادي يؤديه الطالب 8 اشهر في العام، فالطالب يعتبر- وفق مبدأ وزارة التربية- مجرد «موظف صغير» تطبق عليه الاحكام والشروط الجزائية.
***
مشكلة قياديي وزارة التربية كلهم انهم لا يرون في الطالب لبنة بناء مستقبل البلد، بل يرونه مجرد «موظف صغير» سيعمل لديهم وفق قواعد الحضور والانصراف لمدة 12 عاما فقط، وعلى هذا الاساس جاءت المناهج الجديدة بعد العام 2000 ومعها وثيقة الغياب سيئة الذكر.
***
الثورة المستحقة في الكويت الآن هي ثورة كاملة شاملة على النظام التعليمي القائم بمناهجه وأسلوب التدريس والآلية العقيمة التي حولت المدرس، من معلم الى «موظف كبير» يراقب على «موظف صغير»، بل حولت المدرس الى معلم وإداري وموظف حكومي ومشرف اجتماعي ومسجل بيانات، فضاع المعلم وضاع الطالب.
[email protected]