ذعار الرشيدي
سواء اتفقنا أو اختلفنا مع التكتل الشعبي فإنه لابد أن نعترف بحقيقة واحدة هي أن هذا التكتل بأعضائه يستمد قوته من الشارع ومن نهج وإرث وتاريخ رئيس مجلس الامة والنائب السابق أحمد السعدون الذي أعتقد أنه لو قام بترشيح نفسه في أي دائرة من دوائر الكويت فسينجح.
وسياسي كأحمد السعدون يستمد قوته من الشارع لأنه صدق معه ولم يخلف يوما في وعوده ولم يحد عن قناعاته منذ أكثر من 34 عاما قضاها بين دهاليز السياسة في الكويت.
وفي اللقاء الشامل الذي أجراه الزميل مدير التحرير محمد الحسيني مع بوعبدالعزيز هذا الاسبوع، وجدنا أن السعدون على مواقفه لم يتغير ولم تتبدل قناعاته ولم يحد عن الطريق الذي اختطه لنفسه في تيار «المعارضة لتحقيق الصالح العام» وليس «المعارضة لأجل المعارضة» كما يعمل البعض.
عندما يتحدث شخص قضى أكثر من 3 عقود في العمل السياسي فلابد أن نصغي إليه وأن نترك للعقل مساحة للاستماع دون ظلال فئوية أو أيديولوجية أو طائفية وهي التي لم يستظل تحتها العم بوعبدالعزيز يوما.
لقاء بهذا الحجم ومع شخصية بهذا البعد التاريخي كان لابد أن تخرج على الأقل بشيء من نفس الرفض إلا أن حديثه الشديد الاتزان وإجاباته المنطقية على أشد الأمور حساسية كبحا كل من كان يريد أن يصطاد في الماء العكر في وقت أصبح الاصطياد في الماء العكر هواية لبعض أدعياء الكتابة.
لقد قال خلال اللقاء، الذي نشرته «الأنباء» على جزأين الاثنين والثلاثاء الماضيين، ما نريد جميعا قوله وهو الرفض التام لأي محاولة للمساس بالمكتسبات الشعبية خاصة الدستور، وجاء صوت السعدون قويا هادرا كعادته في رفضه خلال اللقاء لأي محاولة للمساس بالدستور وقالها بالحرف الواحد: «ليس هناك ما يسمى بالحل غير الدستوري»، لأنه في الحقيقة هناك إما دستور أو لا دستور.
رأس المعارضة بل ومنظّرها العم بوعبدالعزيز لم ينزل في إجاباته إلى مستوى الخطاب الذي يطلقه البعض اليوم من أدعياء المعارضة الجدد، وتناول بغاية الرصانة دمج ولاية العهد مع رئاسة الوزراء بتأكيده ان ذلك حق مطلق لصاحب السمو الأمير.
وبعيدا عن حالة الإحباط التي يمر بها الشارع الكويتي اكتفى السعدون بالقول انه «مجرد أن تستمر العملية الديموقراطية ويمارس الشعب الكويتي حقه في المشاركة الشعبية فذلك هو ما يسبب ارتياحي»، هذه الجملة التي اختتم بها السعدون حديثه مع «الأنباء» يجب أن يضعها كل كويتي في منزله ويعلقها في ديوانيته بل ويزخرفها، لأنها قمة الإيمان بالديموقراطية التي يريدنا البعض أن نكفر بها وسط أصوات تعالت للأسف بعضها من نواب تدعو لتعليق العمل بالدستور.
نعم يا بوعبدالعزيز يجب ألا نتخلى في أي يوم وتحت أي ظرف عن حقنا في المشاركة السياسية لبلدنا أيا كانت الظروف وأيا كانت المعوقات وأيا كانت الصورة، فمع قتامة الصورة الحالية وضبابية المشهد السياسي اليوم إلا أن الصورة لن تكون أكثر إشراقا يوم يعلق الدستور.
نعم، كيف يريدنا البعض من النواب السابقين والكتاب «النص فهمانين» أن نتخلى عن حقنا في المشاركة الشعبية لمجرد أن هناك «سونامي استجوابات» كان يمكن للحكومات الثلاث السابقة أن تواجهها بالصعود إلى المنصة وينتهي الأمر دون أي خسائر تذكر.
إن دعاة الكفر بالديموقراطية كثروا هذه الأيام وهم قسمان الأول عن دراية وفهم ورغبة في الكفر يدعون إليه ليلا ونهارا وسرا وجهارا ومن تحت الطاولة وفوقها وعن يمينها وشمالها وكأن بهم مسا ترتجف أجسادهم كلما ذكرت كلمة «دستور»، والقسم الثاني هم أشبه ببغاوات تردد ما تسمع دون أن تعي ما تردد من كفر.
جملة «فكونا من المجلس» هي أولى جمل الكفر البواح بالديموقراطية، ودعاتها يريدوننا أن نتخلى عن «حقوقنا» و«مكتسباتنا» فقط لأن الطقس الديموقراطي هذه الأيام «حر وغبار» لا يعجبهم ولا يأتي على هواهم.
أتذكر العم د.صالح العجيري الذي دائما ما يمزح معي قائلا: «ياوليدي حر الكويت وغبارها لازم نتحمله لأن هذا هو قدرنا في هذه الديرة، ألسنا أفضل من بلدان حباها الله بالطقس الجميل.. ومعها الزلازل والبراكين والفيضانات».
هل فهمتم الآن؟
حر الديموقراطية وغبارها أفضل مليون مرة من الانقلاب على الدستور.